201

Lawaqih Anwar

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Daabacaha

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Sanadka Daabacaadda

1315 هـ

عهدنا إليه نسي أين كان من تقربه فلا تنس. قلت: يا مولاي في حوصلة الروح الأمين فصوب لي ربي عندي ما ألهمني كما أشهدني وأوجدني وله الفضل، والمنة وكان يقول: خطر بفهمي، وأنا كنائم ما صورته يا على ما الطائر الذي ألزمناه عنق كل إنسان؟ قلت يا مولاي ناطقة قيل لي فما حوصلة هذا الطائر قلت يا مولاي قوة النطق الفعالة بآلة اللسان عبارة وبباقي الأعضاء كناية، واشارة قيل لي يا علي مهما لقطه هذا الطائر من ساحات الحس، والخيال والإدراك، والقلب، والفؤاد تحصل في حوصلته ثم سرى إلى سائر آلاته ثم رشح منها بالعبارة، والكناية والإشارة فإذا رجعت التراكيب الدنيوية إلى بسائطها الأخروية صارت الحوصلة كتابا منشورا يرى فيه كل طائر ما لقط فرحم الله من تكلم بخير أو سكت، وكان يقول: فضل العقول في ترك الفضول وهي كل ما فضل عن الكناية، وهي محسوس، ومعقول، وكل مقصود غير ضروري فهو من الفضول وكل وسيلة لا يحصل مقصودها الضروري بدونها فليس من الفضول في شيء، ويكفيك من الغذاء ما يقويك على ما أمرك الله به.

وكان يقول: يكفيك من الملبس ما لا يسفهك به العاقل، ولا يزدريك به الجاهل، ومن المركب ما حمل رحلك، وأراح رجلك، ولا يزدري بركوبه مثلك، ومن السكن ما واراك عمن لا تريد أن يراك، ومن الحلائل الودود الولود ومن الخدم الأمين المطيع، ومن الأصحاب من يعينك على كمالك في جميع أحوالك، ومن الأدب ما يقيك غضب الكريم، والعالم وجراءة اللئيم، والظالم ومن العلم ما طابق الذوق الصحيح، ومن الاعتقاد ما بعثك على طاعة المعتقد من غير إعراض، ومن معرفة الحق ما أسقط اختيارك لغيره، ومن معرفة الباطل ما يمنعك عن اختياره، ومن المحبة ما حققك بإيثار محبوبك على من سواء، ومن حسن الظن بالخلق ما لا يقبل منه سوء التأويل، ولا قول العائب بغير دليل، ومن الحذر ما يمنع من مراكنة تجر إلى مباينة، ومن الظن بالله ما لا يجرئ على معصيته ولا يؤيس من رحمته، ومن اليقين ما يعصم من صرف، وجه الطلب عن حيرة، ومن التوحيد ما لا يبقى معه أثر لغيره، ومن الفكر ما وصل إلى فهم مراده، ومن النظر في آلائه ما تتسع به روح، وداده، ومن الخواطر ما بعث على تعظيم ما عظم، وهضم ما هضم، وقد، وضحت لك الأنوار فإن شئت فاقتبس، وقد ثبت الأصول فافهم الجامع، وانف المانع ثم قس، وكان يقول: التلويح لأعين الأذهان أبلغ من التصريح لوعي الآذان، ومن قبل النصيحة أمن مر الفضيحة، وكان يقول: محل الشعر ظاهر الشخص لا باطنه، ولو ثبت في القلب شعرة واحدة لمات صاحبه لوقته فلا تشغل باطنك بشيء من ملاذك الدنيوية الجسمانية وفرغ قلبك من الشواغل الفانية التي بمنزلة الشعر فالقلب بيت الواحد الذي من أشرك معه شيئا تركه وشريكه، ومن وحده بالمحبة سكن قلبه بنور رب لا شريك له في ملكه، فافهم كيف يدخل عبيد الله الجنة جردا مردا مكحلين متعاضدين على قلب واحد فاشهد الواحد إن كنت ذا بصيرة مكحولة بطلعته المنيرة، واغتنم هذه الذخيرة، وكان رضي الله عنه يقول: من ظفر بكنز جوهر الألباب مرفوع الموانع مفتوح الأبواب زهدت، والله نفسه في افتراش الزبالة، وسف التراب، وليست الزينة الدنيوية إلا ترابا آيلا إلى الذهاب خلقت بمحنة يمتحن بها الصادق في حب الله من الكذاب فمن أحب الله تعالى لم تساو الدنيا عنده رجل ذبابة من الذباب بل صغرت عنده الأكوان كلها في جانب ذلك الجناب، ومن أحب صورة عبدها فمحب الله مخدوم لسائر الأحباب لا عبد شيء من هذه الأسباب ومن أحب صورة التلبس بها فلمحب الله تخضع الرقاب فكيف يخضع لزينة ترابية من له هذا العز المهاب، من كرم العلى الأعلى الوهاب " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلونهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " " الكهف: 7 و 8 " الصعيد هو التراب، والجرز القاطع لما تعلق به تعلق، واطمئنان، وإكباب فكن من الزاهدين في الحظوظ الترابية الجروز فأنت عرفت أنك ظفرت بكنز الكنوز، وكان يقول: مخالطة أهل الحجاب، ورؤية الغافلين عن ذكر الله تعالى عقوبة إلا على الأئمة الذين هم أطباء القلوب القائمون في مخالطة ترضي النفوس لطبهم بروح أمر مولاهم، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة، والله يحيي، ويميت، والله على كل شيء قدير، وكان يقول:

Bogga 31