المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم:
حمل أصحاب القول الثاني النهي على الكراهة، والذي يظهر من أقوال أهل العلم أن الصارف له القرائن التالية:
القرينة الأولى: القياس المعارض لمقتضى النهي.
فمنهم مَنْ استدل بقياس العلف النجس على العلف الطاهر بجامع أن كليهما يتنجس إذا صار في كَرِش الحيوان؛ فالعلف الطاهر يتنجس في الكَرِش، ثم يكون لحمًا، ولا يُحكم بنجاسته (^١).
القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.
ففي النهي عن الجلالة إرشاد إلى مصلحة الإنسان بأكل الطيب والتنزه عما يستقذر.
قال الخطابي ﵀: «الجَلَّالة: هي الإبل التي تأكل الجَلَّة وهي العَذِرة، كُره أكل لحومها وألبانها تنزهًا وتنظفًا» (^٢).
قال النووي ﵀: «… أنه كراهة تنزيه» (^٣).
قال المناوي ﵀: «النهي للتنزيه» (^٤).
والعلة: قيل: هو التنزُّه والتنظُّف عن النجاسة.
قال الخطابي ﵀: «كُره أكل لحومها وألبانها تنزهًا وتنظفًا» (^٥).
وقيل: النهي للتقذر والتنزه عن إعلاف الحيوان النجاسة.
قال ابن بطال ﵀: «إنما النهى عن الجَلَّالة من جهة التقذر والتنزه؛ لئلا يكون الشأن في علف الحيوان النجاسات» (^٦).
(^١) يُنظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٥٠٩).
(^٢) معالم السنن (٤/ ٢٤٤).
(^٣) المجموع (٩/ ٢٨).
(^٤) فيض القدير (٦/ ٣٠٥).
(^٥) معالم السنن (٤/ ٢٤٤).
(^٦) شرح صحيح البخاري (٥/ ٤٣١).