[اللفظ المكرم1]
K
اللهم صل على سيدنا محمد وآله
الحمد لله الذي خلق فسوى ، وأسعد وأشقى ، وحلل وحرم ، وقدر فهدى ، وقضى فأمضى ، فلا ناقض لما حكم وأبرم ، ووهب فأغنى ، وأعطى فأقنى ، وأتحف وأكرم ، ومن وتطول ، وأنعم وتفضل ، ومن بركة إنعامه بركة عاشوراء المحرم ، جعله موسما لاجتهاد العباد ، ومغنما لاكتساب الزهاد ، ومعلما لقبول توبات العباد ، فالعمل فيه أجره معظم ، فطوبى لمن كان فيه من القانتين ، وفوزا لمن لمن أقلع فيه فكان من التائبين ، لأنه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على آخرين ، فسبحانه ما أوسع عفوه ، وأسبغ فضله ، وأحلم ، نحمده على ما أولى من العطايا ، ونشكره على ما أسبغ من الهدايا التي منها دخول الأوقات الفاضلة على البرايا ليفيض من بركاتها على من يشاء ويعلم ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد المعبود ، الواجد الماجد ذو الكرم والجود ، الخالق الرازق المدبر لهذا الوجود ، حكمته بالغة تبهر العقول فيما دبر وأحكم ، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده الذي أوضح الدلالة ورسوله الذي بلغ الرسالة ونبيه المنقذ من الضلالة ، الخاتم للأنبياء السابق المقدم صلى الله عليه وعلى آله ذوي الشرف الأنيق ، وعلى أصحابه أولى الصدق والتصديق ، وعلى التابعين لهم بإحسان من كل فريق ، ما دارت مواسم الخيرات التي ببركتها نفوز وننعم ، وسلم تسليما ، أما بعد :
Bogga 1
فقد روينا في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ( قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله - عز وجل - بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى - عليه السلام - ، قال : فأنا أحق بموسى منكم فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر بصيامه ) (1) .
هذا الحديث فيه فوائد سنية وأحكام سنية ، منها :
أن قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المشار إليه كان من سفر الهجرة من مكة الشريفة إلى المدينة المشرفة .
Bogga 2
وظاهر الحديث قبول خبر اليهود مع أنه غير مقبول ، فيحتمل والله أعلم أنه أوحي إليه بصدقهم فيما قالوه من نجاة بني إسرائيل من عدوهم في يوم عاشوراء ، وصيام موسى عليه الصلاة والسلام ذلك اليوم ، أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبره بذلك من أسلم من علماء اليهود كابن سلام وأمثاله والله تعالى أعلم .
وقول ابن عباس رضي الله عنهما ( فصامه وأمر بصيامه ) دليل للإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه على أن صيام عاشوراء كان واجبا قبل فريضة صوم رمضان .
Bogga 3
واختلف أصحاب الإمام الشافعي رحمة الله عليهم في حكم صيامه أول الإسلام على وجهين ، أشهرهما أنه لم يزل سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة ولكنه متأكد الاستحباب ، والدليل عليه ما أخرجه مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهذا اليوم : ( هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم ، فمن أحب منكم أن يصومه فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر ) . هذا الحديث كله مرفوع كما هو ظاهر فيما رواه النسائي من حديث حميد عن عبدالرحمن بن عوف سمعت معاوية رضي الله تعالى عنه يوم عاشوراء وهو على المنبر يقول : يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في مثل هذا اليوم : ( إني صائم فمن شاء أن يصوم فليصم ) (1) .
Bogga 4
وقال الإمام أبو بكر عبدالله ابن الإمام أبي داود السجستاني : حدثنا إبراهيم بن مروان الطاطري حدثنا أبي حدثنا خالد يعني ابن يزيد حدثني العلاء عن مكحول عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما أنه كان يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا حضر رمضان قال : ( إنا رأينا هلال شعبان يوم كذا وكذا ، والصيام يوم كذا وكذا ، قال : وكان إذا كان يوم عاشوراء قال : اليوم عاشوراء ، وإنا صائمون ، فمن شاء أن يصوم فليصم ومن شاء أن يفطر فليفطر ) (1) .
