فقال الشيخ: اللهم إنك تعلم عجزي عن مواضع شكرك، فاشكر نفسك عني، هكذا قال بعض الشاكرين!
فقال سعيد برجاء: إني في حاجة إلى كلمة طيبة.
فقال في عتاب حليم: لا تكذب!
وأحنى رأسه حتى انتشرت لحيته على صدره وراح مستغرقا، انتظر سعيد صابرا، ثم تزحزح إلى الوراء ليسند ظهره إلى رف من رفوف الكتب، وجعل يتأمل الشيخ الجميل، ولما طال انتظاره سأله: هل من خدمة أؤديها لك؟
فلم يعن بالالتفات إلى قوله، ومضى زمن صامت، وعينا سعيد تتابع طابورا من النمل يزحف بخفة بين ثنيات الحصيرة، وإذا بالشيخ يقول: خذ مصحفا واقرأ!
فارتبك سعيد قليلا، ثم قال بلهجة المعتذر: غادرت السجن اليوم ولم أتوضأ! - توضأ واقرأ!
فقال بلهجة جديدة شاكية: أنكرتني ابنتي، وجفلت مني كأني شيطان، ومن قبلها خانتني أمها!
فعاد الشيخ يقول برقة: توضأ واقرأ! - خانتني مع حقير من أتباعي، تلميذ كان يقف بين يدي كالكلب، فطلبت الطلاق محتجة بسجني، ثم تزوجت منه! - توضأ واقرأ!
فقال بإصرار: ومالي، النقود والحلي، استولى عليها، وبها صار معلما قد الدنيا، وجميع أنذال العطفة أصبحوا من رجاله! - توضأ واقرأ!
بعبوس وقد انتفخت عروق جبينه: لم يقبض علي بتدبير البوليس، كلا، كنت كعادتي واثقا من النجاة، الكلب وشى بي، بالاتفاق معها وشى بي، ثم تتابعت المصائب حتى أنكرتني ابنتي!
Bog aan la aqoon