Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais
دروس للشيخ عبد الرحمن السديس
Noocyada
مشاهد من الموت والعرض والحساب
ثم تأتي المشاهد المرعبة بأسلوبٍ رهيبٍ مخيف، يرج الأفئدة رجًا مبتدأً بمشهد الموت وسكراته، ثم مشهد الحساب وعرض الصحف، ثم مشهد جهنم -أعاذنا الله منها- فاغرة فاها تتلمظ كلما ألقي فيها وقودها من الناس، تقول هل من مزيد؟ وفي جانب ذلك مشهد الجنة ونعيمها -جعلنا الله وإياكم من أهلها-.
يقول تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق:١٩] إنها سكرة فراق المال والمناصب: ﴿ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق:١٩] ذلك ما كنت منه تحيد وتهرب، ولكن لا مفر من الموت ولا مهرب، ومن سكرة الموت إلى وهلة الحشر وهول الحساب: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق:٢٠ - ٢١] معها سائقٌ وشهيد، وفي هذا الموقف العصيب يقال له: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق:٢٢].
ويكشف السياق عن جانبٍ أشد وأعظم: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق:٣٠] الله أكبر! يؤتى بكل كفار عنيد ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ﴾ [ق:٢٥] فيقذفون مع كثرتهم في جهنم تباعًا وتتكدس ركامًا، ثم تنادى: يا جهنم! هل امتلأتي واكتفيتي؟ ولكنها تجيب جوابًا يروع القلوب ويهز النفوس: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق:٣٠] فيا له من هولٍ شديد ورعبٍ أكيد يبعث على القلوب الحية على الأخذ بأسباب الوقاية منها!
ويقابل هذا المشهد المرعب، مشهد الجنة وهي تقرب من المتقين: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ [ق:٣١] إلى قوله ﷾: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق:٣٥].
ثم تختم السورة بتأكيد القضايا السابقة، ولكن بأسلوب جديد ليكون أكثر وقعًا وأشد تركيزًا، فيه لمسات التاريخ ومصارع الهالكين، وفيه الإشارة لبعض الحقائق الكونية، وفيه التذكير بعقيدة البعث والنشور، كل ذلك ذكرى ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق:٣٧].
34 / 7