Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
Noocyada
الجهاد هو الحل لمآسي المسلمين
أيها الإخوة لا شك أن مثل هذه المآسي لا تُحَلُّ إلا بالجهاد في سبيل الله، ولذلك قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء:٧٥] فهم يبحثون عن ولي ونصيرٍ يعينهم ويساعدهم، وهذا تحريض من الله تعالى للمؤمنين على الجهاد في سبيله، وعلى السعي في إنقاذ المستضعفين بـ مكة من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين من المقام بها، ولذلك قال الله ﷿: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ [النساء:٧٥] إنهم يبحثون عن نصيرٍ ومعين.
إن الجهاد في سبيل الله إذا قدرت عليه الأمة وجب عليها؛ لأن في ذلك إعانةً للمظلوم ونصرًا للمسلم، وهذا واجب ولا شك، وفيه أيضًا: استنقاذ معابد الله في الأرض، والبيوت التي يذكر فيها، كما قال ﷿: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الحج:٣٩ - ٤٠] ليس لهم ذنبٌ، لس لهم صفةٌ، ليس هناك سببٌ في إخراجهم من ديارهم إلا أنهم مسلمون يقولون: ربنا الله.
ويقول الله تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [الحج:٤٠] لولا دفع الكفار بجهاد المسلمين لهم، قال تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:٤٠] فمن الذي ينتصر إذًا؟ إنهم الذين ينصرون الله، وليس هم الذين يرفعون راية قومية، ولا عصبية جاهلية، ولا الذين يقولون: إن الحرب ليست حربًا دينية، إنما هي حرب وطنية قومية.
فهؤلاء لا ينصرهم الله ﷿؛ لأنه قال: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:٤٠] أي: يعلي كلمته، ويرفع لواء لا إله إلى الله، لا لواء العنصرية والقومية.
وما هي صفات هؤلاء الذين يُنصرون؟ قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج:٤١] وإلى أن يأتي الجيل الذي هذه صفته، فلا يزال أهل الإسلام في هزيمة، وفي مصيبة تلو مصيبة، ونكبة على إثر نكبة، حتى يأتي الجيل الذي ينصر الله ﷾.
ولا تظن -يا عبد الله- أن المستضعفين من المسلمين ذهبوا هباءً منثورًا، فإن الله ﷿ يثيب الصابرين منهم والمحتسبين الذين أخرجوا من أجله، قال ﷿: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران:١٩٥] فالله ﷿ لا يضيع عنده الأجر، ولعل ما أصاب إخواننا في كوسوفا كفارة لهم وشهادة، وابتلاء يزيد في حسناتهم ويرفع درجاتهم عند الله، والله لا يخلف الميعاد.
9 / 5