أَو ألقتها الرّيح لَا يضمن فَإِن لم يكن لَهُ حق الْمُرُور فِي ذَلِك الْموضع فَالْجَوَاب على التَّفْصِيل إِن وَقعت مِنْهُ شرارة يضمن وَإِن هَب بِهِ الرّيح لَا يضمن وَهَذَا أظهر وَعَلِيهِ الْفَتْوَى
حداد ضرب حَدِيدَة على حَدِيدَة أُخْرَى محماة فطارت شرارة من ضربه فَوَقَعت على ثوب انسان فَاحْتَرَقَ ثَوْبه ضمن الْحداد وَذكر الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى إِذا جلس الْحداد فِي دكانه وَاتخذ فِي حانوته كورا يعْمل بِهِ والحانوت إِلَى جَانب طَرِيق الْعَامَّة فَأخْرج حَدِيدَة من كوره وضربها بِمِطْرَقَةٍ فتطاير شِرَارهَا فقتلت رجلا أَو فقأت عين انسان أَو أحرقت شَيْئا أَو قتلت دَابَّة كَانَ ضَمَان مَا تلف بذلك من المَال على الْحداد ودية الْقَتْل وَالْعين تكون على عَاقِلَته وَلَو لم يدق الْحداد وَلَكِن احتملت الرّيح بعض النَّار من كوره أَو الْحَدِيد المحماة فأخرجتها إِلَى طَرِيق الْعَامَّة فقتلت انسانا أَو أحرقت ثوب انسان أَو قتلت دَابَّة كَانَ هدرا
وَفِي فَتَاوَى رشيد الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو رش المَاء فِي الطَّرِيق فَسَقَطت بِهِ دَابَّة أَو انسان ذكر فِي الْكتاب أَنه يضمن مُطلقًا قلت وَهَذَا الْجَواب فِي الدَّابَّة يجْرِي على إِطْلَاقه أما فِي الْآدَمِيّ فَإِنَّهُ إِذا رش كل الطَّرِيق بِحَيْثُ لَا يجد طَرِيقا يمر فِيهِ فَإِنَّهُ يضمن الراش وَإِلَّا فَلَا وَمِمَّا يُؤَيّد مَا قُلْنَاهُ مَا ذكره أَبُو الْحسن الرستغنى فِي فَوَائده أَنه لَو لم يَتَعَدَّ فِي الرش ورش كَمَا يرش النَّاس عَادَة لدفع الْغُبَار لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِجِنَايَة وَإِن تعدى بالرش ضمن
وَفِي الْمُحِيط من حفر بِئْرا وسد رَأسهَا فَفتح آخر رَأسهَا فَإِنَّهُ ينظر إِن كَانَ الأول كبسها بِالتُّرَابِ أَو الطين بِمَا يكبس بِهِ مثله من أَجزَاء الأَرْض ثمَّ حفرهَا الثَّانِي فَالضَّمَان على الثَّانِي وَإِن كَانَ الأول كبسها بِمَا لَا يكبس بِهِ الْبِئْر عَادَة كالدقيق وَالْحِنْطَة وَنَحْوهمَا فَالضَّمَان على الأول
وَفِي فَتَاوَى ظهير الدّين من حفر بِئْرا فَغطّى رَأسهَا فَرفع آخر الغطاء فَتلف بهَا شَيْء ضمن الأول وَمن حفر فِي أَرض غَيره بِئْرا ضمن النُّقْصَان وَقَالَ بعض الْعلمَاء يُؤمر بالكبس وَلَا يضمن النُّقْصَان وَلَو هدم جِدَار غَيره لَا يجْبر على بنائِهِ وَالْمَالِك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمَة الْحَائِط وَالنَّقْص للضامن وَإِن شَاءَ أَخذ النَّقْص وَقِيمَة النُّقْصَان
وَفِي فَتَاوَى قاضيخان من حفر بِئْرا فِي فنَاء مَسْجِد أَو هدم حَائِط الْمَسْجِد فَإِنَّهُ يُؤمر بالتسوية وَلَا يقْضى بِالنُّقْصَانِ وَكَذَا من حفر بِئْرا فِي فنَاء قوم يُؤمر بالتسوية
الْغَاصِب إِذا حفر بِئْرا فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة ورضى بِهِ الْمَالِك فَأَرَادَ الْغَاصِب طمها لَيْسَ لَهُ ذَلِك عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَهُ ذَلِك سَوَاء ينْتَفع بهَا أَو لم ينْتَفع
وَفِي بعض الْفَتَاوَى رجل نزح مَاء بِئْر انسان حَتَّى صَارَت يابسة لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن صَاحب الْبِئْر غير مَالك للْمَاء وَلَو صب مَاء انسان من الْجب يُقَال لَهُ املأه لِأَنَّهُ ملكه وَالْمَاء من ذَوَات الْأَمْثَال
وَفِي فتاوي ظهير الدّين قطع أَشجَار كرم انسان يضمن الْقيمَة لِأَنَّهُ أتلف غير المثلى وَطَرِيق معرفَة ذَلِك أَن يقوم الْكَرم مَعَ الْأَشْجَار النابتة وَيقوم مَقْطُوع الْأَشْجَار ففضل مَا بَينهمَا قيمَة الْأَشْجَار وَبعد ذَلِك صَاحب الْكَرم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْأَشْجَار المقطوعة إِلَى الْقَاطِع وَضَمنَهُ تِلْكَ الْقيمَة وَإِن شَاءَ أمسك الْأَشْجَار وَدفع من تِلْكَ الْقيمَة قيمَة الْأَشْجَار المقطوعة وَيضمنهُ الْبَاقِي
1 / 282