وحكى القاضي عياض رحمة الله عليه عن بعض السلف أنهم كانوا يقولون : كان صوم عاشوراء فرضا وهو باق على فرضيته لم ينسخ وانقرض القائلون بهذا ، وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض وإنما هو مستحب ، انتهى (1) .
وذكر الإمام أبو بكر البيهقي رحمة الله عليه أن الأصح أن عاشوراء لم يكن صيامه واجبا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمرهم بالأمساك عن الأكل فيه لم يأمرهم بالقضاء ولو كان واجبا لأمرهم بالقضاء .
وحكى الإمام أبو زكريا النووي رحمة الله عليه الاتفاق على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب .
وقال عبدالصمد بن النعمان ثنا عبدالصمد بن حبيب عن أبيه عن شبيل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوم من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : ( ما هذا ؟ قالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق وغرق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى عليهما الصلاة والسلام شكرا لله - عز وجل - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا أحق بموسى ونوح وأحق بصوم هذا اليوم فأمر أصحابه بالصوم ) . وخرجه الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه في مسنده بنحوه .
وعاشوراء المذكور هو : اليوم العاشر وهو المشهور ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، ومالك بن أنس ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهوية ، والجمهور .
قال يحي بن محمد بن صاعد الحافظ ثنا محمد بن يحي بن الأزدي ثنا هشام ابن سفيان ثنا عبدالله بن عبيدالله عن أبي الشعثاء قال : قالت عكناء أو قال : عتكاء ابنة أبي صفرة أخت المهلب رضي الله تعالى عنها : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بصوم عاشوراء ، وقال : عاشوراء يوم العاشر ) . وخرجه أبو عبدالله أبن مندة في كتاب المعرفة ، وهو غريب .
Bogga 5
وجاء عن محمد بن سيرين أنه قال : كانوا لا يختلفون أنه اليوم العاشر إلا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فإنه قال : إنه اليوم التاسع .
وهذا مشهور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال كامل بن طلحة ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : يوم عاشوراء هو اليوم التاسع .
وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا من طريق علي بن بكار قال : ثنا أبو أمية ابن يعلى عن سعيد المقبري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عاشوراء يوم التاسع . خرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب حلية الأولياء .
وقال مسلم في صحيحه : وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن حاجب بن عمر عن الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له : أخبرني عن صوم عاشوراء ، فقال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما ، قلت : هكذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصومه ؟ قال : نعم . ورواه محمد ابن يونس الكديمي فقال : حدثنا يحي بن كثير ثنا حاجب بن عمر أبو خشينة عن الحكم بن الأعرج قال : رأيت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما متوسدا رداءه عند زمزم فسألته عن يوم عاشوراء فقال : إذا رأيت هلال المحرم فعد تسعة أيام وأصبح تاسعها صائما فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم التاسع .
وقال أبو خليفة : ثنا أبو الوليد ثنا حاجب فذكره .
وقال مسدد ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا حاجب بن عمر فذكره .
ورواه مسلم أيضا في صحيحه مختصرا من طريق معاوية بن عمرو حدثني الحكم بن الأعرج .
Bogga 6
وقيل إن قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على عادة العرب في تسميتهم أوراد الإبل فإنهم يحسبون يوم الورد في الإظماء فيسمون اليوم الخامس من أيام الورد ربعا ، وكذلك إلى التسع والعشر فيكون عاشوراء على هذا هو اليوم التاسع .
وقول الجمهور هو المشهور ، حدث عمر بن محمد بن واقد الأسلمي عن عبدالحميد بن جعفر عن محمد بن يحي بن حبان عن يوسف بن عبدالله بن سلام عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال : كانت اليهود تصوم اليوم العاشر من المحرم ، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قال : ما هذا اليوم ، قالوا : صامه موسى عليه الصلاة والسلام فنحن نصومه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( نحن أحق بموسى منكم فصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاشر وأمر بصيامه ) وكان عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه يصوم يوم العاشر حتى مات .
وهذا اليوم هو الذي جاء الترغيب في صومه والعزم على التوبة في يومه.
صح عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال : ( يكفر السنة الماضية ) . خرجه مسلم وفي بعض ألفاظه قال : ( وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله ) .
