أسبل جفنيه غائبا عن اللقاء.
انتظر عبد الله أن يرفعهما مرة أخرى ولكنه لم يفعل، فانحنى لاثما يده وانصرف.
7
قال لنفسه: إن الشيخ اطلع على هواجسه فأحاله إلى ذاته .. عليه أن يسلم بذلك ما دام الإنسان قد قبل الأمانة .. سيلقى الأشرار غدا الويل بفضل عزيمة تائب ومكر شرطي خبير .. ومضى يمارس عمله وهو يتلقى صفاء وتركيزا .. ومن رحمة تنداح في قلبه استمد عقله أفكارا لا تعرف الرحمة .. حادة كنصل السيف .. سرعان ما دهمته الحياة بتناقضاتها الساخرة ومصائرها الدامية وهنائها الموعود .. وأبى التراجع؛ لأنه أبى أن يستأثر بهدية الحياة دون ثمن .. عند ذاك تراءت له حسنية كأمل يبرق في سماء عالم آخر .. وعند الأصيل آوى إلى سلم السبيل فوافاه فاضل صنعان إليه .. تبين له أن الشاب وثب فوق الزمن بأسرع مما قدر .. قال فاضل: سأطلب يد أكرمان!
فقال بدهشة: كنت تفضل الانتظار وقتا؟ - كلا، عدلت عن ذلك، وسأطلب يد ست رسمية نيابة عنك!
صمت عبد الله متفكرا .. لا شك أنها بحاجة إلى رجل في محنتها، وهيهات أن تطمع فيمن هو أفضل منه!
وقال فاضل بمرح: ما أجمل أن تتزوج الأم وابنتها في ليلة واحدة!
ولما كان قد آنس إليه فقد أنشأ يقص عليه حكايتي صنعان الجمالي وجمصة البلطي.
8
ولما انتهى من حديثه المثير قال عبد الله معلقا: يعز من يشاء ويذل من يشاء.
Bog aan la aqoon