بسم الله الرحمن الرحيم قال شيخ الأمة علم الأئمة، ناصر السنة، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي - رحمة الله عليه - الحمد لله على الإنعام السرمد، والصلاة على نبيه أحمد، وعلى من صحبه وتبعه من أحمر وأسود - هذه خطب أنشأتها منتقاة مما كنت أرتجله وتكتب عني في مجالس وعظي على آيات تقرأ بين يدي في الحال، جمعتها من الملتقطين لها، وألفتها على حروف المعجم والله الموفق. حرف الألف الخطبة الأولى الحمد لله الذي بيده الإيجاد والإنشاء، والإنجاد والإعطاء، والأمانة والإحياء، والإعادة والإبداء، والإنعام والآلاء، والحط والعلاء، والرخص والغلاء، والعافية والبلاء، والداء والدواء، خلق الإنسان وخلقت له الأشياء، فمن خلقه كانت الأرض والسماء، وهبت الريح وجرى الماء، وتكون الصباح والمساء، وعلمه الخط فجاء الهجاء، الألف والباء والتاء والثاء، والجيم والحاء والخاء، والدال والذال والراء والزاء، والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء، والعين والغين والفاء والقاف والكاف والميم والنون والواو والهاء، واللام الألف، والياء، ولقنه الإقرار بالقدر فالمنع منه والعطاء (قُل اللهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشاءُ. وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ) يا لها من كلمات ما اهتدى إليها الفصحاء، تأثيرها عند الحساد الأسى والبرحاء والصعداء، وأين هم وقع فيهم يا ابن حلا الجلاء. الخطبة الثانية الحمد لله الذي أنشأ الآدمي من ماء مهين ضعيف وقوى، وغربل اللبن بغربال اللطف وروى، وفتق معاه للقوت فتقوى، بصنعته استدار المصير وتحوى، وبشكر نعمته سجد المصلي وخوى، يصوركم في الأرحام ولا يدرى آدم ولا حواء، وينزل القطر إذا شاء فيبهت السماك والعوى، واها لفصاحتي شوت أكباد حسدتي فلا بطل الشوى، لا ينسى رزق الحمل ولا يهمل قوت النمل ولا الحيات في الرمل تطوى، أجل فكرك في أركانك وتدبر بناء بنانك ويكفي في العبر نطق لسانك كلما تلوى، فإذا عرفت ما أنعم به وأبلى، وتيقنت ما أسدى وأولى، (سَبِّح اِسمَ رَبِّكَ الأعلى، الّذِي خَلَقَ فَسَوّى) . الخطبة الثالثة الحمد لله الذي جل وجلى، ودفع عمن لطف به كلا، وتقدس عن مثل وشبه كلا، يراه المؤمنون في الجنة إذا تجلى، ويضرب الكافر بصوت القلى فيتقلى، فيقال: ألا كان هذا قبل هذا ألا، (قد أفلَحَ مَن تَزَكَّى، وَذَكرَ اِسمَ رَبِّه فَصَلّى)،أحمده حمد عنا تبلا ولا تبلى، وعلى جميع أصحابه وأبو بكر قبلًا، وعلى عمر الذي لم تدع هيبته لكسرى عقلًا، وعلى عثمان الذي فضله من الشمس أحلى، وعلى علي الذي ما أقدم قط فتولى، أفيدعي أنه يحبه ونبغضه نحن ألا، على عمه العباس الذي أصبح السحاب ببركته مستهلًا، جد سيدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين - رحمة الله عليه - الذي