112

Lessons by Sheikh Abdul Rahman Al-Sudais

دروس للشيخ عبد الرحمن السديس

Noocyada

عِظم مكانة الأخلاق في الإسلام أمة الإيمان والأخلاق: لقد بلغ من عِظَم مكانة الأخلاق في الإسلام أن حصر رسول الإسلام ﷺ مهمة بعثته، وغاية دعوته، بكلمة عظيمة جامعة، فقال فيما رواه البخاري في التاريخ وغيره: ﴿إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق﴾. وفي هذا أكبر دليل وأنصع حُجة على أن رسالة الإسلام حققت ذروة الكمال، وقمة الخير والفضيلة والأخلاق، كما أن قدوة هذه الأمة ﵊ كان المثل الأعلى والنموذج الأسمى للخلق الكريم. وحسبنا في ذلك ثناء ربه عليه في قوله سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:٤] فكان ﵊ أحسن الناس خلقًا، وقد وصفت أمُّ المؤمنين عائشة ﵂ خُلُقَه بوصف جامع، فقالت فيما رواه مسلم وغيره: [[كان خُلُقه القرآن]]. أفلا يجدر بأمته وقد عصفت بها موجات الفساد من كل جانب، وأعاصير الشر والإلحاد من كل وسيلة وطريق أن تسلك سبيله، وتترسم خطاه، وتتمسك بسنته إن أرادت الخير والأمن والنصر والسلام؟ وكما كانت سيرته العملية، وسنته الفعلية نبراسًا في الأخلاق، فقد زخرت سنته القولية بالإشادة بمكارم الأخلاق، ومكانة أهلها، وعظيم ثوابها، وهي مبثوثة في الصحاح والسنن وغيرها، منها: قوله ﷺ: ﴿البر حُسن الخلق﴾، ﴿إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا﴾، ﴿ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق﴾، ﴿إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم﴾، ﴿أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه﴾، ﴿إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا﴾، ﴿وخالق الناس بخلق حسن﴾. ولما سئل ﷺ عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة، قال: ﴿تقوى الله، وحسن الخلق﴾. وقد كانت الأخلاق السمة البارزة في سيرة الرعيل الأول من سلف هذه الأمة، فأولوها اهتمامهم قولًا وعملًا وسلوكًا. يقول الحسن ﵀: [[حسن الخلق بش الوجه، وبذل الندى، وكف الأذى]]. ويقول عبد الله بن المبارك ﵀: [[حسن الخلق في ثلاث خصال: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسعة على العيال]]. حتى قال بعضهم: لأن يصحبني عاصٍِ حسن الخلق، أحب إلي من عابد سيء الخلق. وقالوا في علامة ذي الخلق الحسن: أن يكون كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، قليل الفضول، برًا، وَصولًا، وقورًا، صبورًا، شكورًا، رضيًا، حليمًا، وفيًا، عفيفًا، مؤْثِرًا، لا لعانًا، ولا طعانًا، لا منانًا، ولا مغتابًا، لا كذابًا، ولا غاشًا، ولا خائنًا، ولا عجولًا، ولا حقودًا، ولا حسودًا، ولا بخيلًا، ولا متكبرًا، هاشًا، باشًا، يحب في الله، ويبغض في الله، حكيمًا في الأمور، قويًا في الحق. وهذا غيظ من فيض ما زخر به كتاب الله وسنة رسوله ﷺ من ذكر صفات وأخلاق أهل الإيمان.

16 / 3