Light and Darkness in the Light of the Book and the Sunnah
النور والظلمات في ضوء الكتاب والسنة
Daabacaha
مطبعة سفير
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
أخرى غير الروح التي أحيا بها بدنه، وهي روح هدايته للإسلام، ومعرفة الله وتوحيده، ومحبته، وعبادته وحده لا شريك له، وجعل له نورًا يمشي به بين الناس، وهو نور القرآن والإسلام، فهل يستوي هذا بمن هو في الظلمات: ظلمات الجهل، والكفر، والشرك، والشكّ، والغيّ والإعراض، والمعاصي؟ ليس بخارجٍ منها؛ قد التبست عليه الطرق وأظلمت عليه المسالك، فحضره الهمُّ، والغمُّ، والحزن، والشقاء، فنبه ﷿ العقول بما تدركه وتعرفه، أنه لا يستوي هذا ولا هذا، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلمة، والأحياء والأموات، فكأنه قيل: فكيف يُؤثِر من له مسكة من عقل أن يكون بهذه الحالة، وأن يبقى في الظلمات متحيِّرًا؛ فأجاب بأنه ﴿زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾، فلم يزل الشيطان يُحَسِّن لهم أعمالهم، ويُزَيِّنُها في قلوبهم، حتى استحسنوها ورأوها حقًا، وصار ذلك عقيدة في قلوبهم، وصفة راسخة ملازمة لهم (١).
٨ - وقال ﷾: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (٢).
بيّن وأوضح ﷾ أن اليهود والنصارى ومن معهم من المشركين
﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ ونور الله: دينه الذي أرسل به محمدًا ﷺ، وسمّاه الله نورًا؛ لأنه يستنار به في ظلمات الجهل، والأديان
_________
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٢/ ٨٨، ومدارج السالكين، لابن القيم،
٣/ ٢٥٨، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٢/ ١٦٣، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٢٣٤.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٣٢.
1 / 16