أمطر جود جوده وبلا لا طلا، لا ينتفع من خرج عن طاعته وإن صام وصلى، صلى من حيث سبق المتقدمين وكلهم لسبق سيرته صلى، يا لها من كلمات ملأت شرق الفصاحة وغربها وخصت نهر معلى. الخطبة الرابعة الحمد لله سامع السر والنجوى، وكاشف الضر والبلوى، ومغيث المتلهف قبل الشكوى، ومبلغ المؤمل غاية أمله القصوى، يسوق الرزق في البر إلى الذر والأروى، كم أعطش عدله وكم أغبق فضله وأروى، من تفكر في ذاته وقع بعيد المهوى، ومن خالفه باتباع هواه ضره ما يهوى، لا ينظر إلى صور الأعمال وإنما يناله التقوى، مد أمد الحلم عن فرعون وقد أضل وأغوى، إلى أن غرق يوم اليم أين المنقلب والمثوى، كم آية صرحت وكم زاجرة لوحت فلم ينتفع بالصريح ولا الفحوى، بليت جوارحه وبقيت مقابحه تروى، ويبس زرعه فخلا ربعه وأقوى، وكم أهلكت الذنوب من كان أكثر منه وأقوى، (وقَومَ نُوحٍ مِن قَبلِ إنَّهُم كانُوا هُم أظلَمَ وَأَطغَى، والمُؤتِفكَة أهوى) . حرف الباء الخطبة الأولى

1 / 1

الحمد لله الذي خلق النوى والحب، وخلق الفاكهة والأب، وأبغض وكره وأحب، وأمرض وداوى وطب، أنشأ الحيوان بقدرته فدب، ثم حامى عنه بلطفه وذب، ورباه فأحسن تدبيره حين رب، فالعجب لمربوب ينكر الرب، عم أنعامه في البحر الحوت وفي البر الضب، اختار محمدًا فشرح صدره فلب، وصبت المحبة في قلبه فانصب الصب، وكان يسمى بالأمين صغيرًا وبعدما شب، ثم اجتمع له المراد بالنصر واستتب، وقهر الأعداء حتى ألبسهم الزناد والقب، وقمع كل من يتجرع الخنق فاختنق حين عب، فقيل لنبينا يا حليم نحن نجيب عنك الخب (تَبَّت يَدا أبِي لَهبٍ وَتَبّ) . الخطبة الثانية الحمد لله ربي عقائد الموحدين فعرفوه ربا، وصفى قلوب المحبين فصب معرفته في قلب الصب به صبا، وابتعث محمدًا فجعله خير من أقلته الغبراء وأظلته الجربا، وحفظ دينه بخلافه الأربعة فكم ردوا إليه من تأبى، ثم شرحه بأربعة أئمة بثوه شرقًا غربًا، أبو حنيفة ومالك والشافعي وقد أربى، وأحمد الذي عز ضريبه لما حمل لنصر القرآن ضربا، ورفعوا الظلمة ونفعوا الأمة ودفعوا الغمة وكفوا حربا (وكانَ وراءَهم مَلِكُ يأخُذُ كُلَّ سَفينةٍ غَصبا) . الخطبة الثالثة الحمد لله الذي يختار من يشاء ويجتبي، فمن المختارين يوسف النبي صاح الهوى يا زليخا راودي والعبي، فقاوم الشهوة مقاومة الفطن لا الغبي، فصوتت ميزان شهوات زليخا بذلك الصبي، جز فقد أطفأ نورك لهبي، وكان القميص أصدق شاهد أعلى الأمر المختبي (اَذهَبُوا بِقَميصِي هَذا فألقُوهُ عَلى وَجهِ أبِي) أحمد إذا ظفرني بالمعاني قبل طلبي وأصلي على رسوله الأمي العربي، وعلى صاحبه أبي بكر أبي، وعلى عمر مخرج الرسول من دار الخيزران وقد طال ما خبي، وعلى عثمان الذي بابنتي رسول الله حبي، وعلى علي الذي من زمن الطفولية في الإسلام ربي، وعلى عمه الذي قال فيه الرسول عمي وصنو أبي، جد سيدنا ومولانا