120

Lessons by Sheikh Saud Al-Shuraim

دروس للشيخ سعود الشريم

Noocyada

سنة الله في التغيير
أيها الناس: إن في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ما يكشف أسباب الانكسار، ويبرز دواعي الانشطار الذي يصيب المسلمين -بعامة- بين الحين والآخر، ومثل هذا لا يُعد بدعًا في أمم الإسلام دون غيرها من الأمم، فقد بين الله في محكم التنزيل ما يدل على سنته في الناكصين والظلمة والمتسللين عن دينهم لواذًا في كل زمانٍ ومكان: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال:٥-٥٣]، ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى:٣٠] ومع هذا كله فإن الباري -جلَّ شأنه- بَرٌّ بعباده، رحيم بهم، يمن عليهم بفضله ورحمته، ويصبغ عليهم ستره ونعمته، ويصبحهم ويمسيهم بالتوفيق والبركة، في الحلم والرفق، غير أن كثيرًا من المجتمعات قد تحسن الأخذ ولا تحسن الشكر، تمرح بالنعم ولا تقدر الله حق قدره، ومثل هذا الاستغفال حين يبلغ مداه إضافة إلى الإصرار عليه، والإحساس بإمكانية الاستقلال دون تصحيحٍ أو محاسبة نفسٍ، فحينئدٍ تدق قوارع الغضب أبواب الأمم، فتظلم الوجوه بهزائم الدنيا، وتجرع الخوف فيها قبل حساب الآخرة ونكالها، والله جلَّ وعلا لا يبدل أمن الأمم قلقًا، ولا رخاءها شدةً، ولا صحتها سقمًا، ولا عزها ذلًا، من باب الظلم لهم، أو التشفي بهم، كلا.
فإن الله واحدٌ لا يتغير، ولكن الناس هم الذين يتغيرون، كما أن الله عادلٌ لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد:١١] .

13 / 9