73

Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish

دروس الشيخ محمد الدويش

Noocyada

وجود الاختلاف في الخير بين الصحابة رابعًا: عندما نتأمل في سيرة أصحاب النبي ﷺ نلمس هذا واضحًا، فالنبي ﷺ يقول: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة). الآن النبي ﷺ يصنف لنا أصحابه، فمثلًا أبو بكر هو أرحم الأمة، وقد كان رجلًا رقيقًا، أما عمر ﵁ فقد كان فيه حدة وشدة، فكان أشد الناس في أمر الله ﷾، ثم هذا أعلمهم بالفرائض، وذاك أقرأهم للقرآن، وهذا أعلمهم بالحلال والحرام، إلى غير ذلك من أبواب الخير. فهكذا كان أصحاب رسول الله ﷺ يتفاوتون، فكل شخص له ميدان ومجال يؤدي فيه دورًا لا يمكن أن يؤديه الآخر، فمثلًا معاذ بن جبل أعلم الأمة بالحلال والحرام هذا لا يعني أنه أفضل من أبي بن كعب مثلًا، وأبي بن كعب أقرأ الأمة ولا يعني هذا أنه أفضل من معاذ، لأن معايير التفضيل معايير أخرى، وحتى تتضح لك الصورة أكثر فإن أبي بن كعب أقرأ الأمة لكتاب الله كما قال النبي ﷺ، فهل يعني هذا أنه أفضل من عمر؟ لا، قطعًا ليس أفضل من عمر، وكذلك ليس أفضل من أبي بكر الصديق ﵁. زيد بن ثابت ﵁ حينما جيء به إلى النبي ﷺ وكان فتى نابغًا فقرأ وحفظ فأُعجب النبي ﷺ بموهبته فأمره أن يتعلم السريانية لغة اليهود فتعلمها ﵁ قيل حدقها في سبعة عشر يومًا أو خمسة عشر يومًا، الآن زيد بن ثابت ﵁ هنا قضى وقتًا في تعلم هذه اللغة، ولا شك أنه قد يأتي قائل يقول: إن هذا الوقت الذي يقضيه في تعلم اللغة يمكن أن يقضيه في قراءة القرآن، وقراءة القرآن أفضل، أو في حفظ حديث الرسول ﷺ، أو في الجهاد في سبيل الله أو غير ذلك، لكن هذا باب خير لا بد أن يُسلك، ومجال لا بد أن يُسد لهذه الأمة، فتصدى زيد ﵁ لهذه المهمة، والنبي ﷺ هاهنا أعطانا درسًا أن كل ميدان من الميادين، وكل مهمة من المهمات يجب أن يقوم في هذه الأمة من يتولاها، وقد تكون مفضولة كما سيأتي لكنها بالنسبة له قد تكون أفضل من غيرها. علي ﵁ سئل عن أصحاب محمد ﷺ؟ فقال: (عن أيهم تسألوني؟ قالوا: عن ابن مسعود قال: علم القرآن والسنة ثم انتهى، وكفى به علمًا. قلنا: أبو موسى؟ قال: صُبغ في العلم صبغة ثم خرج منه. قلنا: حذيفة؟ قال: أعلم أصحاب محمد ﷺ بالمنافقين. قالوا: سلمان؟ قال: أدرك العلم الأول والعلم الآخر بحر لا يدرك قعره، وهو منا أهل البيت. قالوا: أبو ذر؟ قال: وعى علمًا عجز عنه. فسئل عن نفسه؟ فقال: كنت إذا سألت أُعطيت، وإذا سكت ابتديت).

3 / 7