Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Daabacaha
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Sanadka Daabacaadda
1315 هـ
الزمان واختلاف الناس في الرأي إلا جعله تعالى إماما يقتدي به هاديا مهديا، وكان غريبا في زمانه.
وسئل عن الولي فقال: هو الذي تولت أفعاله على الموافقة.
وسئل عن ذات الله عز وجل فقال: ذات موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة، ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا حلول وتراه العيون في العقبى ظاهرا في ملكه وقدرته، وقد حجب سبحانه وتعالى الخلق عن معرفة كنه ذاته ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه والأبصار لا تدركه، ينظر إليه المؤمنون بالأبصار من غير إحاطة ولا إدراك نهاية.
وكان رضي الله عنه يقول: إن الله تعالى خلق الخلق ولم يحجبهم عنه وإنما جاءهم الحجاب من تدبيرهم واختيارهم مع الله تعالى وذلك هو الذي كدر على الخلق عيشهم وكان رضي الله عنه يقول: مخالطة الولي للناس ذل، وتفرده عنهم عز، وقلما رأيت وليا لله عز وجل إلا منفردا.
وكان رضي الله عنه، يقول: ما من ولي لله صحت ولايته إلا ويحضر إلى مكة في كل ليلة جمعة لا يتأخر عن ذلك وكان رضي الله عنه يقول: أنا حجة الله على الخلق وأنا حجة على أولياء زماني فبلغ ذلك أبا زكريا الساجي وأبا عبد الله الزبيري فذهبا إليه فقال له: أبو عبد الله الزبيري، وكان جسورا لأنه ضرير بلغنا عنك أنك تقول أنا حجة الله على الخلق وأنا حجة الله على أولياء زماني فبماذا صرت. هل أنت نبي أو صديق، فقال: سهل لم أذهب حيث ظننت ولست أنا نبيا إنما قلت هذا لأنني صححت أكل الحلال دون غيري، فقال له: وأنت صححت الحلال قال: نعم لا آكل دائما إلا حلالا، فقال له الزبيري: وكيف ذلك، فقال له: سهل قسمت عقلي ومعرفتي وقوتي على سبعة أجزاء، فأترك الأكل حتى يذهب عنها ستة أجزاء، ويبقى جزء واحد فإذا خفت أن يذهب ذلك الجزء وتتلف معه نفسي أكلت بقدر البلغة خوفا أن أكون أعنت على نفسي ولترد على الستة الأخرى.
فبهذا صح لي الحلال، فقال الزبيري: نحن لا نقدر على المداومة على هذا، ولا نعرف أن نقسم عقولنا ومعرفتنا وقوتنا على سبعة أجزاء اعترفا بفضل سهل رضي الله عنه، وكان يقول: يأتي على الناس زمان يذهب الحلال من أيدي أغنيائهم وتكون أموالهم من غير حلها فيسلط الله بعضهم على بعض يعني بالأذى والمرافعات عند الحكام فتذهب لذة عيشهم ويلزم قلوبهم خوف فقر الدنيا، وخوف شماتة الأعداء، ولا يجد لذة العيش إلا عبيدهم ومماليكهم، وتكون ساداتهم في بلاء وشقاء وعناء وخوف من الظالمين، ولا يستلذ بعيش يومئذ إلا منافق لا يبالي من أين أخذ ولا فيما أنفق ولا كيف أهلك نفسه، وحينئذ تكون رتبة القراء رتبة الجهال، وعيشهم عيش الفجار وموتهم موت أهل الحيرة والضلال، وكان رضي الله عنه يقول: اجتمعت بشخص من أصحاب المسيح عليه الصلاة والسلام في ديار قوم عاد فسلمت عليه فرد علي السلام فرأيت عليه جبة صوف فيها طراوة، فقال لي: إنها علي من أيام المسيح فتعجبت من ذلك فقال يا سهل، إن الأبدان لا تخلق الثياب إنما يخلقها رائحة الذنوب، ومطاعم السحت فقلت له: فكم لهذه الجبة عليك فقال لها على سبعمائة سنة فقلت له: هل اجتمعت بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: نعم وآمنت به حين آمن به الجن الذين أوحى إليه في حقهم " قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن " قلت ومن هنا كان الخضر عليه السلام لا تبلى له ثياب لأنه لا يعصي الله تعالى ولا يأكل حراما وكما لا يبلى لآكل الحلال ثياب فكذلك لا يبلى له جسم بعد موته كما وقع لبعض الأولياء وجدناه طريا كما وضعناه بعد سنين والله تعالى أعلم.
وكان رضي الله عنه يقول: إياكم ومعاداة من شهره الله تعالى بالولاية وإنه كان بالبصرة ولي الله تعالى فعاداه قوم وآذوه فغضب الله عليهم فأهلكهم أجمعين في ليلة، وكان يقول طوبى لمن تعرف بالأولياء، فإنه إذا عرفهم استدرك ما فاته من الطاعات، وإن لم يستدرك شفعوا عند الله فيه لأنهم أهل الفتوة، وكان رضي الله عنه يقول: الدنيا حرام على صفوة الله من خلقه حرم عليهم أن ينالوا منها شيئا كما حرم الله على الخلق أن يأكلوا من صيد الحرم ومن كل منه لزمته الفدية كذلك من أكل من أهل صفوته شيئا من الدنيا ليس له فدية إلا ترك الطاعات، وكان يقول إذا قام العبد بما لله تعالى عليه، فحقيق على الله أن يقوم بما كان العبد قائما به لنفسه، وكان رضي الله عنه يقول: من لم يكن مطعمه من الحلال لم يكشف عن قلبه حجاب، وتسارعت إليه العقبات ولا تنفعه صلاته ولا صومه
Bogga 67