238

Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish

دروس الشيخ محمد الدويش

Noocyada

توضيح اللبس في الاقتداء بالخلق النبوي
السؤال
ذكرت في معرض كلامك أو أنا فهمت ذلك أننا لن نستطيع أن نبلغ ما بلغ الرسول ﷺ بأخلاقه ولا صحابته بقولك: عزاؤنا أن الصحابة لم يبلغوا ما بلغ الرسول ﷺ، أليس كلامك هذا فيه تثبيط للهمم؟ الرجاء توضيح ما التبس، كي يرتد إلينا النفس، ونكون كما كان أنس.
الجواب
لا شك أن النبي ﷺ له منزلة ليست كسائر الناس، ولأصحابه منزلة ليست أيضًا لمن دونهم، لكن هذا لا يعني أن لا نتأسى بهم! ولو طبّقنا هذا لأبطلنا مبدأ التأسي أصلًا في العبادة وفي الهدي وفي كل الأبواب والمجالات لأننا لا نبلغ منزلة النبي ﷺ، ولا يتصور أحد أبدًا أن يبلغ منزلته ﷺ، لكن كوننا لا نستطيع أن نبلغ منزلته لا يعني أن نلغي جانب التأسي.
وهنا شاهد سريع يشير إلى هذا المبدأ: أبو هريرة ﵁ لما كان يذكر شدة جوعه وما يعانيه يقول: (كنت أخر عند المنبر من شدة الجوع فيأتي الرجل فيقرأ عليّ آية من القرآن يظن أن بي مسًا وما بي إلا الجوع) يقول: (بلغ بي الجوع فلقيت أبا بكر ﵁ فسألته عن آية من كتاب الله، ما أسأله إلا ليطعمني فأجابني ثم انصرف، ثم لقيت عمر ﵁ فسألته فأجابني ثم انصرف، ثم لقيت النبي ﷺ فتبسم ﷺ وقال: انطلق) من مِن الناس مثل أبي بكر وعمر ﵄؟ ومع ذلك خفي عليهما أن يدركوا هذا المعنى، ولو أن أبا بكر ﵁ أو عمر أدرك القصد الذي كان يقصده أبو هريرة ﵁ لأطعمه ولا شك.
لكن هكذا الناس مراتب ومنازل ودرجات، والإنسان يسعى قدر الإمكان أن يجتهد ويتطلع لمثل هذا المثل الأعلى، لكن إذا قصرت هممنا وتطلعنا إلى المثل القريب لا نستطيع أن نبلغه، يعني لو وضع الإنسان أمامه قدوة من الناس القريبين منه وأراد أن يسعى إليه فهو قطعًا لن يصل إليه وسيكون دونه، لكن لو كانت قدوته النبي ﷺ وأصحابه فإنه يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه هذا الرجل الذي يراه أمامه ولا تقصر همته.

8 / 24