الإمام الواجبة ومخالفه جاهلي في مذهبي، هل أخبرتم بمثل سيرته أو خبرتم كسريرته فيا أكف المؤرخين اكتبي، فموالات أيامه حسبي وخدمتي عزي وحسبي، ثم الشكر لمن غرس الفصاحة في أرض قلبي وقال اخصبي، وكل ألفاظي ممرع ليس فيها وبي، وذلك بفضل ربي لا بأمي وأبي، يا أعين الناس انظري واعجبي، ويا قلوب الحاضرين افهمي واضربي، لو قاومني كل الفصحاء غلبتهم أي والنبي. حرف التاء الخطبة الأولى سبحانك نوعت المخلوقات وجنست، وتعاليت عن نظير ووزير وتقدست، احرس عقائدنا عن الزيغ كمن قد حرست، ثم تمارا إيماننا فأنت الذي غرست، آنس قلوبنا بالإيمان ولا توحش من آنست، ورفعتنا بالإقرار وبالقرآن وكم قد وكست، أتقول ألسنة الجاهلية إنه شعر لو شئت لأخرست، أتدعي يا مسيلمة قول مثله أفلست، أتعارض (والنازِعاتِ غَرقا)، بالأكلات أكلًا أنحست، أتدعي يا بدعي إنه مخلوق مرك جست، ما لنبينا معجز كالقرآن ثم تمحوه نيكست، ما يسلم من بدي قدح البدعي في ني بشكست، يا لها من كلمات كالنبال الصائبات (وَكذَلِك نُصَرِّفُ الآياتِ وَليقُولُوا دَرَست) . الخطبة الثانية الحمد لله الذي بت الفكر عن عرفان جلال ذاته بتا، وبث القدر في الأحوال فكم مصيف ما شتا، بطش ففت الجبال الشم الصم بقهره فتا، وأنعش فلم ينته عفوه حتى الخطايا حتا، أخرج يوسف من السجن بفضله وحبس بفضله يونس بن متى، منع الألكن الفصاحة فهو يروم ما لا يتأتى (وَالليلُ إذا يَغشَى، والنَهارُ إذا تَجَلَّى، وما خَلقَ الذَكَرَ والأُنثَى، إن سَعيَكُم لشَتَّى) . الخطبة الثالثة الحمد لله الذي يمهل ولا يخاف فواتا، الذي قال للكون كن فواتى، جمع بقدرته من المختلفات أشتاتًا، وفرق بين الإلفين وكم باتا، وقسر بقهره من تكبر وتعاتى، كم مطمئن في عزته أخذه بعزته بياتا، وكم هدم قصرًا مشيدًا وكم زلزل أبياتا، يعلم ضمائر القلوب ويسمع أصواتا، لا ينقصه من ملكه ما وهب وآتى، جعل مهر الأخرى طلاق الدنيا بتاتا، وأعلم الزاهدين أنها لا تستطيع ثباتا، مد الأرض وأثبتها بالجبال إثباتا، وأخرج منهاجًا وأبًا جعله أقواتا، وصيرها مساكن الخلق تربيهم صغارًا وتضمهم رفاتا، وكتب لفناء ساكنيها عمرًا مقدرًا وميقاتا، فقضى لهم حياة وقضى عليهم مماتا، ما تأتي عبرة مثل أن أباك وأمك ماتا، (ألم نَجعَلُ الأرضَ كِفاتا، أحياءً وأمواتا) . الخطبة الرابعة

1 / 2

الحمد لله القاسم المرزق والجالب للقوت، القادر فلا يعجزه شيء ولا يفوت، الموصوف بالقدم وبالكرم منعوت، العالم بما فوق الفوق وتحت التحوت، له العز والكبرياء والملكوت، وإليه المرجع والرغبوت، ومنه الخوف والحذر والرهبوت، إذا حدق الفكر نحو عظمته رجع وهو مبهوت، صرعت أقداره العتاة فهلك إبليس وماروت، ورفع إنعامه المحتقرين فملك على ضعفه طالوت، وقوت إعانته المنكسرين فقتل داود جالوت، ينفخ في الصور فيقوم من القبور الأموات الخفوت، ويناقش