Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Lambarka Daabacaadda
من ١٤٠٤
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٧ هـ
Noocyada
وَاسْتَدَل الْمَانِعُونَ مِنَ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (١) فَقَبُول الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَالْيَمِينِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِمُتَوَاتِرٍ أَوْ مَشْهُورٍ. وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ ﷺ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى أُنَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ﵊ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (٢) وَمِنْ قَوْلِهِ لِمُدَّعٍ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ (٣)
فَالْحَدِيثُ الأَْوَّل جَعَل جِنْسَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُنْكِرِ. فَإِذَا قُبِلَتْ يَمِينٌ مِنَ الْمُدَّعِي، أَوْ وُجِّهَتْ إِلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ جَمِيعُ أَفْرَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُنْكِرِينَ.
وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي جَعَل جَمِيعَ أَفْرَادِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَجَمِيعَ أَفْرَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُنْكِرِ. وَتَضَمَّنَ مَعَ هَذَا قِسْمَةً وَتَوْزِيعًا. وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي اشْتِرَاكَ الْخَصْمَيْنِ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْقِسْمَةُ.
وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ خُيِّرَ الْمُدَّعِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا: إِمَّا بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ يَمْنَعُ تَجَاوُزَهُمَا وَالْجَمْعَ بَيْنَهُمَا. (٤)
الْيَمِينُ:
١٦ - مِنْ مَعَانِي الْيَمِينِ فِي اللُّغَةِ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ، ثُمَّ
(١) سورة الطلاق / ٢.
(٢) الحديثان سبق تخريجهما.
(٣) رواه الشيخان من حديث ابن مسعود (فيض القدير ٤ / ١٥٣)
(٤) البدائع للكاساني ٨ / ٣٩٢٣ وما بعدها ط الإمام.
أُطْلِقَتْ عَلَى الْجَارِحَةِ وَالْحَلِفِ. وَسُمِّيَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ يَمِينًا لأَِنَّ بِهِ يَتَقَوَّى أَحَدُ طَرَفَيِ الْخُصُومَةِ (١) .
وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مِنْ طُرُقِ الْقَضَاءِ، وَأَنَّهَا لاَ تُوَجَّهُ إِلاَّ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ، وَأَنَّهَا تَكُونُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهَا لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِطَلَبٍ مِنَ الْخَصْمِ، إِلاَّ فِي مَسَائِل مُسْتَثْنَاةٍ، وَتَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ، وَعَلَى الْبَتِّ، وَأَنَّهَا لاَ يَجْرِي فِيهَا الاِسْتِخْلاَفُ إِلاَّ فِيمَا اسْتُثْنِيَ، وَأَنَّهَا تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّ صِيغَتَهَا وَاحِدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ، وَأَنَّهَا تُوَجَّهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ مِنَ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمِ. (٢)
١٧ - وَمَوْضِعُ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ الْمُدَّعَى، وَعَدَمِ تَقْدِيمِ بَيِّنَةٍ. وَهُنَا تَفْصِيلٌ: فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ يُرَتِّبُونَ طَلَبَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ فِي الْمَجْلِسِ مَعْلُومَةٍ لَهُ. فَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً فَلَهُ طَلَبُ الْيَمِينِ.
أَمَّا إِذَا قَال الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ، وَلَكِنْ أَطْلُبُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - فِيمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ - يَرَيَانِ أَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ فِي طَلَبِ الْيَمِينِ لأَِنَّ الْيَمِينَ بَدَلٌ عَنِ الْبَيِّنَةِ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - فِيمَا رَوَاهُ الْخَصَّافُ عَنْهُ - إِلَى أَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقَّ طَلَبِ الْيَمِينِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ فَإِذَا طَلَبَهُ يُجَابُ إِلَيْهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقَّ طَلَبِ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ؛ لأَِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ
(١) مختار الصحاح وغيره.
(٢) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٢٣ ط بولاق، والبدائع ٨ / ٣٩٢٥، والشرح الصغير ٤ / ٢١٠، ٢١١، والبجيرمي ٤ / ٣٣٣، والكافي ٣ / ٤٨٤.
1 / 237