وحدث سفيان بن عيينة عن داود بن شابور عن أبي قزعة عن أبي الخليل عن أبي حرملة عن أبي قتادة يعني الأنصاري رضي الله تعالى عنه يبلغ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( صوم عاشوراء يعدل صيام سنة ) .
وقال علي بن يزيد الصدائي ثنا محمد بن عبدالله عن أبي الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صوم يوم عاشوراء يعدل سنة) وله شاهد من حديث قتادة بن النعمان وأبي سعيد الخدري وغيرهما رضي الله تعالى عنهم .
وقال إياس بن خالد الجهني من بني مرة بن عبيد ثنا أبو إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن صوم عاشوراء عدل ألف يوم .
Bogga 7
وجاء عن حبيب بن أبي حبيب وهو حبيب بن محمد أخبرني أبي حدثني إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوم عاشوراء كتب له عبادة سبعين سنة بصيامها وقيامها ) وذكر الحديث .
وحدث إسماعيل بن عباس عن مقاتل بن سليمان عن محمد بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال : من صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله ، وهو صوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وجاء عن عمر بن صهبان عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبدالله عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام عاشوراء غفر له ) .
وقال سفيان بن زياد البلدي ثنا عبدالله بن أبي علاج ثنا هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن ابن غنم عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الخير يفرغ في ليلة الأضحى وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان وليلة عاشوراء ) .
وحدث عبدالله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن كريب بن سعد سمعت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول : إن الله - عز وجل - لا يشكر يوم القيامة إلا عن صيام رمضان ويوم الزينة يعني يوم عاشوراء .
وقال عبدالله بن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال : من صام يوم الزينة يعني يوم عاشوراء أدرك ما فاته من صيام السنة ، ومن تصدق يومئذ أدرك ما فاته من صدقة السنة .
[ وتفاصيل هذا ما جاء الحث النبوي فيه على الصوم ]
قال جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده . الحديث .
Bogga 8
وصح عن الربيع بنت معوذ رضي الله تعالى عنها قالت : أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة ، من كان أصبح صائما فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه ، فكنا بعد نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار .
وقال عفان بن مسلم ثنا وهيب ثنا عبدالرحمن بن حرملة عن يحي بن هند عن هند بن حارثة وكان هند من أصحاب الحديبية وأخوه الذي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر قومه بصيام يوم عاشوراء وهو أسماء بن حارثة فحدث يحي بن هند قال أسماء بن حارثة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه قال : مر قومك بأن يصوموا هذا اليوم ، قال : فإن وجدتهم قد طعموا ؟ قال : فليتموا آخر يومهم .
وثبت عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان يوم عاشوراء يوم تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صامه وأمر الناس بصيامه ، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه . رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وقد جاء ذكر السبب في صيام أهل الجاهلية يوم عاشوراء
فيما روى عن دلهم بن صالح قال : قلت لعكرمة : عاشوراء ما أمره ؟ قال : أذنبت قريش في الجاهلية ذنبا فتعاظم في صدورهم ، فسألوا ما توبتهم ؟ قيل : صوم عاشوراء .
Bogga 9
وصح عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن عباس عنها الله تعالى عنهما قال : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان . خرجاه في الصحيحين . ولفظ مسلم قال : ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوما يطلب فضله على الأيام مثل هذا اليوم ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان .
وقال عبدالأعلى بن حماد النرسي ثنا عبدالجبار بن الورد سمعت أبي مليكة سمعت عبيدالله بن أبي يزيد قال : قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان أو يوم عاشوراء ) . وخرجه الطبراني في معجمه الأوسط .
وقال هشام بن عمار ثنا شعيب بن إسحاق عن سعيد بن أبي عروبة عن يحي بن أبي كثير عن عبيدالله بن أبي يزيد سمعت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام صيام يوم إلا عاشوراء ويوم عرفة .
