Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Daabacaha
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
يَكُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكَلَامِ، وَإِنْ خَطَّأْنَاهُ أَوْ كَفَّرْنَاهُ. (وَقِيلَ): تَعْرِيفُ عِلْمِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ التَّوْحِيدُ وَأُصُولُ الدِّينِ: الْعِلْمُ بِالْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْيَقِينِيَّةِ، أَيِ الْعِلْمُ بِالْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا الْيَقِينِيَّةِ، سَوَاءٌ تَوَقَّفَتْ عَلَى الشَّرْعِ كَالسَّمْعِيَّاتِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الدِّينِ فِي الْوَاقِعِ كَكَلَامِ أَهْلِ الْحَقِّ أَوْ لَا كَكَلَامِ الْمُخَالِفِ، وَاعْتُبِرَ فِي أَدِلَّتِهَا الْيَقِينُ ; لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ بَلْ فِي الْعَمَلِيَّاتِ، " وَمَوْضُوعُهُ " هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِثْبَاتُ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ، إِذْ مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يُبْحَثُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُبْحَثُ فِي هَذَا الْعِلْمِ عَنْ أَحْوَالِ الصَّنَائِعِ، مِنَ الْقِدَمِ وَالْوَحْدَةِ، وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهَا لِيُعْتَقَدَ ثُبُوتُهَا لَهُ تَعَالَى، وَأَحْوَالِ الْجِسْمِ وَالْعَرَضِ مِنَ الْحُدُوثِ وَالِافْتِقَارِ وَالتَّرْكِيبِ مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَقَبُولِ الْفَنَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِيُثْبَتَ لِلصَّانِعِ مَا ذُكِرَ مِمَّا هُوَ عَقِيدَةٌ إِسْلَامِيَّةٌ، أَوْ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا.
وَكُلُّ هَذَا بَحْثٌ عَنْ أَحْوَالِ الْمَعْلُومِ كَإِثْبَاتِ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ زَعْمِ أَنَّ مَوْضُوعَهُ ذَاتُ اللَّهِ - تَعَالَى وَتَقَدَّسَ - لِلْبَحْثِ عَنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّا لَا نَأْخُذُ الِاعْتِقَادَاتِ الْإِسْلَامِيَّةَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْكَلَامِيَّةِ، بَلْ إِنَّمَا نَأْخُذُهَا مِنَ النُّصُوصِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِالْأَوْضَاعِ الْكَلَامِيَّةِ إِلَّا دَفْعَ شُبَهِ الْخُصُومِ وَالْفِرَقِ الضَّالَّةِ عَنِ الطُّرُقِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ طَعَنُوا فِي بَعْضٍ مِنْهَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، فَبُيِّنَ لَهُمْ بِالْقَوَاعِدِ الْكَلَامِيَّةِ مَعْقُولِيَّةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ.
(وَاسْتِمْدَادُ) هَذَا الْفَنِّ مِنَ الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَالْفِقْهِ وَالْإِجْمَاعِ وَالنَّظَرِ. (وَمَسَائِلُهُ) الْقَضَايَا النَّظَرِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الِاعْتِقَادِيَّةُ. (وَغَايَتُهُ) أَنْ يَصِيرَ الْإِيمَانُ وَالتَّصْدِيقُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُتْقَنًا مُحْكَمًا لَا تُزَلْزِلُهُ شُبْهَةٌ مِنْ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ. (وَمَنْفَعَتُهُ) فِي الدُّنْيَا انْتِظَامُ أَمْرِ الْمَعَاشِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَدْلِ وَالْمُعَامَلَةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي إِبْقَاءِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَسَادِ، وَفِي الْآخِرَةِ النَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْكُفْرِ وَسُوءِ الِاعْتِقَادِ. وَسَيَأْتِي حَدُّ كُلِّ بَحْثٍ مِنْ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي النَّظْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى، وَاللَّهُ - تَعَالَى - الْمُوَفِّقُ.
1 / 5