في السؤال فإذا الفصيح صموت، واعجبًا لهذا العظيم يعبد معه صنم منحوت، موصوف بالكلام وقد جل عن وصف السكوت، ولقد قالوا في كلامه ما لا يقال في االموت، جاء جهم ذو النظام والمريس فخربوا البيوت، كل منهم كان محنة وكل طاغوت، أيقال إن القرآن ليس بمسموع ما قال راس المشبه ولا راس الجالوت، كلا بل هو المسموع المتلو في بيوت، يا أئمة السلف جحدت السكينة وسرق التابوت، أتراهم ابتدعوا النبل الحطام سم وخشوت، احذرهم ودع انسهم ثم لا تنسهم في دعاء القنوت، وجاهد أعداء السنة أهل الغي (وَتَوَكَّل عَلى الحيَّ الّذي لا يَمُوتُ) نسجت ثوب السنة فدار المنوال وتم المشتوت، يا لكلامي أحسن من در ماروت، مليح ولا غمرة بدين ولا قنوت، ظرف مملوء ظرفًا لا كقول مكبوت، أيماثل نسج دود القز ونسج بيت العنكبوت، أيشبه الدر بالبعر من مثل هذا أموت، بينه وبين غيره كما بين العرش والبهموت، لا يقدر على مثل قولي ولكن سل عن البخوت. الخطبة الخامسة الحمد لله القديم فلا يقال متى، القاهر بعز سلطانه كل جبار عتا، المحمود على أي قضاء منه أتى، قرب موسى نجيا فقرت عين الفتى، وأرسله بمعجز العصا إلى من عصى فنسخ بحقه باطلهم نسخ الصيف الشتاء، فلو رأيت أعداءه قد جمعوا واجتمعوا، فنادى لسان النصر ولكن ما سمعوا، (وَألق ما فِي يَمِينِك تَلقَف ما صَنَعوا كَيدُ ساحرٍ ولا يفُلِحُ الساحِرُ حَيثُ أتى) . حرف الثاء الخطبة الأولى الحمد لله الذي يكشف الكرب يغيث، ويروح بالفرج قلب اللهيث، يحلم عمن يعصي ويفسد، وعيده بطيء ووعده حثيث، أنزل القرآن فجحده الوليد وكم تبع الخبيث، وادعى مسيلمة معارضته فإذا في الرجل تخنيث، وافتضح ذو الخمار فسقطت النقطة من اسمه وميث، هؤلاء لما هلكوا وأخذ المبتدعة المواريث، ما يرضى لهم طوفان نوح وريح عادٍ فاصبر يا مستريث، انتدب الحق بنفسه لجاحد كلامه بمن يستغيث، (فَذَرنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ) . الخطبة الثانية الحمد لله الذي أجزل النعم وبثها بثا، فكم كشف كربًا وكم رفع بثا، وكم قوى أملًا كان قد رثا، أنزل من السماء ماء فسقى حرثا، وأخرج لبنًا قد جاور دمًا وفرثا، فردى به نفوسًا كانت عطشى غرثى، أنشأ الجبال صمًا ثم يعيدها هباء منبثا، كمثل الرجل ونقص وحير الخنثى، وكم سلب طفلًا وما بلغ بعد حنثا، وجازى بالأعمال فيها يثنى ويثنى، أقام العابدين يبعثون نوق الجد يحذرون بعثا، فكلما حركهم الخوف زادوا المطي حثا، (فاستَجابَ لَهُم رَبُّهُم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عاملٍ مِنكُم مِن ذَكرٍ أو أُنثى) . الخطبة الثالثة الحمد لله مخرج المزارع برفقة والحروث، ومشبع الجائع برزقه والفروث، من أصل كالبذر وغير أصل كالكشوث، يحب الوافي بالعهود ويقلي النكوث، ويبغض النفاق وتكفي سورة البحوث، يخلط الأمشاج في مستقرها ويموث، فترتب