فتساءل جليل: ألم يجد مثوى غير ذلك ليفسد على اللسان الأخضر رواده؟
فقال حسن العطار، مخاطبا فاضل: إنه يزعم أنه حموك جمصة البلطي. - هكذا زعم، ولكن رأس جمصة المعلق يقول غير ذلك.
فقال شملول الأحدب: كل شيء جائز في هذه المدينة المجنونة!
عند ذاك قال عجر الحلاق: إن أردتم الحق ...
ولكن جليل قاطعه: لا نريد الحق ولا نحبه.
فصاح شملول: لا تذكرونا بالموت، بذلك أمر السلطان.
فسأل جليل: كيف تسامر السلطان يا شملول؟
فقال شملول بعجرفة: لست ممن يفشون الأسرار يا أحقر الخلق!
ضحك الجميع إلا حسن العطار، فقد انفجرت نشوته غضبا فصاح به: أيتها الحشرة.
وغضب الأحدب فرمى بالعود ووثب قائما .. وما يدرون إلا وهو يبول على السماط بطعامه وشرابه! .. وجموا موقنين بأن سهرتهم هدمت وتقوضت .. اشتعل السكر بالغضب ورموا الأحدب بجمرات الحقد .. انقض عليه فاضل دافعا إياه على ظهره، ثم رفعه من قدميه الصغيرتين ومشى به إلى حافة اللسان الأخضر، ثم غطسه في مياه النهر ثواني طويلة .. رفعه مرة أخرى من الماء تاركا إياه يسقط على الأرض المعشوشبة وهو يرقد من الرعب .. وقام مترنحا فتناول المجمرة ورماهم بها فتطايرت الجمرات المتقدة تلسع هذا وذاك .. بلغ منهم الحنق مداه فاجتاحوه سكارى غاضبين، وانهالوا عليه لكما وركلا حتى تهاوى فاقد الوعي .. تابعهم عجر جامدا ذاهلا .. تمتم: كفاكم يا سادة، إنه مهرج السلطان.
Bog aan la aqoon