Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Daabacaha
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ يَزِيدُ عَلَى قَوْلِنَا ذَاتٌ، فَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَذَلِكَ مَشْهُورٌ حَقِيقَةً لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، وَأَمَّا فِي مَقَامَاتِ الْمَجَازِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يُقَالُ: فُلَانٌ وَجْهُ الْقَوْمِ لَا يُرَادُ بِهِ ذَاتُ الْقَوْمِ، إِذْ ذَوَاتُ الْقَوْمِ غَيْرُهُ قَطْعًا، وَيُقَالُ: هَذَا وَجْهُ الثَّوْبِ لِمَا هُوَ أَجْوَدُهُ، وَيُقَالُ: هَذَا وَجْهُ الرَّأْيِ أَيْ أَصَحُّهُ وَأَقْوَمُهُ، وَيُقَالُ: أَتَيْتُ بِالْخَبَرِ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ حَقِيقَتِهِ - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَالُ فِيهِ الْوَجْهُ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمُسْتَقِرَّ فِي اللُّغَةِ، وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ الْوَجْهُ فِي حَقِّ الْبَارِي عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى تَسْمِيَةِ قَوْلِنَا ذَاتٌ
فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عُضْوًا وَجَارِحَةً ذَاتَ كَمِّيَّةٍ وَكَيْفِيَّةٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَالْجَوَابُ هَذَا لَا يَلْزَمُ لِأَنَّ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُعْتَرِضُ، إِنَّمَا هُوَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَاتِ الْحَيَوَانِ الْمُحْدَثِ لَا مِنْ خِصِّيصَةِ صِفَةِ الْوَجْهِ، وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ نِسْبَةِ الْوَجْهِ إِلَى جُمْلَةِ الذَّاتِ، فِيمَا ثَبَتَ لَهَا مِنَ الْمَاهِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ مُدْرَكٌ بِالْحِسِّ فِي جُمْلَةِ الذَّاتِ، فَكَانَتِ الصِّفَاتُ الْحَادِثَةُ مُسَاوِيَةً لِلَّذَّاتِ الْمُحْدَثَةِ، بِطَرِيقِ كَوْنِهَا مِنْهَا، وَمُنْتَسِبَةً إِلَيْهَا نِسْبَةَ الْجُزْءِ مِنَ الْكُلِّ، فَأَمَّا الْوَجْهُ (الْمُضَافُ - ١) لِلْبَارِي تَعَالَى يُنْسَبُ إِلَيْهِ نِسْبَةَ الذَّاتِ إِلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الذَّاتَ فِي حَقِّ الْبَارِي، لَا تُوصَفُ بِأَنَّهُمْ جِسْمٌ مُرَكَّبٌ تَدْخُلُهُ الْكَمِّيَّةُ وَتَتَسَلَّطُ عَلَيْهَا الْكَيْفِيَّةُ، وَلَا نَعْلَمُ لَهَا مَاهِيَّةً، فَصِفَتُهُ تَعَالَى الَّتِي هِيَ الْوَجْهُ كَذَلِكَ لَا يُوصَلُ لَهَا إِلَى مَاهِيَّةٍ، وَلَا يُوقَفُ لَهَا عَلَى كَيْفِيَّةٍ، وَلَا تَدْخُلُهَا التَّجْزِئَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنَ الْكَمِّيَّةِ، لِأَنَّ هَذِهِ إِنَّمَا هِيَ صِفَاتُ الْجَوَاهِرِ الْمُرَكَّبَةِ أَجْسَامًا، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ
وَلَوْ جَازَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ فِي الْوَجْهِ لَقِيلَ بِمِثْلِهِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الْعِلْمَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ فِي الشَّاهِدِ عَرَضٌ قَائِمٌ بِقَلْبٍ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ ضَرُورَةٍ أَوِ اكْتَسَابٍ مُشَارِكٍ فِي إِثْبَاتِ مَاهِيَّةٍ أَوْ كَمِّيَّةٍ أَوْ كَيْفِيَّةٍ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ: لِلَّهِ تَعَالَى وَجْهٌ بِلَا كَيْفٍ كَمَا قَالَ: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧]، قَالَ: وَنُصَدِّقُ بِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي يُثْبِتُهَا أَهْلُ النَّقْلِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَجْهًا؟ قِيلَ لَهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧] وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَهُ تَعَالَى يَدٌ وَوَجْهٌ وَنَفْسٌ.
فَمَا ذَكَرَ
1 / 227