القدرة المعا ثم الفروث، والكبد تطبخ الطعام وهو بالهضم محثوث، والقلب تارة يفرح وتارة مخروث، والروح مدبر البدن والقلب سلطان البعوث، والآدمي قليل الشكر للنعم وللبلاء نفوث، متكبر وتؤذيه بقة ويزعجه برغوث، سبحان من صنعه جميع الموجودات من يعوق ومن نسر ومن يغوث ويا قلة بقائه ثم إنه بعد الموت مبعوث، يوم تظهر الأموال الرائعة إذا وقعت الواقعة (القارِعَةُ، وما القارِعَة. وَما أدراكَ ما القارِعَة، يَومَ يَكُونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوث) . حرف الجيم الخطبة الأولى

1 / 3

الحمد لله الغني فليس له حاجة، المريد ولا باعث أهاجه، بنى بقدرته السحب الرجراجة، وأوقد بصنعته الوهاجه، وعلم عد قطرات البحر وأمواجه، نفذ قضاؤه فرمى كسرى وكسر تاجه، وحط قيصر ونقض ابراجه، كلامه مكتوب ودع العفص وزاجه، فمرض البدعي لا يقبل علاجه، اعتقاد المبتدع وتد في رمله وعقد السني مسمار في ساجه، ليل المبتدع بلا صباح ووجوه أهل السنة صباح (كَمِشكاةٍ فِيها مِصباحُ المِصباحُ فِي زُجاجَة) . الخطبة الثانية الحمد لله سامع الهمس والضجيج، ومدرك الركز والعجيج، له ذل المصلون وقصد الحجيج، الأمور تجري بقضائه لا بمقتضى التقويم والزيج، على قانون حكمه لا زيغ فيه ولا تعويج، لألطافه إلى من عصاه تطلع وتعريج، يعلم قطرات البحر وما يجري منه في خليج، ويبغض المزمار ويحب البكاء على الأوزار والنشيج، أقرت العقول بوجوده فأما الإحساس ففي أمر مريج، خرج النور بقدرته ونبت، فنبت عنه الأرض (وَرَبَت وأنبَتت مِن كُلِّ زَوجٍ بهِيج) . الخطبة الثالثة الحمد لله الخالق ولم يمس ولم يعالج، العالم بعدد الأشياء فسواء الجبال ورمل عالج، أنشأ الآدمي من طين والجان من مارج، وعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الخادم، ومنسج اللحم على العظم فانظروا قدرة الناسج، وأضحك الباكي من خوفه وأفرح الناشج، يبصر دبيب النمل في ظلمات الداجي في أظلم المناهج، ويسمع وطأ الإبل على الرمل عليها الهوادج، رازق الذر في البر كما يرزق الطير في المبارج، كاشف الغم إذا عم ونعم الفارج، من غيره لكربات الحوائج، باين عن خلقه لا يختلط بهم ولا يمازج، خارج عن الند والضد والمشبه خارج، إذا نزل عذابه سبق الكرة تضربها الصوالج (ليسَ لَهُ دافِعُ، مِن اللهِ ذِي الَمعارِج) . الخطبة الرابعة الحمد لله الذي مد سقف السماء وأحكم برجه، وزينه بمصابيح ونور سرجه، وبسط مهاد الأرض وهيأ المحجه، وأمسكها بالجبال وزلزلها برجه، وأنشأ الآدمي من أمشاج وأحسن نسجه، ونور العين وحسن فيها الدعجه، وصان البصر فقعر أزجه وقوس أزجه، وأنطق الألسن فإذا للمختصين ضجه، وأدار حوايا البطن ثم أحكم شرجه، وقوم القدمين ليقصد الإنسان غرضه ويتوجه، وملأ فم السحاب ماءً فإذا أذن له مجه، وأجرى الأنهار وأخرج الثمار نضيجة وفجه، فأنبتنا