Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
Noocyada
إثبات علو الباري ﷾
لكن مع الأسف الشديد، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين، بسبب بُعدهم عن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله ﷿، لو سألت اليوم جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام، علماءً وطلاب علم وعامة، إذا سألتهم هذا السؤال النبوي: أين الله؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشد الاختلاف في الجواب عن هذا السؤال، منهم من يكاد يتفتق غيظًا وغضبًا بمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال، ويقول: أعوذ بالله ما هذا السؤال؟! نقول له: رويدًا يا أخي! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله؟ يقول: لا ما سمعنا به إلا الآن، فنفتح له صحيح مسلم ونقول له: هذا صحيح مسلم، الكتاب الثاني بعد صحيح البخاري، والثالث بعد القرآن؛ لأن أصح كتاب هو القرآن، ثم صحيح البخاري، ثم صحيح مسلم، وهو الذي روى هذا الحديث أن الرسول ﵊ قال للجارية يمتحنها: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال لسيدها: أعتقها فإنها مؤمنة)، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشًا في بلاد الإسلام، بل ليس عايشًا في بلاد العلم، أو يمكن لم يمسك صحيح مسلم في زمانه مطلقًا، هذا قسم من الناس، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط! أي: ما طرق سمعه هذا الحديث، ولسان حاله يقول: أيعقل أن هناك أناسًا يقولون: أين الله؟! ما هذا السؤال؟! هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله؟! لا أعرف!! ما رأيك؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له: أنت تؤمن بوجود الله؟ سوف يقول: نعم، نقول له: أكيد أن الله موجود؟! فيجيب: نعم، إذًا أين هو؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب!!! إن أقدس المقدسات هو الله، فإذا سألته: أين هو؟ فلا يعرف، وهو مسلم، ما معنى مسلم إذًا؟ نعم هو مسلم، وهذا أمر جميل، لكن هل هو حقيقة أم لا؟ ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:١٨٧] صدق الله العظيم، لا يعلم هذا أن الله يقول: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [الملك:١٦-١٧] كأنه ما قرأ هذه الآية أبدًا، ويمكن أنه قرأها أكثر مني، لماذا؟ لأن هناك أناسًا متعبدين، ربما يختم أحدهم القرآن في كل ليلة، أو في كل ليلتين على خلاف السنة، أما نحن فالواحد منا قد يختم ختمة واحدة في السنة؛ لأن الله فتح له بابًا في العلم، أما ذاك المخالف للسنة فهو يقرأ كثيرًا، لكن هل فهم ما قرأ؟ لا، إذًا: ربنا عندما يقول له في القرآن: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد:٢٤] معنى ذلك أنه من القسم الثاني (أم على قلوبٍ أقفالها) .
ثم إنَّا نذكره بحديث فنقول له: يا أخي! هذا الحديث تعرفونه جميعًا لا ننفرد وحدنا بمعرفته، هذا الحديث يقول: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) هذا حديث بالتعبير العصري: حديث شعبي، أي: كل الناس يعرفون هذا الحديث.
إذًا (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) من هو الذي في السماء؟ هل المقصود به غير الله؟ لا، إذًا لماذا تستنكر
السؤال
أين الله؟ وأنت تقر بهذا الحديث، أنا سألتك: هل الله موجود؟ فقلت: نعم، إذًا أين هو؟ أجبت أنك لا تعرف، لماذا لا تعرف؟ لا تقرأ القرآن ولا تسمع الحديث؟ إلخ.
3 / 4