Lessons from the Migration - Attia Salem
دروس الهجرة - عطية سالم
Noocyada
دروس من وقاية الله لرسوله ﷺ وأبي بكر في غار ثور
هناك حدثان: أحدهما مع أبي جهل والآخر في بني إسرائيل: أما الحدث الذي مع أبي جهل والرسول ﷺ في مكة: أنه جاء رجل من اليمن بتجارة قماش، وأخذ يبيع للناس، فباع لـ أبي جهل نسيئة، وذهب إليه ليعطيه الثمن فجحده، فجاء إلى نادي قريش وقال: يا قوم!! خلصوا لي حقي، قالوا: لا نقدر.
قال: دلوني على من يقدر؟ فدلوه على رسول الله ﷺ سخرية؛ ولأنهم يريدون الوقيعة بالنبي ﵊.
فذهب واشتكى إلى رسول الله ﷺ، فقام وذهب معه إلى أبي جهل، وطرق عليه الباب، فخرج إليه ورحب به ﵊ وقال: ماذا تريد يا محمد؟ فقال ﵊: أعط هذا الرجل حقه، فدخل البيت وأعطى الرجل حقه، وذهب اليمني وقال لمن دله على النبي ﵊، نِعم من دللتموني عليه! فقد أعاد لي حقي.
فلما سألوا أبا جهل عن سبب ذلك قال: والله لو رأيتم ما رأيت ما تكلمتم بكلمة، والله ما إن طرق محمد عليّ الباب إلا كاد قلبي أن ينخلع، فلما خرج ونظرت إليه وجدت عند كتفيه فحلين عظيمين كل منهما فاتح فاه يريد أن يلتقمني، سبحان الله! فالله يؤيد بنصره من يشاء.
ولنرجع إلى الغار: فهؤلاء القوم جاءوا بصدور حاقدة وسيوف مصلتة بأيديهم يطلبون ثأرًا لهم، لأنه تحداهم وسخر منهم عندما وضع التراب على رءوسهم، وعند فم الغار لم يكن هناك فحلان أو غير ذلك، إنما كان هناك عنكبوت، ليؤكد الله لهم أنهم أضعف من العنكبوت، وقيل في تحليل هذه الأمور: إن نسج العنكبوت كان مثالًا لضعفهم، والنبت المتدلي كان رمزًا إلى النبت والجناء والزرع والغرس والخير والزيادة، والحمامة دليل رحلة السلام، وأما الفرخ الذي داخل البيضة لكأنه يقول: لا زال الإسلام في البيضة، وغدًا ستنكسر البيضة، ويخرج الفرخ، فيحلق بجناحيه ويطير حيث شاء.
الحدث الثاني: ما أخبر به ﷺ عن ثلاثة من بني إسرائيل خرجوا فآواهم المبيت إلى غار فلما دخلوا الغار وإذا بصخرة تقع على فم الغار وتسده، ولم يستطيعوا الخروج، وقاموا يتوسلون بصالح أعمالهم، فأولهم الذي توسل بالأمانة في حق الأجير، وثانيهم: الذي توسل ببر الوالدين، وثالثهم: الذي توسل بالعفة عن الحرام، والصخرة تنزاح بعد كل توسل شيئًا فشيئًا حتى خرجوا.
أما كان من الممكن إنزال صخرة تسد فم الغار أمام المشركين، لكن لم يحدث شيء من ذلك، بل ردهم نسيج العنكبوت.
5 / 10