وأما الصبر الذي تتكلمون عنه فما أقل حظي منه!
إني لأستغرب، وقد خسرت سيدتي أم سري، وهي الجوهرة النفيسة المضنون بها، أن توصوني بالصبر القبيح.
جهلتم وقد يستصغر الأمر جاهله! (20) كأنك خلقت من المسك والذهب المصفى
لم أخترك يا أم سري لأنك أول من لقيت في طريقي، فقد عشت منذ خرجت من المدرسة في جو بهيج كانت أجمل فتيات ذلك العصر وأرقاهن كواكب لامعة فيه.
لم أخترك وأنا غرير لا أفهم الجمال، ولا أدري ما هو، فقد أنفقت أوقاتي على البحث عنه: قرأت الكتب، زرت المتاحف والمعارض وهياكل إلاهات الجمال حيث رأيت الجمال ممثلا: مصورا، أو مسبوكا، أو منحوتا، ولو كانت هناك جامعة، وكان فيها كرسي لإلقاء دروس في الجمال لكنت أجدر من يتبوأ ذلك الكرسي.
لم أخترك وأنا صغير النفس أرضى من الدنيا بالنصيب الأخس، فقد خلقت كبير النفس عزيزها، بل كدت أجاوز الحد في إكبار نفسي وإعزازها.
فإذا اخترتك بعد أن رأيت وسمعت وعرفت ورويت فلأنك كنت فوق ما تحدثني به نفسي، وتتمثله أماني.
الجمال عندي نوعان: جمال شائع وجمال نادر. وقد كنت من ذوات الجمال النادر جملة وتفصيلا، ولو كنت في زمان اليونان القدماء لجعلوك في مكان «أفروديت »، وكأني عملت حين اخترتك بوصية «نيتشه» الفيلسوف الألماني، وهي «تزوج أجمل فتاة».
على أن جمالك لم يكن الشيء الوحيد الذي راعيته في اختياري لك، وإنما هناك جمال نفسك من أخلاق عالية، وآداب رائعة، وثقافة واسعة، وسكينة، ووقار، فكأنك خلقت من المسك والذهب المصفى.
لقد كنت موضع إعجابي واحترامي، وموضع إعجاب كل من عرفك واحترامه. •••
Bog aan la aqoon