Letters and Fatwas of Abdul Aziz Al Sheikh
رسائل وفتاوى عبد العزيز آل الشيخ
Noocyada
الشروع في النافلة أم الاشتغال بالأذكار بعد أداء الصلاة الفريضة
س: سماحة الشيخ أيهما أفضل بعد أداء الصلاة الفريضة، الشروع في النافلة أم الاشتغال بالأذكار؟
ج: المسلم في جميع أموره وتصرفاته محكوم بالشرع وعليه تحري السنة فيما يقدم عليه من أمر دينه ودنياه والله تعالى يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (١) والذي ينظر في هدي النبي ﷺ فيما يكون منه بعد السلام من الفريضة يجده ﷺ ينشغل بالأذكار التي تقال بعد الصلاة ولا ينشغل بغيرها من تلاوة كتاب الله ﷿ أو صلاة لنافلة ونحو ذلك يدل على ذلك أحاديث، منها حديث ثوبان ﵁، قال: «كان رسول الله ﷺ إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام (٢)» أخرجه مسلم، وفي رواية يا ذا الجلال والإكرام.
ومنها ما أخرجه الشيخان من حديث المغيرة بن شعبة ﵁ في كتابه الذي بعث به إلى معاوية ﵁ وفيه أن النبي ﷺ كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: «لا إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (٣)» .
وفي صحيح مسلم ﵀ أن ابن الزبير ﵄ كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ولى الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (٤)» وقال - أي ابن الزبير ﵄: «كان رسول الله ﷺ يهلل بهن دبر كل صلاة (٥)» .
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة ﵁ قال: «جاء الفقراء إلى النبي ﷺ فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون، قال: ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين (٦)» الحديث، وهذا لفظ البخاري.
وقد أخبر ابن عباس ﵄ أنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة النبي ﷺ بالتكبير، ومقصوده أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر عقب الصلاة فمن كان في طرف الصف يعلم انقضاء الصلاة بذلك والله أعلم.
فإذا انتهى من الأذكار يقرأ آية الكرسي، والمعوذتين، وقل هو الله أحد، ثم يصلي الراتبة البعدية في الظهر والمغرب والعشاء. هذا هو هدي النبي ﷺ وينبغي لنا أن نتأسى به في أقواله وأفعاله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (٧) .
(١) سورة الحشر الآية ٧
(٢) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩١)، سنن الترمذي الصلاة (٣٠٠)، سنن النسائي السهو (١٣٣٧)، سنن أبو داود الصلاة (١٥١٢)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (٩٢٨) .
(٣) صحيح البخاري الأذان (٨٤٤)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٣)، سنن النسائي السهو (١٣٤١)، سنن أبو داود الصلاة (١٥٠٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/٢٤٥)، سنن الدارمي الصلاة (١٣٤٩) .
(٤) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٤)، سنن النسائي السهو (١٣٤٠)، سنن أبو داود الصلاة (١٥٠٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/٤) .
(٥) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٤)، سنن النسائي السهو (١٣٤٠)، سنن أبو داود الصلاة (١٥٠٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/٤) .
(٦) صحيح البخاري الأذان (٨٤٣)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٥٠٤)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (٩٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٣٨)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٨٨)، سنن الدارمي الصلاة (١٣٥٣) .
(٧) سورة آل عمران الآية ٣١
1 / 146