============================================================
لطائف المنن فما زال يقول: وإن شئت قلت، وإن شئت قلت الى أن آبهر عقلى، وعلمت أن الرجل إنما يفترف من فيض بحر الهى، ومدد ربانى، فأذهب الله ما كان عندى، ثم أتيت تلك الليلة إلى المتزل فلم أجد فى شيئا يقبل الاجتماع بالأهل على عادتى ووجدت معنى غريبا، لا أدرى ما هو؟ فانقردت فى مكان أنظر إلى السماء وإلى كواكبها، وما خلق فيها من عجائب قدرته فحملنى ذلك على العودة إليه مرة أخرى، فأتيت إليه فاستأذن على، فلما دخلت عليه قام وتلقانى ببشاشة وإقبال حتى دهشت خجلا واستصغرت نفى أن اكون أهلا لذلك، فكان أول ما قلت له: يا سيدى أنا والله أحبك، فقال: أحبك الله كما أحببتنى، ثم شكوت إليه ما أجده من هموم وأحزان، فقال: أحوال العبد أربع لا خامس لها: النعمة، والبلية، والطاعة، والمعصية، فان كنت بالنعمة: فمقتضى الحق منك الشكر، وإن كنت بالبلية: فمقتضى الحق منك الصبر وإن كنت في الطاعة: فمقتضى الحق منك شهود منته عليك فيها، وإن كنت فى المعصية: فمقتضى الحق منك وجود الاستغفار، فقمت من عنده وكانما كانت الهموم والأحزان ثوبا نزعته، ثم سألنى بعد ذلك بمدة: كيف حالك؟ فقلت: أفتش عن الهم فما أجدد؟ فقال: يلى بوجهك مشرق وظلامه فى الناس سارى والناس فى سدف الظلام ونحن فى ضوء النهار الزم فوالله لثن لزمت لتكون مفتيأ فى الذهبين، يريد مذهب أهل الشريعة أهل العلم الظاهر، ومذهب أهل الحقيقة أهل العلم الباطن.
Bogga 76