Bogga 10
وقال مسلم بن إبراهيم حدثتنا علية ابنت الكميت العتكية سمعت أمي أمينة أنها أتت واسط زمن الحجاج تطلب عطاؤه قالت : فقالت : ثم مولاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال لها أمة الله بعث إليها الحجاج فجيء بها ، قالت : وكانت أمها خادما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال لها رزينة ، قالت أمينة : قلت لأمة الله : أسمعت أمكي تذكر في صوم عاشوراء شيئا ؟ قالت : نعم حدثتني أمي رزينة أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعظمه حتى إن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضيع عليهم السلام في ذلك اليوم فيتفل في أفواههم ، يقول لأمهاتهم لا ترضعينهم إلى الليل وكان ريقه - صلى الله عليه وسلم - يجزيهم. ورواه الحارث ابن أبي أسامة قال حدثنا عبدالعزيز بن أبان عن عليلة بنت الكميت الازدية قالت حدثتني أمي عن أمة الله عن رزينة خادمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو مراضعه ومراضع فاطمة عليهم السلام يوم عاشوراء فينفث في افواههم ، ويقول : لا تسقوهم شيئا الى الليل .
وفي هذا أن بعض المراضع في زمن النبوة كانوا لا يرضعون في يوم عاشوراء .
وجاءت الرواية بصيام الطير والوحش يوم عاشوراء من ذلك ما يروى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا أن الصرد (1) أول طير صام يوم عاشوراء .
Bogga 11
وقال أحمد بن سنان ثنا عبدالرحمن بن مهدي عن عبيدالله بن النضر عن [ابنه] (1) عن قيس بن عباد قال : بلغني أن الوحش كانت تصوم يوم عاشوراء . تابعه محمد بن بشار عن ابن مهدي .
وحدث به يحي بن أبي طالب أبا يعقوب بن الحضرمي أنا عبيدالله بن النضر حدثني أبي عن جدي عن قيس يعني ابن سعد بن عبادة أنه بلغه أن الوحش تصوم يوم عاشوراء .
كذا نسب قيسا والصواب إن شاء الله تعالى رواية ابن مهدي فهو قيس ابن عباد المنقري ، وكذلك رواه أبو موسى المديني عن قيس بن عباد قوله .
وروي أن رجلا أتى البادية في يوم عاشوراء فرأى قوما يذبحون ذبائح فسألهم عن ذلك فأخبروه أن الوحوش صائمة ، وقالوا : اذهب بنا نرك فذهبوا به إلى روضة فأوقفوه ، قال : فلما كان بعد العصر جاءت الوحوش من كل وجه فأحاطت بالروضة رافعة رؤسها ليس شيء منها يأكل حتى إذا غابت الشمس أسرعت جميعها فأكلت . رواها أبو موسى المديني .
وروي عن فتح بن شخرف رحمة الله تعالى عليه قال : كنت أفت للنمل الخبز كل يوم ، فلما كان يوم عاشوراء لم يأكلوه .
وذكر أبو الحسن علي بن عمر بن محمد القزويني الزاهد رحمة الله تعالى أن يوم عاشوراء تصومه النمل .
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن الأسود قال : ما رأيت أحدا أمر بصوم عاشوراء من علي بن أبي طالب وأبي موسى يعني الأشعري رضي الله تعالى عنهما وممن روى عنه صيام يوم عاشوراء من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالرحمن بن عوف وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد بن عبادة وعبدالله بن عباس وغيرهم رضي الله تعالى عنهم ، وممن بعدهم علي بن الحسين زين العابدين وسعيد بن جبير وطاوس والزهري وأبو إسحاق السبيعي وخلق .
Bogga 12
ويستحب أن يصام مع عاشوراء اليوم الذي قبله وهو تاسوعاء ، وممن قال باستحباب صيامهما الشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وآخرون .
واستحباب صيامهما معا لفوائد ، منها : الخروج من الخلاف فعند ابن عباس والضحاك بن مزاحم أن عاشوراء هو التاسع .
ومنها : مخالفة اليهود فإنهم يصومون عاشوراء فقط ، وجاء الأمر بذلك قال محمد بن سليمان لوين الحافظ ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن داود ابن علي عن أبيه عن جده (1) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما أو بعده يوما ) . خرجه الإمام أحمد في مسنده فقال : ثنا هشيم ثنا ابن أبي ليلى فذكره . ورواه موسى بن سفيان قال حدثنا عبدالله بن الجهم أنا عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى فذكره مسندا .
