إذا كانت الأدوار التي مر بها البشر ثلاثة: دور المعدة، ودور القلب، ودور العقل. فيا ليت البشر يرجعون إلى دور القلب، بل إلى دور المعدة! ذلك خير لهم من أن يصلوا إلى دور العقل الجاف القاسي، بل يا ليت البشر، وقد وصلوا إلى دور العقل، يخلصون من دور القلب فهو موضع الإحساس، وأما أن تكون لنا قلوب تحس، وعقول تهزأ بهذا الحس فما أشقانا!
7
تختم الصلاة على الميت في الكنيسة الأرثوذكسية بنشيد يترنم به قسيس أو غيره بالتحزين باسم الميت يودع به الناس والدنيا، فتنهمل الدموع، وترتفع الزفرات، ويقبل الناس على النعش يمرون من أمامه يتزودون من الميت النظرة الأخيرة، مما تنقلب به الصلاة إلى مناحة.
لا تجد مثل هذا إلا في الكنيسة الأرثوذكسية، بل يترنم أصحاب المذاهب المسيحية الأخرى بترانيم مختلفة، ولكنها أقرب إلى الصلاة منها إلى المناحة، وإذا فكرت وجدت أن الناس في مثل هذه المواقف أحوج إلى المناحة.
لا شك أن الذين وضعوا شعائر المذهب الأرثوذكسي واحتفالاته كانوا أعرف من غيرهم بطبائع البشر، بل كانوا شعراء وموسيقين كبارا، فإن ترانيم الكنيسة الأرثوذكسية لكل حفلة من أبلغ الترانيم وأرقاها، على حين تجد أن ترانيم بعض الكنائس الأخرى بسيطة، وحجتهم أنهم يربأون بصلواتهم أن تكون حفلات موسيقية.
8
لماذا نعيش؟
رأى الناس أن الحياة عبث، فضلا عما يصاحبها من الألم من المهد إلى اللحد، فحاولوا أن يجعلوا لها قيمة ليسلوا نفوسهم، ويهونوا ما يعانون من ألم، فماذا قالوا؟
قالوا: إننا نعيش لنعمر الدنيا.
ما أسخف هذا الرأي! لا عمرت الدنيا إذا كنا نعيش فنتألم فنموت.
Bog aan la aqoon