207

Lataif Macarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Baare

ياسين محمد السواس

Daabacaha

دار ابن كثير

Lambarka Daabacaadda

الخامسة

Sanadka Daabacaadda

1420 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
ثمَّ دَخَلَ المسجِدَ وعُمَرُ يكلِّمُ الناسَ، وهم مجتمِعُونَ عليه، فتكلَّمَ أبو بكرٍ وتشهَّدَ، وحمِدَ الله، فأقبَلَ الناسُ إليه، وتَرَكُوا عُمَرَ. فقال: مَنْ كانَ يعبُدُ محمَّدًا فمن محمَّدًا قَدْ مَاتَ، ومَنْ كان يعبُدُ الله، فإن اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوت، وتلا: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولْ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل أفإن مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ﴾ (^١) الآية. فاستيقَنَ الناسُ كلُّهم بموتهِ وكأنَّهُم لم يَسْمَعُوا هذه الآيةَ مِن قبلِ أَن يَتلُوها أبو بكرٍ، فتلقَّاها النَّاسُ منه، فما يُسْمَعُ أحدٌ إلَّا يَتْلُوها. وقالَتْ فاطمة ﵍: يا أبتاه! أجابَ ربًّا دعاهْ. يا أبتاه! جَنة الفردوسِ مأْواهْ. يا أبتاه! إلى جبريلَ أنعاهْ. يا أبتاه! مِن رَبِّه ما أدناهْ. وعاشَتْ بعدَهُ ستةَ أشْهُرٍ، فما ضَحِكَتْ في (^٢) تلك المدَّةِ، وحُقَّ لها ذلك. على مِثْلِ ليلَى يَقْتُل المرءُ نَفْسَه … وإنْ كانَ مِنْ لَيْلَى عَلَى الهَجْرِ طَاوِيا كلُّ المصائب تهونُ عندَ هذه المصيبةِ. في "سنن ابن ماجه" أنه ﷺ قال في مرضِهِ: "يا أيها (^٣) الناسُ! إنْ (^٤) أحَدٌ مِنَ الناسِ، أو من المؤمنينَ أُصِيبَ بمصيبةٍ، فليتَعزَّ بمصيبتِهِ بي عن المصيبة التي تصيبُه بغيرِي، فإن أحدًا مِن أمتِي لَنْ يُصَابَ بمصيبةٍ بَعْدِي أشدّ عليهِ مِن مصِيبتِي" (^٥). قال أبو الجوزاءِ (^٦): كانَ الرَّجلُ مِن أهلِ المدينة إذا أصابَتْهُ مُصِيبَة جاءَ أخُوه فصافَحَهُ، ويقول: يا عبدَ الله! ثِقْ باللَّهِ (^٧)، فإن في رسولِ اللهِ ﷺ أسوَةً حَسَنَةً. اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ … واعْلَمْ بأن المَرْءَ غَير مُخَلَّدِ واصْبِرْ كما صَبَرَ الكِرامُ فإنَّها … نُوَبٌ تَنُوبُ اليومَ تُكْشَفُ في غَدِ (^٨)

(^١) سورة آل عمران، الآية: (١٤٤) وتتمتها: ﴿ومن ينقلِبْ على عَقِبيْهِ فلن يضُر الله شيئًا، وسيجزي الله الشاكرين﴾. (^٢) لفظة "في" لم ترد في (آ). (^٣) في آ، ش، ع: "أيها الناس"، وما جاء في (ب، ط) موافق لسنن ابن ماجه. (^٤) في سنن ابن ماجه: "أيُّما". (^٥) رواه ابن ماجه رقم (١٥٩٩) في الجنائز، باب: ما جاء في الصبر على المصيبة، وإسناده ضعيف. (^٦) هو أوس بن عبد الله الرَّبعي، أبو الجوزاء البصريُّ، ثقة. حكى البخاري أنه قتل في الجماجم سنة (٨٣ هـ). (^٧) في ب، ش، ع، ط: "اتق الله". (^٨) النُّوَبُ: النوائب، جمع نائبة، وهي المصيبة.

1 / 214