وروى الإمام أحمد أيضا في مسنده قال ثنا عبدالرزاق ومحمد بن بكر قالا أنا ابن جريج قال وأخبرني يعني عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول في يوم عاشوراء : خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر . هذا الموقوف أشبه بالصواب والله تعالى أعلم .
Bogga 13
ومنها : فعل ما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يفعله ، لأنه قد ثبت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع ) قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي بعض طرقه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) . خرجهما في صحيحه (1) .
وجاءت الرواية بصيام النبي - صلى الله عليه وسلم - تاسوعاء ، قال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ثنا أبو الوليد ثنا حاجب بن عمر ثنا الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنه وهو متوسد رداءه عند زمزم فجلست إليه ، ونعم الجليس كان ، فسألته عن عاشوراء فاستوى جالسا وقال : عن أي بالها تسأل ؟ قال : قلت : عن صيامه أي يوم نصومه قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح من تاسعه صائما ، قال : قلت : أكذلك كان يصوم محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . خرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وقيل معنى حديث كان يصومه : لو عاش - صلى الله عليه وسلم - ، وبهذا الجمع بين الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - ( فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع ) .
ومن فوائد صيام تاسوعاء مع عاشوراء : الاحتياط في صومه حذرا من الغلط في حساب الأيام ولهذا والله أعلم كان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر من المحرم خشية فوات عاشوراء ، وكان أبو إسحاق السبيعي يصوم كذلك ويقول : إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتني .
Bogga 14
وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول : رأيت عبدالرحمن بن مهدي في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وقربني وأدناني ورفع منزلتي ، فقلت : بماذا ؟ قال : بمواظبتي على يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده . يعني صيام ذلك .
ومنها : أن الأعمال الصالحة إذا وقع فعلها في وقت وقت شريف تضاعف أجرها ، لأن من صام يوما في سبيل الله باعد النار عن وجهه سبعين خريفا ، فإذا وقع صيام اليوم في وقت شريف كانت المباعدة عن النار أعظم .
ومن الوقت الشريف الذي يضاعف فيه أجور الأعمال الصالحة شهر الله المحرم ، خرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) وخرجه أبو داود والترمذي والنسائي . ورواه ابن ماجه دون ذكر الصلاة .
وخرج الطبراني في معجمه الصغير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين ، ومن صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثين يوما ) . وخرجه أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين في كتابه فضايل عاشوراء من طريق سلام بن سليم الطويل عن حمزة يعني الزيات عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوما من المحرم فله ثلاثون يوما ) . وكذلك خرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه ثواب الأعمال ولفظه ( من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثين يوما ) .
Bogga 15
وجاء من حديث النعمان بن سعيد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه أتاه رجل فقال : ياأمير المؤمنين أي شهر أصوم بعد رمضان؟ قال : لقد سألت عن شيء ما سمعت رجلا يسأل عنه بعد رجل سأل عن عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله الأصم ، وفيه يوم تيب فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين .
وقال إسحاق بن بهلول ثنا إسحاق بن الطباع عن سلام الطويل عن زيد العمي عن الحسن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن حملة العرش يعرفون حرمة عاشوراء ويعظمونه .
وكان في هذا اليوم الشريف حوادث
منها : استواء سفينة نوح عليه الصلاة والسلام على الجودي ونجاته ومن معه فيها من الغرق كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
وروى أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين من طريق المحاربي عن عثمان ابن مطر عن عبدالغفور بن عبدالعزيز عن عبدالعزيز بن سعيد عن أبيه رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن نوحا عليه الصلاة والسلام هبط من السفينة على الجودي في يوم عاشوراء فصام يوما وأمر من معه بصيامه شكرا .
ومن طريق سلام بن أبي مطيع عن زيد يعني العمي عن معاوية يعني بن قرة أن نوحا - عليه السلام - صام ومن معه في السفينة يوم عاشوراء .
ومن الحوادث : نجاة بني إسرائيل من عدوهم فرعون يوم عاشوراء كما سبق في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره .
