Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Daabacaha
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambarka Daabacaadda
الثانية-١٤٠٢ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٨٢ م
Goobta Daabacaadda
دمشق
وَعُمْقٍ، فَاللَّهُ - تَعَالَى - جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا لَا يَتَجَاوَزُهُ، وَحَدًّا لَا يَتَعَدَّاهُ، (الثَّانِي): الدَّلَالَةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْآجَالِ، جَمْعُ أَجَلٍ مُحَرَّكَةً: غَايَةُ الْوَقْتِ فِي الْمَوْتِ وَحُلُولِ الدَّيْنِ وَمُدَّةِ الشَّيْءِ، قَالَ - تَعَالَى: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [يونس: ٤٩]، ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾ [المنافقون: ١١]، ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾ [آل عمران: ١٤٥]، وَالْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، (وَ) مُقَدِّرُ (الْأَرْزَاقِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ رِزْقٍ بِالْكَسْرِ: مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ.
[تفسير حي عليم موجود قادر]
هُوَ - سُبْحَانَهُ - (حَيٌّ)، أَيْ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا، وَبِالْحَيَاةِ مَوْصُوفًا، وَسَائِرُ الْأَحْيَاءِ يَعْتَرِضُهُمُ الْمَوْتُ وَالْعَدَمُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ فِيهِمَا مَعًا ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وَالْحَيَاةُ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ، قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ - تَعَالَى، (عَلِيمٌ) بِالسَّرَائِرِ وَالْخَفِيَّاتِ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا عِلْمُ خَلْقِهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١١٩]، وَجَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَعِيلٍ لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ بِكَمَالِ الْعِلْمِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ، (قَادِرٌ) أَيْ ذُو الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ، وَالْقُدْرَةُ عِبَارَةٌ عَنْ صِفَةٍ يُوجَدُ بِهَا الْمَقْدُورُ عَلَى طِبْقِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ.
قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْمَنِينِيُّ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ تَارِيخِ الْعُتْبِيِّ: لِلْقَادِرِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْقَدِيرِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَذَلِكَ صِفَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ الْقَادِرُ مِنَّا عَلَى بَعْضِ الْمَقْدُورَاتِ دُونَ بَعْضٍ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ الْقَادِرُ بِمَعْنَى الْمُقَدِّرِ، يُقَالُ مِنْهُ قَدَرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مَعْنًى وَاحِدٌ، قَالَ - تَعَالَى: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] أَيْ: نِعْمَ الْمُقَدِّرُونَ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ: يَعْنِي عَلَى كُلِّ مُمْكِنٍ ; لِأَنَّهُ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، (مَوْجُودٌ) ﷾ بِالْوُجُودِ الْقَدِيمِ ; لِأَنَّ الْعَالَمَ وَكُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ حَادِثٌ وَمُفْتَقِرٌ مِنْ حَيْثُ وُجُودِهِ وَعَدِمِهِ إِلَيْهِ - تَعَالَى - مِنْ حَيْثُ صَانِعِيَّتِهِ وَإِيجَادِهِ إِيَّاهُ، وَصَانِعُ الْعَالَمِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ فِي وُجُودِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاجِبًا بِخِلَافِ وُجُودِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: قَدْ ثَبَتَ حُدُوثُ الْعَالَمِ، أَوْ يُقَالَ: لَا شَكَّ فِي وُجُودِ حَادِثٍ، وَكُلُّ حَادِثٍ فَبِالضَّرُورَةِ لَهُ مُحْدِثٌ، فَإِمَّا أَنْ يَدُورَ أَوْ يَتَسَلْسَلَ، وَكِلَاهُمَا مُحَالٌ، وَإِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى قَدِيمٍ
1 / 41