Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais
دروس للشيخ عبد الرحمن السديس
Noocyada
معنى اليقين في الآية
السؤال الذي نسأله: ثم ماذا بعد ذلك؟
أيقنا أن هذه حقيقة ينبغي ألا تغيب عنا ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:٩٩] واليقين كما فسره أهل العلم وأهل التفسير: الموت، كما فسر ذلك فيما نقل البخاري عدد من الصحابة ﵃ وعدد من التابعين كـ قتادة والحسن وعكرمة ومجاهد وسالم وغيرهم أن اليقين هو الموت، وقد دل على ذلك في كتاب الله ﷿، قال الله ﷿ عن أهل النار عافانا الله وإياكم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المدثر:٤٢ - ٤٦] هذه حال أهل النار والعياذ بالله لا يصلون، لا يؤدون الزكاة، يقعون فيما حرم الله ﷿، يكذبون بيوم الدين، لا يبالون بالبعث والنشور، لا يستعدون للقاء الله، ألهتهم هذه الحياة بمغرياتها ومادياتها وشهواتها.
فينبغي علينا أيها الإخوة! أن ننتبه لهذه الأمور، قال الله تعالى: ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ [المدثر:٤٧] فاليقين هنا الموت كما في آية الحجر التي معنا.
وقد جاءت السنة أيضًا في بيان أن اليقين الموت، عندما دخل النبي ﵊ على عثمان بن مظعون وقد مات، قال: ﴿أما هو فقد أتاه اليقين، ولكني أرجو الله له الخير﴾ فنبه على أن اليقين هنا هو الموت، وهنا لطيفة: أن اليقين هنا هو الموت خلافًا لما عليه بعض أهل الإلحاد الذين يقولون: إن اليقين هو المعرفة، يقولون: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:٩٩] ما هو اليقين عندكم؟ قالوا: المعرفة، تتدرج في سلم المعرفة حتى تعرف الله -كما يقولون- وحتى تصل إلى درجة تسقط عنك فيها التكاليف، وحتى تصل إلى درجة والعياذ بالله يكون العبد فيها معبودًا والمعبود عابدًا والعياذ بالله كما قالوا:
العبد ربٌ والرب عبدٌ يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبدٌ فذاك ربٌ أو قلت ربٌ أنى يكلف
حمقٌ وجهلٌ وسفسطةٌ وفلسفة خلاف دين الله ﷿، وما على ذلك من غلاة المتصوفة الذين يرون أن اليقين هنا هو المعرفة، أو أن الإنسان يعبد الله يصلي حتى يصل إلى درجة معينة، ثم تسقط عنه التكاليف، فهذه الآية ردٌ عليهم، وهذه الآيات والأحاديث تدل على أن عبادة الإنسان وطاعته تجب عليه ما دام عقله معه، وما دام يعيش على هذه البسيطة يجب عليه أن يقوم بعبادة الله، وليس معنى ذلك -كما قلت يا إخوان- أن ندخل المسجد فلا نخرج منه، أو أن نمسك المصاحف فلا نتركها، لا.
بل نفهم العبادة، ونفهم الدين على أنه مجالٌ واسعٌ في كل مجال من المجالات حتى الأعمال الوظيفية يخلص فيها العبد النية لله ﷿، فتندرج ضمن العبادات، وهذا أمرٌ ينبغي أن نتنبه له.
35 / 13