الْمُحِيل كَانَ لي عَلَيْك لم يصدق وَلم يكن قبُول الْحِوَالَة إِقْرَارا مِنْهُ بِشَيْء لِأَن الْأَدَاء حصل بأَمْره وَذَا مُثبت حق الرُّجُوع فَلَو بَطل إِنَّمَا يبطل بِكَوْن الدّين عَلَيْهِ ووالحوالة قد تكون على غير الْمَدْيُون كَمَا تكون على الْمَدْيُون فَلَا يبطل حق الرُّجُوع بِالشَّكِّ فَلَو قَالَ الْمُحِيل للمحتال كنت وَكيلِي فِي قبض الدّين من الْمُحْتَال عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُحْتَال أحلتني عَلَيْهِ بدين لي عَلَيْك فَالْقَوْل قَول الْمُحِيل مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يَقُول الْمُحِيل اضمن هَذَا المَال عني انْتهى كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ
وَفِي شرح الْوِقَايَة وَتكره السفتجة وَهِي أَن يدْفع إِلَى تَاجر مَالا بطرِيق الْإِقْرَاض ليدفعه إِلَى صديق لَهُ فِي بلد آخر لسُقُوط خطر الطَّرِيق
وَإِنَّمَا سمي الْإِقْرَاض الْمَذْكُور بِهَذَا الِاسْم تَشْبِيها لَهُ بِوَضْع الدَّرَاهِم فِي السفاتج فِي الْأَشْيَاء المجوفة كَمَا تجْعَل الْعَصَا مجوفة ويخبأ فِيهَا المَال وَإِنَّمَا شبه بِهِ لِأَن كلا مِنْهُمَا احتال لسُقُوط خطر الطَّرِيق أَو لِأَن أَصْلهَا أَن الانسان إِذا أَرَادَ السّفر وَله نقد واراد إرْسَاله إِلَى صديقه فَوَضعه فِي سفتجة ثمَّ مَعَ ذَلِك خَافَ خطر الطَّرِيق فأقرض مَا فِي السفتجة إنْسَانا آخر فَأطلق السفتجة على إقراض مَا فِي السفتجة ثمَّ شاع فِي الْإِقْرَاض لسُقُوط خطر الطَّرِيق انْتهى كَلَام صدر الشَّرِيعَة
وَفِي المنبع وَيكرهُ قرض يُسْتَفَاد بِهِ من أَمن الطَّرِيق صورته رجل دفع إِلَى تَاجر عشرَة دَرَاهِم قرضا ليدفعه إِلَى صديقه ليستفيد بِهِ سُقُوط خطر الطَّرِيق وَهُوَ معنى قَوْله وَتكره السفاتج وَهِي جمع سفتجة بِضَم السِّين وَفتح التَّاء وَإِنَّمَا يكره ذَلِك لقَوْله ﷺ كل قرض جر نفعا فَهُوَ رَبًّا وَإِنَّمَا قَالَ وَيكرهُ قرض الخ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَفعه على سَبِيل الْقَرْض إِلَيْهِ فجر نفعا وَهُوَ أَمن الطَّرِيق فَإِنَّهُ حرَام وَالله أعلم
الْفَصْل الْخَامِس
فِي الصُّلْح
الصُّلْح على ثَلَاثَة أضْرب صلح مَعَ إِقْرَار وَصلح مَعَ إِنْكَار وَصلح مَعَ سكُوت وَهُوَ أَن يقر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا يُنكر بل يسكت
وَوجه الانحصار أَن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عِنْد دَعْوَى إِمَّا الْمُدَّعِي أَن يُجيب لدعواه أَو لَا يُجيب فَإِن أجَاب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْجَواب بِالْإِقْرَارِ أَو بالإنكار فَهُوَ الضَّرْب الأول وَالثَّانِي فَإِن لم يجب أصلا فَهُوَ السُّكُوت وكل ذَلِك جَائِز عندنَا
وَقَالَ الشَّافِعِي ﵀ لَا يجوز الصُّلْح مَعَ الْإِنْكَار وَالسُّكُوت
وَصلح الْفُضُولِيّ جَائِز بِأَن يَقُول الْفُضُولِيّ أقرّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ سرا عِنْدِي بأنك على حق فِي دعواك فصالحني على كَذَا وَضَمنَهُ صَحَّ
وَطَرِيق الضَّمَان أَن يَقُول الْفُضُولِيّ صَالح من دعواك على كَذَا على أَنِّي ضَامِن أَو على مَالِي أَو صالحني من دعواك على فلَان على كَذَا وأضاف العقد إِلَى نَفسه أَو مَاله صَحَّ وطولب الْفُضُولِيّ بِالْبَدَلِ ثمَّ يرجع على الْمصَالح عَلَيْهِ إِن كَانَ الصُّلْح بأَمْره كَذَا ذكره فِي البزازي
وَفِي الْوَلْوَالجيّ وَلَا يجوز صلح الدّين بِالدّينِ إِلَّا أَن يكون من جنسه وَهُوَ أَن يكون عَلَيْهِ عشرَة دَرَاهِم
1 / 261