فقال المخبر: كما قلت أول الأمر، كلمة واحدة لا ثاني لها، وهي المحكمة!
وشعر سعيد بأنه لو تمادى في الغضب لانفجر جنونه، فتسلط على مشاعره بقوة غير طبيعية مذكرا نفسه بأشياء كاد ينساها، وقال بهدوء نسبي: نعم، المحكمة!
فقال بياظة: والبنت كما ترى تعيش في رعاية وراحة!
وقال المخبر في لهجة لم تخل من سخرية: ابحث أولا عن طريق مستقيم تأكل منه لقمتك!
ورغم هذا بدا أنه يسيطر على نفسه أكثر فأكثر، حتى قال: نعم، كل هذا حق، ولا داعي للأسف من ناحيتي، وسأعاود التفكير في الأمر كله، ولا شك أنه خير أن أنسى الماضي، وأن أبحث عن عمل حتى أهيئ للبنت مكانا طيبا في الوقت المناسب.
وساد الصمت دهشة، فتبودلت نظرات مصدقة وغير مصدقة، وكور المخبر قبضته على المسبحة متسائلا: انتهينا؟
فقال سعيد: نعم، ولكني أريد كتبي! - كتبك؟! - نعم.
فصاح عليش: ضاع أكثرها بيد سناء، وسأحضر لك ما بقي منها.
وغاب الرجل برهة ثم عاد حاملا على يديه عامودا متوسطا من الكتب، فوضعه وسط الحجرة، وقام سعيد إلى المجموعة فتناول كتابا إثر آخر وهو يقول بأسف: ضاع أكثرها حقا!
وضحك المخبر متسائلا: من أين لك هذا العلم؟
Bog aan la aqoon