Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
Noocyada
علاج الرياء
وكذلك فإن من أقدح القوادح في الإخلاص الرياء؛ والرياء مراتب ودرجات: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ الشرك الخفي) وفي رواية: (يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر قالوا: وما شرك السرائر يا رسول الله؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدًا لما يرى من نظر الرجل) وفي رواية: (لما يرى من نظر الناس إليه فذلك شرك السرائر) تحسن صلاتك لأن الناس ينظرون إليك، لو ما نظر إليك أحد ولا كان بجانبك أحد ما طولتها هذا التطويل ولا حسنتها هذا التحسين، وهذا هو الرياء، يرائي الناس بطلب رؤيتهم ليمدحوه.
وفي علاج الرياء هناك علاج علمي وعلاج عملي، من العلاج العلمي: أن تعلم ما هو عذاب المرائين يوم القيامة، يقول ﵊: (من قام مقام رياءٍ وسمعة) وفي رواية: (من سمع الناس بعمله راءى الله به يوم القيامة وسمع) وفي رواية: (سمع الله به مسامع خلقه وصغره وحقره يوم القيامة) وفي رواية: (إلا سمع الله به على رءوس الخلائق يوم القيامة) يعني: فضحه على رءوس الأولين من آدم إلى آخر واحد وهو الراعي من مزينة الذي يحشر آخر واحد من الناس فيموت عند الصعق، لأنه قام مقام الرياء والسمعة.
علامات الرياء كثيرة ومنها، لو قال واحد: أعطني حدودًا أعرف بها هل أنا مرائي أم لا، فنقول: النشاط في الملأ مع الكسل في الخلاء، ومحبة الحمد على جميع أمورك؛ إذا كنت تنشط في الملأ وتكسل في الخلاء، وتحب أن تحمد على أفعالك فأنت على خطر من أن تكون مرائيًا، ولذلك من علاجات الرياء العملية، مثلًا إذا شككت أن إطالتك في سجودك في المسجد لأجل الناس اذهب إلى بيتك وصلي صلاةً أطول منها، وإذا شككت أن النفقة التي أخرجتها من أجل الناس في المسجد، فاذهب سرًا وأنفق نفقةً أكبر منها، وقال بعضهم: إذا كان المرء يحدث في المجلس؛ فأعجبه حديثه فليسكت، وإذا كان ساكتًا فأعجبه سكوته فليتكلم، فبعض الناس يعجبون بحديثهم، وبعضهم يعجبون بسكوتهم، فيرى أن يعطي انطباعًا للناس عنه بأنه متزن، وقور، هادئ وغير ثرثار ونحو ذلك، فإذا كان المرء يحدث في المجلس، فأعجبه الحديث فليسكت؛ وإذا كان ساكتًا فأعجبه السكوت فليحدث.
ومن الأمور كذلك التي نكتسب بها الإخلاص: الدعاء، لذلك الرسول ﷺ كان يستعيذ بالله من أمور: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه) وقد كان وعمر ﵁ كان يسأل الله ألا يجعل لأحدٍ من الخلق في عمله حظًا ولا نصيبًا، وأن يجعله لوجهه خالصًا، فالدعاء مهم في هذه المسألة.
ولمرافقة أهل الإخلاص أثر، فأنت تكتسب الإخلاص إذا احتككت وعاشرت ورافقت أهل الإخلاص، وهذه نقطة مهمة جدًا لأنك تتعلم منهم، الآن لما رأى الرجل الإمام البخاري ﵀، قال: رأيت أبا عبد الله في المسجد والناس حوله، فأخذ الرجل شيئًا من لحيته فرمى به في الأرض -يعني: قذر رمى به في المسجد- قال: فرأيت أبا عبد الله نظر بطرفه إليها، فلما انتهى المجلس وانصرف الناس، نظر يمينًا وشمالًا، فلما لم ير أحدًا أخذها فدسها في جيبه وخرج من المسجد، فلما خرج رأيته يتلفت يمينًا وشمالًا، فلما علم أنه لا يراه أحد من الناس أخرجها وألقاها.
هذا الراوي الذي روى القصة هو الذي شاهد البخاري ﵀ والبخاري لا يعلم، وانظروا أن الله يقيض لأهل الإخلاص من ينشر سيرتهم مع أنهم لم يقصدوا نشرها، كيف وصلنا الخبر والبخاري ﵀ لا يريد أن يراه أحد، لكن سخر الله له رجل من الناس رأى فعله فرواها ونقلت وكتبت واقتدى بها الناس، فمعاشرة أهل الإخلاص في غاية الأهمية في اكتساب الإخلاص، فإنك ترى من إخلاصهم ما يربيك بالقدوة.
10 / 14