269

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Daabacaha

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

دمشق

وَلَوْ تَقْلِيدًا «إِجْمَاعِيًّا» «بِ» كُلِّ «مَا» أَيْ حُكْمٍ «يُطْلَبُ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مُضْمَرٌ يَعُودُ عَلَى الْجَزْمِ «فِيهِ» أَيْ فِيهِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ «عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ» مِنْ عُلَمَاءِ مَذْهَبِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَلَا يَجِبُ النَّظَرُ اكْتِفَاءً بِالْعَقْدِ الْجَازِمِ، لِأَنَّهُ ﷺ كَانَ يَكْتَفِي فِي الْإِيمَانِ مِنَ الْأَعْرَابِ - وَلَيْسُوا أَهْلًا لِلنَّظَرِ - بِالتَّلَفُّظِ بِكَلِمَتَيِ الشَّهَادَةِ الْمُنْبِئِ عَنِ الْعَقْدِ الْجَازِمِ، وَيُقَاسُ غَيْرُ الْإِيمَانِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَقِيلَ يَكْفِي الْجَزْمُ يَعْنِي بِالظَّنِّ إِجْمَاعًا بِمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَزْمُ، «فَالْجَازِمُونَ» حِينَئِذٍ بِعَقْدِهِمْ، وَلَوْ تَقْلِيدًا «مِنْ عَوَامِّ الْبَشَرِ» الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلٍ لِلنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، بِمَا لَا يَتِمُّ الْإِسْلَامُ بِدُونِهِ «فَ» عَلَى الصَّوَابِ هُمْ «مُسْلِمُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَثَرِ» وَأَكْثَرِ النُّظَّارِ وَالْمُحَقِّقِينَ وَإِنْ عَجَزُوا عَنْ بَيَانِ مَا لَمْ يَتِمَّ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَجْزِمَ عَنْ دَلِيلٍ - يَعْنِي بَلْ يَكْفِي الْجَزْمُ وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ، وَقِيلَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ حُكْمًا فِي النِّكَاحِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يُدْرَى مَا هُمْ عِنْدَ اللَّهِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ ابْنَ قَاضِي الْجَبَلِ مِنْ عُلَمَائِنَا فِي أُصُولِهِ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْقِيَاسُ النَّقْلِيُّ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَيَجِبُ النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَلَا انْفِكَاكَ لِأَحَدٍ مِنْهُ صِحَّةُ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ تَقْلِيدًا جَازِمًا صَحِيحًا، وَأَنَّ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ لَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ، وَأَنَّ التَّقْلِيدَ الصَّحِيحَ مُحَصِّلٌ لِلْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، نَعَمْ يَجِبُ النَّظَرُ عَلَى مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ أَوَّلَ مَا تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ.
قَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، بَلْ يَكْفِي اعْتِقَادٌ جَازِمٌ بِذَلِكَ، إِذِ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى مِنَ الْخَلَفِ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، صِحَّةُ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ، قَالَ: وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ، فَكَذِبٌ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَى زَاعِمِي بُطْلَانِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ

1 / 269