ثم صمت لحظات أخرى وقال: يا أخي أنا مشغول على مرقص أفندي.
وقال رضوان أفندي: وأنا مثلك، لماذا لا نقوم إلى بيته لنعرف سبب غيابه؟ - لقد ذهبت إلى بيته أمس. - هيه، ماذا؟ - لقد ترك البيت. - ماذا؟! - وجدته قد ترك البيت، وقال لي الجيران إنه ذهب إلى مصر الجديدة.
وقال رضوان أفندي في دهشة: مصر الجديدة! لماذا؟! إن بيته هنا أحسن بيوت المنطقة وهو قريب من عمله، وقضى فيه سنوات طويلة. - قرابة عشرين سنة. - فلماذا؟! - والأغرب من هذا أنه ترك البيت لصاحب الملك ولم يطلب مقابل إخلائه شيئا، وحين حاول المالك أن يساومه قال له لا أريد شيئا، وترك البيت. - ألا تعرف عنوانه الجديد؟ - حاولت اليوم أن أترك المكتب لمدة نصف ساعة لأذهب إليه في الوزارة ولكني لم أستطع، كنت مشغولا طول اليوم.
ونظر رضوان إليه مليا، ثم قال: الواقع أنني لم أرد أن أشغلك، لقد ذهبت أنا إلى مكتبه في الوزارة.
وقال الشيخ سلطان في لهفة: هيه، وماذا قال لك؟ - لم أجده، وجدته في إجازة تنتهي غدا. - إجازة، ونقل من الحي، لعله طلب الإجازة ليتفرغ للنقل. - انظر. - ماذا؟ - أليس هذا مرقص أفندي؟ - أين؟ - هذا القادم من هناك. - ماذا؟ ... نعم ... لا ... نعم ... ما هذا؟ ... كأنه خارج من قبر ... ماذا به؟
وقام الرجلان يخفان لاستقبال صديقهما، وأخفى كلاهما المشاعر التي تتماوج في نفسيهما من خوف بثه إليهما منظر مرقص أفندي المتهدم كالصريع، وما إن اطمأنت بهم الجلسة حتى قال الشيخ سلطان: أين أنت؟
وقال رضوان أفندي: لماذا أخذت إجازة؟
وقال مرقص: كنت متعبا بعض الشيء.
وقال الشيخ سلطان: لا، سلامتك.
وقال رضوان: ماذا بك؟
Bog aan la aqoon