93

كن صحابيا

كن صحابيا

Noocyada

حرص أبي أيوب الأنصاري ورحلته في طلب حديث النبي ﷺ روى أحمد والبيهقي عن التابعي عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى أنه قال: إن أبا أيوب الأنصاري ﵁ وأرضاه رحل إلى عقبة بن عامر ﵁ ليسأله عن حديث سمعه من رسول الله ﷺ، وأبو أيوب كان يسكن المدينة المنورة، وعقبة بن عامر كان في مصر، قال عطاء: فلما قدم في أثناء طريقه على منزل مسلمة بن مخلّد الأنصاري ﵁ وأرضاه، وكان أمير مصر في ذلك الوقت، خرج إليه فعانقه، ثم قال له مسلمة: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث واحد سمعه عقبة من رسول الله ﷺ في ستر المؤمن، فدلني على عقبة، فقال: نعم، فذهب معه إلى سيدنا عقبة ﵁، ثم ذكر لهما الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال: (من ستر مؤمنًا في الدنيا ستره الله يوم القيامة)، وانتهى الحديث، فتأمل سطرًا واحدًا جعل أبا أيوب يرحل من المدينة المنورة إلى مصر! واسمع راوي الحديث ماذا يقول: ثم انصرف أبو أيوب بعدما سمع الحديث إلى راحلته فركبها راجعًا إلى المدينة، فلم يقعد في مصر ولا لحظة واحدة، لم يقعد ليشاهد الأهرامات، ولا ليشاهد نهر النيل، ولا حتى يرى أهل مصر أو يتكلم معهم، بل جاء ليتعلم سنة واحدة من سنن الرسول ﷺ ثم يرجع إلى بلده، فكان الهدف واضحًا جدًا عنده، ألا وهو أنه يعرف سنة من سنن النبي ﷺ، وليس عنده وقت يصرفه في أي شيء آخر. وأنا بذكر هذه القصص والأحاديث لا أريد أن تصاب بالحزن والكآبة، ولا أريد أن تسافر من بلد إلى بلد آخر لتتعلم السنة، وإن كان هذا أحيانًا قد يكون مطلوبًا، لكن أنا أريد أن تخرج الكتب التي في بيتك وتقرأها، أو أن تشتري كتبًا إن لم يكن عندك في البيت، وأريد أن تحضر درسًا في العلم الشرعي في منطقتك أنت، لا المناطق البعيدة، وأريد أن تسأل المشايخ الذين تعرفهم عن القضايا التي تعترضك في حياتك اليومية، وما أكثر هذه القضايا؛ لأن هذه القضايا هي عمرك كله، فكل صغيرة وكبيرة في حياتك للدين فيها رأي، فهذا هو المقصود من سماع مثل هذه الحكايات عن جيل الصحابة ﵃ وأرضاهم.

9 / 10