Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Daabacaha
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
الْأَصْمَعِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ كَلَامَ جَارِيَةٍ، فَقَالَ لَهَا: قَاتَلَكِ اللَّهُ مَا أَفْصَحَكِ، فَقَالَتْ: أَوَ يُعَدُّ هَذَا فَصَاحَةً بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القصص: ٧] الْآيَةَ، فَجَمَعَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، وَنَهْيَيْنِ، وَخَبَرَيْنِ، وَبِشَارَتَيْنِ. فَهَذَا مِنْ أَنْوَاعِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ: وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[الفائدة السادسة هل في بعض آية إعجاز]
(السَّادِسَةُ): قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَفِي بَعْضِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِعْجَازٌ، وَعَلَى التَّحْقِيقِ يَتَفَاضَلُ ثَوَابُهُ وَيَتَفَاوَتُ إِعْجَازُهُ، كَمَا فِي مُخْتَصَرِ التَّحْرِيرِ، وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ. قَالَ الْإِمَامُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: فِي بَعْضِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِعْجَازٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ [الطور: ٣٤]، قَالَ الْقَاضِيَ عَلَاءُ الدِّينِ الْمَرْدَاوِيُّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا يَعْلَى أَرَادَ مَا فِيهِ الْإِعْجَازُ، وَإِلَّا فَلَا يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر: ٢١] وَنَحْوَهَا أَنَّ فِي بَعْضِهَا إِعْجَازًا وَإِلَّا فِيهَا أَيْضًا وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلُوذَانِيُّ أَحَدُ أَعْلَامِ الْمَذْهَبِ وَالْحَنَفِيَّةِ: وَلَا إِعْجَازَ فِي بَعْضِ آيَةٍ بَلْ فِي آيَةٍ.
وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَإِنَّ بَعْضَ الْآيَاتِ الطِّوَالِ فِيهَا إِعْجَازٌ كَمَا أَنَّ الْآيَةَ الْقَصِيرَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر: ٢١] لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا إِعْجَازٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ مُعْجِزٌ لَكِنَّ مِنْهُ مَا لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ مُعْجِزًا بِذَاتِهِ، وَمِنْهُ مَا إِعْجَازُهُ مَعَ الِانْضِمَامِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَتَفَاوَتُ إِعْجَازُهُ، وَيَتَفَاضَلُ ثَوَابُهُ، فَإِنَّ الْفَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الدَّيْنِ، وَبَيْنَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَسُورَةِ تَبَّتْ.
فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِجُمَلِهِ وَتَفَاصِيلِهِ وَبِفَضْلِهِ وَتَفْضِيلِهِ: " «يَاسِينُ قَلْبُ الْقُرْآنِ، وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ أَفْضَلُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ أَعْظَمُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» ".
وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَتَخْصِيصِ بَعْضِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ بِالتَّفْضِيلِ وَكَثْرَةِ الثَّوَابِ فِي تِلَاوَتِهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَذَهَبَ الْإِمَامُ
1 / 180