( فإن لم تعرف الإباضية يا عقبي) فقد عرفهم المرحوم طيب الذكر كثير المزايا جم الهمم في مصلحة المسلمين السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي رأس الدولة الأيوبية صاحب الفتوحات الشهيرة والمزايا الجمة الكثيرة فمن مزاياه التي لحقت أهل الدعوة من طلبة العلم بطيلون أن جعل المسجد الكبير المنسوب إلى أبي العباس أحمد بن طولون وهو من الجوامع العتيقة الأنيقة الصنعة الواسعة البنيان جعله السلطان المشار إليه مأوى للغرباء من طلبة العلم من الإباضية يسكنونه ويحلقون فيه وأجرى عليهم الأرزاق في كل شهر. ومن أصح ما شاع عن فضائل هذا السلطان النزيه الموفق أن جعل أحكام طلبة العلم الإباضية إليهم لما علمه من سلامة بصيرتهم وصحة عقيدتهم واحترامهم للتكاليف الشرعية وحزمهم وتوقفهم في المشكلات والشبهات وطهارة ذيلهم من الضلالات ولم يجعل يدا لأحد من عمال المملكة عليهم لذ ذاك وأذن لهم أن يتخذوا من أنفسهم حاكما يمتثلون أمره ويتحاكمون في طوارئ أمورهم عنده واستصحبوا الدعة والعافية وتفرغوا لطلب العلم والعبادة ووجدوا من فضل السلطان أفضل معين على الخير الذي هم بسبيله .
وما هو مذكور في رحلة ابن جبير الكناني الأندلسي من فضائل الأعمال قد يستمطر الرحمات على الأيوبي المذكور فطوبى له ثم طوبى ولذلك قد أثمر الله لهذا المسعى فبقيت آثاره هذا بطيلون فالطلبة الإباضية هم الذين يسكنون طولون بوكالة جاموس الموقوفة عليهم خاصة دون غيرهم من أهل المذاهب حين دلت الأيام وتبدلت الأشكال وخالف الخلف سيرة السلف من الملوك والأمراء فرحمة الله على السلطان يوسف بن أيوب .
Bogga 3