حدائق ذات بهجه، وبعث إلى كل مرزوق رزقًا كافيًا ودجه، ودل على وجوده لئلا يكون للناس على الله حجة، وبنى البيت لا للسكنى وفرض في العمر حجه، وركز في الطباع الشره (إنَّ هَذا أخِي لَهُ تِسعُ َوتِسعُونَ نَعجَه) يا لها من كلمات تعجبت عند ظهورها عنها اللهجة، وصاحت ألسنة الفصاحة فدينا هذه المهجة، لو عارضها سحبان صار بين الناس فرجه. الخطبة الخامسة الحمد لله الذي أنشأ بقدرته الأبدان والمهج، على غير مثال يكفي في الدليل والحجيج، جمع في الأجساد الضد والضد فازدوج، وبث العظام الصغار والعظام ونسج، وخلق العيون وأحسن في تركيبها الدعج، وصانها في مستقر يشبه الأزج، وحجز بين ماء العين وماء الأذن وماء الفم فما امتزج، وأقام الهدب تذب عنها ما دب ودرج، وجعل للقدم أخمصًا عليه أنين مكروب يرجو الفرج، ويبصر في سواد الليل سواد السبج، وسواء عند علمه ما على وجه الأرض وما في اللجج، لطف بعباده (وَما جَعَلَ عَليكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجِ)، ويقول في الدجى هل من سائل فيقضي الحوج، أوقد نيران محبته فلها في قلوب أحبته وهج، فالقلب بالحب محترق والصدر بالرضا قد ثلج، فهم يترنمون بكلامه حتى يرون الفجر قد انبلج، كلامه قديم فمن خرج إلى دعوى حدثه خرج، به نزل جبريل ولأجله عرج، (قُرآنًا عَرَبيًّا غَيرَ ذِي عِوجٍ)، أقدم إيماننا سليمة وفي أرجل المبتدعين عرج، ويكفي في قلع أصولهم أبو الفرج. حرف الحاء الخطبة الأولى

1 / 4

الحمد لله الذي بيده الخسر والربح، والصبر والنجح، والغضب والصلح، والدجى والصبح، يبصر الذر ولا يمنعه الجنح، ويكون الشيء ولا يسبقه اللمح، له الحمد والثناء والمدح، ومنه يرجى العفو ويطلب الصفح، قضاءه ينيل الأغراض لا الكدح، فهم سليمان الحكم إذ نفش السرح، فغلب الخلق ومن قهره الصرح، أسعد وأشقى وأفقر وأغنى ويطول الشرح، والناس كالأرض فمنها الحزن والسهل العذب والملح، والطباع مختلفة ففيها الكرم والشح، والأيدي متفاوتة فمنها الشح والسمح، علق القصاص بالحد فسهل القتل والجرح، وأثاب الخليل بالتسليم وما جرى الذبح، فمن أراج لحاق الفاضلين صبر وآيس ذا بالإلزام والطرح، (الَّذِينَ اِستَجابوا للهِ والرَسُول مِن بَعدِ ما أصابَهُم القَرحُ) . الخطبة الثانية الحمد لله الذي بسط الأرض الأريضة الفسيحة، وقدر الأعمال والأقوال الفصيحة، الحسنة والقبيحة، وخاطب فتكاليفه خاطره ومبيحة، وحمل عبء التعب فما نفس عاقل مستريحة، حرم الميتة والمخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، وتدارك جسد الآدمي لئلا ينحل وينحل فأحل له الذبيحة، أنعم فكم أسدى نعمة وكم أعطى منيحة، وزجر فرد بمواعظه إلى الصواب القلوب المشيحه، وعرض العباد لمعاملته فمتاجرته بيحه، جزيل العطا فربما وهب الجنة بتسبيحه، قضى الديون وفك الرهون فأقر العيون القريحة، وفارق بين