Habeenada Ruuxa Wareersan
ليالي الروح الحائر
Noocyada
النشيد الثاني: حذار! لئلا لا تنال الجائزة!
أيتها الإلهة القاسية، إنني منذ عبدتك نسيت كل شيء دونك ووهبتك كل شيء، وهبتك حياتي وسعادتي، فماذا وهبتني؟ إنك وهبتني خيالا عذبا وفكرة جميلة تسليني، ولكن هيهات أن تتحقق!
اسمعي يا ربة المجد!
ألا تذكرين يوم كنت في قرية جميلة بجانب منبع ماء عذب وحولي غابة كثيفة أشجارها الباسقة ذات السموق تناطح السماء، والسكون حولي هادئ شامل، وبين يدي فتاة حسناء تعارفت نفسانا لأول وهلة، فدنوت منها وجلست بجانبها وأصغيت إلى خرير الماء، ووضعت يدي في يدها، وأخذت أقلب أجفاني في صحيفة جبينها تارة وأخرى في صحيفة السماء، ثم وضعت يدي على جبينها فاضطربت وارتجفت ودنت مني رغم إرادتها، ولم يكن بين ثغري الملتهب وجبينها إلا قيد شعرة، فتجليت أنت أمامي بجمالك الباهر وقوتك القاهرة وصرخت في أذن نفسي بصوت لم يسمعه سواها مشيرة إلى إكليل الغار: «حذار! حذار! لئلا لا تنال الجائزة!»
فانتفضت ونهضت ذعرا كمن رأى ما يهوله في حلم عميق، وابتعدت لساعتي عن المرأة، بل أبعدتها بيدي كأنني يوحنا يبعد سالوميه.
إنني - أيتها الإلهة القاسية - أخرجت قلبي من صدري بيدي وألقيت به تحت قدمي وسحقته سحقا، وحبست عواطفي في سجن من الجفاء والغلظة كما يحبس الساحر نفرا من الجن في إبريق سليمان، وإذا عبث عابث بذلك الإبريق وأطلق سراح عواطفي فإنني منها براء؛ لأنني إذا تركتها في سبيلها حرمت الجائزة!
لقد جعلت نفسي - أيتها الإلهة الغيور - بلا قلب ولا عواطف؛ لأنك لا تحلين الجمع بينك وبين معبود سواك.
أتذكرين - أيتها الإلهة القاسية - إذ عثرت ببيت جميل فيه فرش وثير ورزق كثير وقلوب تحبني ونفوس ترجو رضاي، فلما أن أويت إليه واطمأننت إلى العيش فيه تجليت علي في أسعد أويقاتي وهتفت في أذني: «أراك استوعبت النعيم، واستعذبت العيش الرخيم، فانهض وإلا لا تنال «الجائزة»!»
فقمت من مكاني ورأيت أن الحلم اللذيذ لا يطول، فتعلق الناس بي وقالوا: إلى أين أيها المسافر الذي لا يلقى له رحل، والطالب الذي لا يشبعه علم، والطامح الذي لا يرضيه مجد، فقلت: لقد كتب علي أن أطوف الأرض وأن أطفئ ظمئي بالحكمة، وهيهات أن يقر لي قرار أو يعرف ليلي من صبحي!
أيتها الإلهة القاسية، لو أن الطبيعة الظالمة مدت في أجلي، وذرعت فضاء المعمور والمهجور، وطفت الصحاري، وخضت غمار البحور، واستوعبت حكمة البشر، وعركت الدهر حتى غالبت القدر؛ فهل أنت قانعة بذلك مني؟ وهل أنت قائلة: لقد نلت - أيها الشقي - بحبي تلك الجائزة؟
Bog aan la aqoon