دهش صنعان .. أسف لفرصة قدر لها الإحباط قبل أن تولد، ولكنه قال: هذا شرف كبير وسعادة عظمى. - وعندي أيضا بنت هدية لابنك فاضل!
فقال صنعان طاردا ذهوله: إنه شاب سعيد الحظ.
وصمت قليلا، ثم واصل: أما المطلوب الأخير فهو يتعلق بالمصلحة العامة!
فتجلت في عيني صنعان نظرة مستطلعة، فقال الحاكم : المقاول حمدان طنيشة قريبك .. أليس كذلك؟ - أجل يا مولاي. - المسألة أنني اعتزمت شق طريق بحذاء الصحراء بطول الحي كله. - مشروع رائع حقا.
فسأله بنبرة ذات مغزى: متى تجيئني به إلى هذا المكان؟
اجتاحته موجة من السخرية وهو يقول: موعدنا مساء الغد يا مولاي!
فحدقه بنظرة ثاقبة وتساءل باسما: ترى على أي حال سيجيئني؟
فقال صنعان بلباقة ودهاء: على الحال التي تتوقعها تماما.
فضحك السلولي وقال بمرح: أنت لبيب يا صنعان، ولا تنس أننا أهل!
خاف صنعان أن يباغته باستدعاء بطيشة مرجان .. قال لنفسه: «الآن .. أو تلاشت الفرصة إلى الأبد.» .. ويسر الرجل له الأمر وهو لا يدري، فمد ساقيه وانطوى على ظهره طلبا للراحة ثم أغمض عينيه .. كان صنعان يغوص في خيال الجريمة ويقذف بنفسه فيما تبقى له من مصير .. استل خنجره .. سدده نحو القلب .. طعن بقوة مستمدة من التصميم واليأس والرغبة الأخيرة في النجاة .. انتفض الحاكم انتفاضة عنيفة كأنما يصارع قوة مجهولة .. تقلص وجهه وحملق بجنون .. هم بضم ساعديه كأنما ليقبض على الخنجر ولكنه لم يستطع .. نطقت عيناه المذعورتان بكلام لم يسمع، ثم همد إلى الأبد.
Bog aan la aqoon