وهو يوم الزينة ، حدث القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله { موعدكم يوم الزينة } قال : يوم عاشوراء . خرجه ابن شاهين .
وخرج أيضا من طريق أبي أسامة عبدالله بن أسامة الكلبي قال ثنا عون بن سلام ثنا قيس عن الأعمش عن بعض أصحابه في قوله تعالى { موعدكم يوم الزينة } قال : يوم عاشوراء .
Bogga 16
وذكر مقاتل بن سليمان وغيره أن يوم عاشوراء الذي نجى الله تعالى فيه بني إسرائيل [ من الغرق وكان يوم الإثنين ] (1) .
وحدث أبو صالح الهذيل بن حبيب الأزدي عن مقاتل بن سليمان في قوله تعالى { هل أتاك حديث الجنود } فرعون وثمود ، قال : قد عرفت ما فعل الله تعالى بقوم فرعون حيث ساروا في طلب موسى وبني إسرائيل وكانوا خمسة ألاف ألف وخمسمائة ألف فساقهم الله - عز وجل - بأجالهم إلى البحر فغرقهم أجمعين ، فمن ذا الذي يعصمني فيهم وفي هلاك فرعون وقومه آية عظيمة ، لأن فرعون الذي بعث إليه موسى عليه الصلاة والسلام لم يكن في الفراعنة أعتى منه ولا أشد غلظة ولا أطول عمرا ، واسمه الوليد بن مصعب ، لما جمع السحرة لميقات يوم معلوم وهو يوم عيدهم يوم السبت لثمان خلون من المحرم ، قال مقاتل : كانوا اثنين وسبعين ساحرا اثنان منهم من أهل فارس وبقيتهم من بني إسرائيل ، ولما أن ألقى موسى عليه الصلاة والسلام عصاه بعد أن سحر الساحرون أعين الناس صارت العصا حية عظيمة سدت الأفق برأسها وحلقت ذنبها في قبة لفرعون ، وكان طول القبة فيما ذكره مقاتل سبعين ذراعا في السماء ثم إن الحية فتحت فاها فجعلت تلقم جميع كل شيء ألقوه من سحرهم ثم أخذها موسى عليه الصلاة والسلام فإذا هي عصا كما كانت ، فألقى السحرة ساجدين لله - عز وجل - ، قالوا : آمنا برب العالمين ، فقطعهم فرعون وصلبهم من يومه .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كانوا أول النهار سحرة وآخر النهار شهداء رضي الله تعالى عنهم .
Bogga 17
قال الله - عز وجل - { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي - يعني بني إسرائيل - ليلا إنكم متبعون } أي يتبعكم فرعون وقومه فأمر جبريل عليه الصلاة والسلام أن يجتمع كل أربعة أبيات من بني إسرائيل في بيت ويعلم على تلك الأبواب بدماء الجداء (1) فإن الله - عز وجل - يبعث الملائكة إلى أهل مصر فمن لم يروا على بابه دما دخلوا بيته فقتلوا أبكارهم من أنفسهم وأنعامهم فيشغلهم دفنهم إذا أصبحوا عن طلب موسى عليه الصلاة والسلام ففعلوا واستعاروا حلي أهل مصر وساروا في ليلتهم قبل البحر وهارون - عليه السلام - على المقدمة وموسى - عليه السلام - على الساقة فأصبح فرعون من غد يوم الأحد وقد قتلت الملائكة أبكارهم فشغلوا بدفنهم ثم جمع الجموع فساروا يوم الإثنين ضحى في طلب موسى - عليه السلام - وأصحابه وهامان على مقدمة فرعون في ألفي ألف على الخيل الخضر ليس فيها ماذيانة ، وفرعون في أكثر من ألفي ألف وخمسمائة ألف مقاتل ، فلما ترآى الجمعان جمع موسى عليه الصلاة والسلام وجمع فرعون ، وعاين بعضهم بعضا ، قال أصحاب موسى - عليه السلام - : إنا لمدركون ، البحر أمامنا وفرعون وراءنا ، فقال موسى : كلا لا يدركوننا إن ربي معي سيهديني الطريق .
