Lessons from the Prophet's Mosque by Al-Uthaymeen
دروس الحرم المدني للعثيمين
Noocyada
أنواع التوسل الممنوع
أما التوسل الممنوع: فهو أن يتوسل الإنسان بما لم يجعله الله وسيلة، مثل: أن تتوسل بجاه الرسول، وجاه الرسول يعني: المنزلة التي له عند الله، ونحن نشهد ونؤمن بأن أعظم الناس جاهًا هو الرسول ﵊، فإذا كان موسى ﷺ وجيهًا عند الله، وإذا كان عيسى وجيهًا في الدنيا والآخرة؛ فإن محمدًا ﷺ أولى بذلك بلا شك، ولكن ماذا تنفعني وجاهته عند الله؟ لا تنفعني؛ لأن وجاهته عند الله إنما هي منزلة جعلها الله له، أي لنفس الرسول ﵊، فهو لا ينفعني، ولهذا نقول: من توسل إلى الله بجاه الرسول فقد شبه الله بخلقه، لماذا؟ لأنه لا يتوسل بالجاه إلا لدى المخلوقين، أنا مثلًا أجد هذا الرجل له منزلة عند شخص من الناس، وأقول: أتوسل إليك بجاه فلان، أو أسألك بجاه فلان للرجل، أما عند الله ﷿ فلا، لا تنفع الوجاهة إلا من جعلها الله له، أما بالنسبة لغيره فلا تنفعه.
ولهذا قال النبي ﷺ وهو ينادي الأقربين من أقاربه: (يا فاطمة بنت محمد! لا أغني عنك من الله شيئًا) وفاطمة بضعة منه، ومع ذلك لا يغني عنها من الله شيئًا، ولو كان الرسول وجيهًا عند الله ﷿ فإنه لا يغني شيئًا عند الله.
ومن الشفاعة الممنوعة: ما ادعاه المشركون من قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر:٣] فهم يدعون أنهم يعبدون الأصنام من أجل أن تقربهم إلى الله، سبحان الله! هل هذا يقرب إلى الله أو يبعد؟ يبعد من الله، ولا يمكن أن تتقرب إلى الله بمعصيته إطلاقًا، ولهذا لو أن إنسانًا أراد أن يقوم ويصلي بعد صلاة العصر نفلًا مطلقًا لا سبب له، هل هذا يقرب إلى الله؟ لا يقرب إلى الله؛ لأنه محرم؛ مع أنها صلاة عبادة يقوم الإنسان فيها لله ﷿، يكبر الله ويتلو كتابه، ويركع ويسجد، ومع ذلك نقول: هذا الرجل لا تقربه صلاته لله؛ لأنها معصية، فلا يمكن أن يتقرب الإنسان إلى الله بمعصية إطلاقًا، فهؤلاء المشركون الذين يقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر:٣] نقول: هؤلاء ضالون؛ لأن عبادة الأصنام لا تقرب إلى الله بل تبعد من الله ﷿.
2 / 4