وفي «السيرافي على سيبويه»، ج2، ص448 وأواخر ص449: رضا في: رضي.
وقد رأينا من الفائدة بسط الكلام على هذه اللغة الطائية، وجمع ما تفرق فيها من الأقوال وتشعب من الآراء ملتقطة من عدة أسفار، فنقول: ذكر الصرفيون عن طيئ أنهم يجوزون قلب «الياء ألفا» في كل ما آخره «ياء» مفتوحة مكسور ما قبلها؛ وذلك لخفة الألف، وقيده الرضي بألا تكون فتحة الياء فتحة إعرابية، فيقولون في «رضي ورضي - المعلوم والمجهول: رضا ورضا»، وفي «ناصية: ناصاة»، واستشهد غالبهم بقول الشاعر:
نستوقد النبل بالحضيض ونص
طاد نفوسا بنت على الكرم
على أن أصله: بنيت؛ قال التبريزي في شرحه على الحماسة: أخرجه على لغة طيئ؛ لأنهم يقولون في «بقي: بقى، وفي رضي: رضا، وفي بادية: باداة» كأنهم يقرون من الكسرة بعدها ياء إلى الفتحة فتنقلب ألفا. ا.ه.
وقال العلامة البغدادي في «شرح شواهد الرضي على الشافية» عند الكلام على هذا البيت ما نصه: «طيئ يفتح قياسا ما قبل الياء إذا تحركت الياء بفتحة غير إعرابية، وكانت طرفا، فتنقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار بنات؛ فحذفت الألف لالتقاء الساكنين.» قال ابن جني في «إعراب الحماسة»: هذه لغة طائية، وهو كثير إلا أنه ينبغي أن تعلم أن الكسرة المبدلة في نحو هذا فتحة مبقاة الحكم غير منسية ولا مطروحة الاعتداد بها، ألا ترى أن من قال في «بقي: بقى، وفي رضى: رضا» لا يقول في مضارعه إلا يبقى ألبتة، ولو كان الفعل مبنيا عنده على «فعل» أو منصرفا به عن إرادة «فعل» معنى كما انصرف به عنه لفظا لوجب أن تقول في رضا: «يرضو» كما تقول في غزا: «يغزو»، وفي فنا: «يفنو»؛ لأنه عندي من الواوي، وذلك أنه من معنى الفناء للدار ... وغيرها إلى آخر ما ذكره.
ولتوضيح مراد ابن جني ننقل لك ما جاء في تمام عبارته من شرحه على الحماسة، فقد قال بعد استدلاله على أن «فنا» من الواوي ما نصه: «فقولهم إذن: فنا يفنى، ورضا يرضى؛ يريد بذلك على أن الكسرة عندهم في الماضي مرادة معتدة، وفي حكم الملفوظ به ألبتة، بل إذا كانوا قد اعتدوا بحركة العين في نحو: خاف ونام، وإن لم تظهر في العين ألبتة، فأن يعتدوا بكسرة العين - التي تظهر في أكثر اللغات عند أغلب الأحوال - أجدر وأخلق.» ا.ه.
قلت: مراد ابن جني أن يستدل على شيئين في وزن «بقى» الطائية وأمثالها؛ الأول: أنها ليست على «فعل» أصالة، والثاني: أنها ليست على «فعل» محولا عن «فعل» ومقطوعا النظر فيه عن إرادة الكسر، بل هي مع هذا الفتح العارض على عينها في اللفظ لم يزل الكسر ملحوظا فيها، ودليله أنهم قالوا: يرضى في مضارع رضا، ولو كان على «فعل»، أصالة أو منصرفا عن إرادة «فعل» المكسور العين لوجب أن يقال مضارعه: يرضو؛ لأنه واوي، كما قالوا في غزا: يغزو، وفي فنا: يفنو؛ لأن «فنا» عنده من الواوي
2
ولما لم يقولوا فيه إلا «يرضى»؛ دل على أن الفعل لم يزل على «فعل» مكسور العين حكما، وإن كان مفتوحها لفظا.
Bog aan la aqoon