وقال أبو بكر عبدالله بن أبي داود السجستاني في تفسيره ثنا محمد بن عباد ثنا أبو بكر بن سليمان عن محمد بن إسحاق قال : فأوحى الله - عز وجل - فيما ذكر لي إلى البحر أن إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له . قال: فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من الله تعالى وانتظارا لما أمره به ، وأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه بها وفيها سلطان الله الذي أعطاه فانفرق .
Bogga 18
وقال مقاتل بن سليمان : فلما انتهى موسى - عليه السلام - إلى البحر أوحى الله - عز وجل - إليه أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه لأربع ساعات من النهار فانفلق اثنا عشر طريقا يابسا ، كل طريق طوله فرسخان وعرضه فرسخان ، وقام الماء عن يمين الطريق وعلى يساره كالجبل العظيم ، فذلك قوله تعالى { فانفلق فكان كل فلق كالطود العظيم } يعني : كالجبلين المقبلين ، كل واحد منهما على الآخر وفيها طاقات من طريق إلى طريق لينظر بعضهم إلى بعض إذا ساروا ، فسلك كل سبط من بني إسرائيل في طريق لا يخالطهم أحد من غيرهم وكانوا اثني عشر سبطا ، فقطعوا البحر وهو نهر النيل بين إيلة ومصر ، وخرجوا منه نصف النهار لساعتين فتلك ست ساعات من النهار يوم الإثنين يوم عاشوراء من المحرم ، وأتبعهم فرعون وسلكوا مسلك بني إسرائيل فأغرقهم الله في تسع ساعات مضت من نهار عاشوراء ، ثم أوحى الله - عز وجل - إلى البحر فألقى فرعون على الساحل في عشر ساعات وبقي من النهار ساعتان فصام موسى اليوم العاشر شكرا لله - عز وجل - حين أنجاه وأغرق عدوه فمن ثم تصومه اليهود .
Bogga 19
وقال أبو بكر بن أبي داود في تفسيره ثنا محمد بن عباد ثنا بكر بن سليمان عن ابن إسحاق حدثني محمد بن كعب القرظي عن عبدالله بن شداد بن الهادي الليثي قال : حدثت أنه لما دخلت بنو إسرائيل فلم يبق منهم أحد أقبل يعني فرعون وهو على حصان له من الخيل حتى وقف على شفير البحر وهو قائم على حاله فهاب الحصان أن يتقدم فعرض له جبريل على فرس أنثى وديق فقربها منه فشمها الفحل فلما شمها قدمها فتقدم معها الحصان عليه فرعون ، فلما رأى جند فرعون أن فرعون قد دخل دخلوا معه ، قال : وجبريل أمامه يتبعه فرعون وميكائيل على فرس من خلف القوم يشجرهم على فرسه ذلك ، ويقول : الحقوا بصاحبكم ، قال : حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد ووقف ميكائيل على ناحيته الأخرى ليس خلفه أحد أطبق عليهم البحر ونادى فرعون لما رأى من سلطان الله ما رأى وقدرته وعرف ذلك وخذلته نفسه نادى آمنت ، يقول الله - عز وجل - { فاليوم ننجيك ببدنك } فكان يقول : لئن لم يخرجه الله ببدنه حتى يعرفوه لشك فيه بعض الناس .
ومن رواية أسباط عن السدي في خبر قال فيه : فقال جبريل : يا محمد ما أبغضت أحدا من الخلق ما أبغضت رجلين أما أحدهما فمن الجن حين أبى أن يسجد لآدم عليه الصلاة والسلام ، وأما الآخر فهو فرعون حين قال : أنا ربكم الأعلى ، ولو رأيتني يا محمد وأنا آخذ مقل البحر فأدخله في في فرعون مخافة أن يقول كلمة يرحمه الله بها .
وقالت بنو إسرائيل لم يغرق فرعون والآن يدركنا فيقتلنا فدعا الله موسى فخرج في ستمائة ألف وعشرين ألفا عليهم الحديد فأخذته بنو إسرائيل يمثلون به .
ومن الحوادث في يوم عاشوراء : مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله تعالى عنهما كان يوم عاشوراء في يوم الجمعة بعد العصر سنة إحدى وستين من الهجرة بكربلاء من العراق وهو ابن ست وخمسين سنة .
Bogga 20