191

Linguistic Beauty in Texts from Revelation - Book

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب

Daabacaha

دار عمار للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

عمان - الأردن

Noocyada

لقد وردت في السياق جملة أمور تقتضي هذا الترتيب منها: ١- إنه ذكر أن هذا المفتدي (مجرم) وليس امرءًا اعتياديًا، والمجرمُ مستعدٌّ لِفعْلِ أيِّ شيء لينجو ولو أن يبدأ بأقرب المُقَرَّبين إليه وأحبهم إلى قلبه فيضعه في السعير. وهو لا يهمه أن يفتدي بالناس أجمعين فيضعهم مكانه في أطباق النيران بذنب لم يرتكبوه وإنما ارتكبه هو. ٢- جرى ذِكْرُ القرابات قبل هذا المشهد فقال: ﴿وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ . والحميم القريب، فبدأ بأقرب القرابة وهم الأبناء، ثم انتهى إلى الأباعد وهم من في الأرض عمومًا. ٣- ذكر بعد هذه الآيات أن الإنسان ﴿خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعًا﴾ فلما أدرك المجرم العقاب وأيقن أنه مُواقِعهُ لا مَحالةَ أدركه الهلعُ والجزع، ومن أظهر مظاهر هذا الهلع والجزع أن يبدأ بأقرب الناس وأحبِّهم إليه فيفتدي به. ٤- إن البدء بأقرب الناس وأحبهم إليه وألصقهم بقلبه ليفتدي به، يدل على أن العذاب فوق التصور، وهولُهُ أبعدُ من الخيال بحيث جعله يبدأ بأقرب الناس إليه، وأن يتخلى عن كل مساومة. جاء في (أنوار التنزيل) في قوله تعالى: ﴿يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ﴾: "إن ذلك لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ به إلى حيث يتمنى أن يفتدي بأقرب الناس إليه وأعلقهم بقلبه، فضلًا عن أن يهتم بحاله ويسأل عنها". فرتَّبهن ترتيبًا آخر مبتدئًا بالأبناء فالزوجة فالأخ فالفصيلة، وفيهم الأبوان ثم انتهى بأهل الأرض أجمعين، فلا يبقى أحد غيره.

1 / 195