ولم يك يخطر في باليه
فيا ليتني كنت في الذاهبين!
ويا ليتها كانت الباقيه! (11) كيف كنت وكيف صرت
كيف قدر لي أنا الذي كنت أوزع السرور توزيعا ذات اليمين وذات اليسار، فلم يكن أحد يلقاني إلا وأنا هاش باش.
أنا الذي كنت أجدد شبابي كل يوم: أستحم بالماء البارد، وأمارس ألعابي الرياضية، وأراعي كل الشرائط الصحية، فكنت أزداد كل يوم قوة ونشاطا وسرورا.
أنا الذي كنت لا أمشي إلا مرحا، ورأسي يكاد يمس السماء سرورا لا خيلاء.
أنا الذي كنت من أسعد خلق الله أينما كنت، وعلى كل حال، حتى في أيام الحرب الكبرى، حين كان الواحد منا لا يخرج من بيته ومن أمله الرجوع، ولا يمسي ومن أمله أن يصبح، في تلك الأيام السوداء التي زرت فيها السجون، محكوما علي بالموت بجريرة غيري، كنت أبث السرور، وأطمئن الخواطر القلقة، وأعزي النفوس المحزونة، وأشجع القلوب المروعة.
كيف قدر لي أن أتلقى هذه الضربة القاضية فيتحول سروري إلى نواح مستمر؟!
ألا! من شاء أن يتعلم الحزن والنواح فليأت إلي. (12) الحزن قديم
يظهر أن الحزن قديم، فما من لغة إلا فيها من ألفاظ الحزن والبكاء شيء كثير. ولعل اللغة العربية أغنى اللغات في هذا الباب. وليس الحزن والبكاء ضعفا، بل أعتقد أن الأمة التي لها قلوب ولا تتأثر لهي أمة ضعيفة قليلة الحيوية، وليس هذا التجلد الذي نتكلفه تكلفا إلا وسيلة إلى قتل الحيوية هذه، وإذا فقدت الأمة حيويتها فأي فرق بينها وبين الجماد؟
Bog aan la aqoon