118

كن صحابيا

كن صحابيا

Noocyada

أهمية الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فمع الدرس الحادي عشر من دروس مجموعة: كن صحابيًا، والذي سيكون بعنوان: الصحابة والدعوة. إن الدعوة إلى الله ﷿، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أشرف الأعمال التي يقوم بها المؤمن، فالله ﷿ يقول في كتابه الكريم: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت:٣٣]، أي: أن كلمة الدعوة ستظل هي أحسن من كل الكلمات التي يمكن أن تنطق بها، هذه الكلمة العظيمة -كلمة الدعوة- هي وظيفة الأنبياء الأولى، يقول الله ﷿ في كتابه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم:٤]، لماذا؟ ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم:٤]، أي: ليوضح وليبلغ لهم، ﴿فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [إبراهيم:٤]، فالهداية بيد الله ﷿، لكن لا بد أن تقام الحجة على العبد، ولا بد أن تصل الدعوة إلى العبد، والذي يوصل الدعوة إلى العباد هم الأنبياء، ثم بعد آخر الأنبياء محمد ﷺ يوصل الدعوة إلى الناس أتباعه، أي: المؤمنون بهذا الدين، والمسلمون به إسلامًا حقيقيًا صادقًا، فهم الذين يتحركون بدعوة الأنبياء، لأنه ليس هناك نبي بعد رسول الله ﷺ، ولا بد أن يحمل المؤمنون الصادقون هذه المهمة العظيمة التي كان يحملها رسول الله ﷺ ومن سبقه من أنبياء الله ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم:٤]، ويقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل:٤٤]، وغيرها من الآيات الكثيرة على هذا المنوال، وعلى هذا المعنى: فالذي يبين للناس الحلال والحرام، والذي يعرف الناس المعروف ويأمرهم به، والذي يبين للناس المنكر وينهاهم عنه، هو الذي يعمل بعمل الأنبياء، لذلك جعل الله ﷿ صفة الدعوة أو صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة لازمة لكل من حمل لقب مؤمن، فما دام وصفك مؤمنًا فلا بد أن تكون داعية إلى الله ﷿، وإذا أردت أن تستثمر صفة الإيمان لا بد من الدعوة إلى الله ﷿، يقول ﷾: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:٧١]. لاحظ تقديم صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مع أن من المعلوم أن الصلاة هي عمود الدين، بل هي أعظم شيء في هذا الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، ومع ذلك يقدم الله ﷿ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أمر الصلاة، وكذلك الزكاة التي هي من أحكام الإسلام الأساسية، قد قدّم الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليها، لأن الله ﷿ يريد أن يربي المؤمنين على أن لا يعيشوا لأنفسهم فقط، فلا ينفع أن تجلس تصلي وتزكي وتعمل أعمالًا فردية بينك وبين نفسك، وليس لك اتصال بالناس، أو شأن بالآخرين، لأنك إذا شعرت بعظم هذه الرسالة لا بد أن تنقلها إلى غيرك، فهذه هي الغاية من هذه الأمة ومن هذه الرسالة، فلا يكفي أنك تستوعبها فقط، بل لا بد بعد هذا الاستيعاب أن تنتقل بهذه الرسالة إلى من حولك من الناس ومن البشر، سواء كانوا من المسلمين أو كانوا من غير المسلمين. ثم لاحظ التعليق الرباني اللطيف والجميل جدًا على هذه الآيات فيقول: ﴿أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾ [التوبة:٧١]، أي: أولئك الذين يتصفون بهذه الصفات، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ﷿ ورسوله الكريم ﷺ سيرحمهم الله ﷿؛ لأنهم رحموا عباد الله ﷿، والجزاء من جنس العمل، ولأنهم لما رأوا الناس تتجه إلى هاوية سحيقة، تتجه إلى النيران، تتجه إلى البعد عن الله ﷿، تتجه إلى المعيشة الضنك، ما استراحوا إلا بعد أن أوضحوا لهم طريق الدعوة، وطريق الإسلام، وطريق الله ﷿، لذا كان لا بد أن يرحمهم الله ﷿ ويهديهم طريقهم، ويدخلهم الجنة و

11 / 2