Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Daabacaha
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
افْتِرَاءٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ قَدْ تَحَدَّاهُمْ بِالْمُعَارَضَةِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهِيَ تُبْطِلُ دَعْوَاهُمْ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَيْهَا لَفَعَلُوهَا، فَإِنَّهُ مَعَ وُجُودِ هَذَا الدَّاعِي التَّامِّ الْمُؤَكَّدِ إِذَا كَانَتِ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً وَجَبَ وُجُودُ الْمَقْدُورِ.
ثُمَّ هَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَرْضِ فَهَذَا يُوجِبُ عِلْمًا بَيِّنًا لِكُلِّ أَحَدٍ يَعْجِزُ جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ بِحِيلَةٍ وَبِغَيْرِ حِيلَةٍ، وَهَذَا أَبْلَغُ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَكَرَّرَ جِنْسُهَا كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِنَظِيرِهِ، فَإِقْدَامُهُ ﷺ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا التَّحَدِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَتْبَاعُهُ قَلِيلٌ، عَلَى أَنْ يَقُولَ خَبَرًا يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَوِ اجْتَمَعَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَفِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ، لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ جَزْمِهِ بِذَلِكَ وَتَيَقُّنِهِ لَهُ، وَإِلَّا فَمَعَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَيَفْتَضِحَ؛ فَيَرْجِعَ النَّاسُ عَنْ تَصْدِيقِهِ، وَإِذَا كَانَ جَازِمًا بِذَلِكَ مُتَيَقِّنًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْعُلُومِ الْمُعْتَادَةِ أَنْ يَعْلَمَ الْإِنْسَانُ أَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ كَلَامِهِ إِلَّا إِذَا عَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ، وَالْعِلْمُ بِهَذَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مُعْجِزًا.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ الْمَلِكُ الْعَلَّامُ: وَنَفْسُ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَأُسْلُوبُهُ عَجِيبٌ بَدِيعٌ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَسَالِيبِ الْكَلَامِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِنَظِيرِ هَذَا الْأُسْلُوبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الشِّعْرِ وَالرِّجْزِ وَلَا الرَّسَائِلِ وَالْخَطَابَةِ، وَلَا نَظْمُهُ نَظْمُ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، عَرَبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ، وَنَفْسُ فَصَاحَةِ الْقُرْآنِ وَبَلَاغَتِهِ عَجِيبٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي كَلَامِ جَمِيعِ الْخَلْقِ - يَعْنِي مِنْ لَدُنْ آدَمَ وَإِلَى الْآنَ وَهَذَا نِهَايَةُ الْإِعْجَازِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَوَائِدُ الأولى معنى التحدي]
فَوَائِدُ
(الْأُولَى) التَّحَدِّي الْمُعَارَضَةُ، وَالْمُتَحَدِّي هُوَ الَّذِي يَتَحَدَّى النَّاسَ أَيْ يَدْعُوهُمْ، وَيَبْعَثُهُمْ إِلَى أَنْ يُعَارِضُوهُ، فَيُقَالُ فِيهِ حَدَانِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ أَيْ بَعَثَنِي عَلَيْهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَادِيَ الْعِيسِ لِأَنَّهُ بِحِدَائِهِ يَبْعَثُهَا عَلَى السَّيْرِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَوَابِ الصَّحِيحِ: وَقَدْ يُرِيدُ بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّحَدِّي دَعْوَةَ النُّبُوَّةِ، وَلَكِنَّ أَصْلَهُ الْأَوَّلَ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: احْدَى تَعَمَّدَ شَيْئًا كَتَحَدَّاهُ، وَالْحُدَيَّا بِالضَّمِّ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: الْمُنَازَعَةُ وَالْمُبَارَاةُ
1 / 173