الخلائق في الأحداق فأبلد وذو قريحه، أقام البراهين على وحدانيته فالدلالات مريحة، ظاهرة الأبصار بادية للأفكار صريحة، لقد تجلى لخلقه بخلقه فجحده وجوده فضيحة، الصامت يدل بحالاته والناطق بمقالاته الفصيحة، كم أبرز عروس غروس عروش مليحة، وكم أخرج وجوها من النبات على اختلاف الألوان صبيحة، وكم أقام الورق على الورق تصدح وتمدح فاسمع تمديحه، والنرجس الشيحه والطير في بحر الهدى تخرق بمجاذيف أجنحتها ريحه، وما من منذر إلا وتصيح على باب دار الهوى نصيحه، وكل مخلوق في الأرض والطول والعرض، (ألم تَرَ أنَّ اللهَ يُسَبِحُ لَهُ مَن فِي السَماواتِ والأرضِ والطَيرُ صافّاتٍ كُلُ قَد عَلِمَ صَلاتَهُ وتَسبِيحَه) . حرف الدال الخطبة الأولى الحمد لله المتفرد بالوحدة وحده، الذي رغب فيما عنده عبده، منعه الذي يؤذيه بالتحريم وصدهن وما حرم شيئًا إلا وأباح من جنسه عده، رباه باللطف فلما بلغ أشده، أجاز له النكاح لدفع تلك الشدة، فإن لم يقنع الهوى بالمباح فليخبر بقصر المده، فإن أهجر من هجر فما الزجر حتى فقدحه حده (الزَانِيةُ والزَانِي فاَجلِدوا كُلَّ واحدٍ مِنهُما مِائَة جَلدَة) . الخطبة الثانية الحمد لله الذي يذل لعزته المتجبر ويعيده، ويتواضع لعظمته المتكبر ويسجد، ويقوم في خدمته من يقوم له الناس ويقعد، ويسهر في طاعته من يرجو حسن إثابته ولا يرقد، إذا دخل الداخل في العمل له يفسد، وإذا قصدت به أسواق الخلق يكسد، يجل كلامه عن أن يقال مخلوق ويبعد، جد جدّ التسليم لصفاته مستقيم الجدّ جد، وكرمه سياح فلا يحتاج إلى أن يقال جدّ جد، من شبه أو عطل ولم يرشد، ما جاء في القرآن قبلنا أو في السنة لم يردد، فأما أن تقول في الخالق برأيك فاشك بتردد، ألساني يملي أم داود يسرد، وكيف لا أتفقد العقائد لأدفع الضير، فإن سليمان تفقد الطير، (فقالَ ماليَ لا أرَى الهُدهُدَ)، في قلوب أحبابي فرحات، وفي قولب حسادي قرحات تنفد، كلامي للأمراض يشفي وللأعداء يشقي فمن أعجبه غرفي فليرد، ما يربح حسادي، فإني في الوادي، الذي لا ازرع أحصد. الخطبة الثالثة الحمد لله الذي تسبحه الأعيان المائعة والجامده، والعيون الجارية والراكدة، والعيون المتيقظة والراقده، والقلوب القلقة والبارده، أسجد الملائكة لآدم لا إنها عائده، ونجى نوحًا وغرق الأمم الجاحده، وسلم الخليل يوم النار فأصبحت خامدة، وكلم موسى كفاحًا واعظم بها فائدة، وأحيا الموتى لعيسى وأنزل المائدة، وقدم محمدًا فما ولدت مثله والده، ودحر الشياطين لمبعثه فذلت المارده، وأطلق سيوفه في أعدائه فأصبحت حاصده، وجعل أمته على الأمم قبلها شاهده، فاشكروه فقد أحبكم واحمدوه، إذ أعذب شربكم. (يا أيُها الناسُ اِتَّقوا رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَة) . الخطبة الرابعة

1 / 5

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.