150

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Noocyada

قصة إسلام ثمامة بن أثال إن ثمامة بن أثال كان سيد بني حنيفة، كانت كلمته مسموعة، كان ذاهبًا إلى العمرة مشركًا، وقد كان يبغض النبي ﷺ، فما من وجه أبغض إليه من وجهه، وما من بلد أبغض إليه من بلده، وما من دين أبغض إليه من دينه كما قال ثمامة، فلما أسرته خيل المسلمين أتي به إلى رسول الله ﷺ، فربطه في سارية من سواري المسجد، والرسول ﷺ يعرف قدر ثمامة وربطه عمدًا؛ وجعله على ذلك ثلاثة أيام لكي يرى الإسلام في مجتمع ومسجد النبي ﵊، هذا المكان المبارك المشرف المعظم الذي هو بيت التقوى، قال تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ [التوبة:١٠٨]، فأراد النبي ﷺ أن يرى مجتمع المسلمين؛ ليعرف حقيقة الإسلام، فربطه في المسجد في سارية، ثم قال له: (ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تمنن تمنن على شاكر، وإن تسأل المال تعط منه ما شئت) أي: إذا قتلتني سوف تقتل رجلًا تفرح بقتله، وإن مننت علي فأطلقتني فأنا أشكر ذلك، وإن تسأل المال تعط منه ما شئت، فتركه النبي ﵊ وجاءه في اليوم الثاني فقال: (ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قلت لك يا محمد)، لكنه بدأ بقوله: إن تمنن تمنن على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن تسأل المال تعط منه ما شئت، وكأنه وجد أن المن أقرب، وفي اليوم الثالث قال له النبي ﷺ مثل ذلك وأجابه ثمامة مثل ذلك، فقال النبي ﷺ: (أطلقوا ثمامة)، ثلاثة أيام غيرت حياة ثمامة بالكلية، وانطلق حرًا إلى أقرب بستان فيه ماء فاغتسل ورجع وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ﷺ، وقال: يا رسول الله! والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح أحب الدين إلي، وما كان من وجه أبغض إلي من وجهك فأصبح أحب الوجوه إلي، وما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح أحب البلاد إلي، وإن خيلك أسرتني وأنا أريد العمرة، فأمره النبي ﷺ أن يعتمر، فلما كان يطوف بالبيت قال له المشركون: صبأت يا ثمامة؟ قال: بل آمنت مع محمد ﷺ، ووالله لا تأتيكم حبة من اليمامة من القمح حتى يأذن رسول الله ﷺ، وهكذا تغير ثمامة بن أثال رضي الله تعالى عنه تغيرًا تامًا لما رأى حياة المسلمين في المسجد حياة عبودية لله ﷾، وبالتأكيد كان لا يدري بذلك؛ ولذلك فعلًا دخل الجنة من خلال الأسر ومن خلال السلاسل التي ربط بها في مسجد النبي ﵊. إذًا: العبودية لله ﷾ الإنسان يحتاج إليها، ويجد اللذة فيها أكثر من حاجته إلى الهواء وأشد من لذته للطعام والشراب لو قام بها على الوجه السليم.

13 / 7