تنقسم تماثيل سيدات أسرة البطالمة الحاكمة المصممة على الطراز المصري إلى فئتين: الأولى ذات السمات على الطراز الإغريقي مثل خصلات الشعر الملتوية، وقرن الوفرة ونمط الملابس التي يعتبرها البعض إغريقية (أشتون 2000). أما المجموعة الثانية فهي أقرب إلى التماثيل التي صنعت في مصر لقرون عدة. تعبر هذه المجموعة الثانية عن ملكات البطالمة كحاكمات، كما يتضح من استخدامها في النقوش البارزة في المعابد والغالبية العظمى من التماثيل مكتملة التفاصيل. صنع بعض تماثيل هذه المجموعة على غرار الصور الشخصية. في القرن الثالث قبل الميلاد كانت القاعدة العامة أن تحاكي وجوه الملكات المنحوتة وجوه الحكام الذكور، وهو ما استمر بدوره في أساليب الأسرة الثلاثين (أشتون 2004ب: 544). استمر هذا الأسلوب في بعض الورش في القرن الأول قبل الميلاد، كما يشير أحد تماثيل كليوباترا السابعة الذي يصورها على أنها إيزيس (أشتون 2004ب تنقيح). قد تفسر هذه الملحوظة العدد الكبير من التماثيل الذكورية التي تحمل هذه الملامح، فكما أشرنا في الفصل الثالث، يوجد عدد قليل من تماثيل الحكام الذكور التي استعارت ملامح التصوير على النمط الإغريقي، وعادة ما تظهر الشعر من تحت غطاء للرأس (أشتون 2001أ: 25-36، ستانويك 2002: 47-50). هذا وتعتبر هذه التماثيل أسلوبا ذكيا وفعالا لتوصيل رسالة ثنائية الثقافة (أشتون 2001أ: 32-34). استمر تصوير نساء الأسرة الحاكمة يحاكي سمات «الصور الشخصية» لأزواجهن، كما اتضح لنا من التمثال السابق الذكر لأرسينوي الثانية الذي يعود تاريخه إلى حكم بطليموس الثامن، والذي يحاكي الوجه الممتلئ لبطليموس الثامن (شكل
4-3 ، أشتون 2001أ: 47، 108-109، رقم 54؛ ستانويك 2002: 117، 190، ج28). هذا وقد حدد تاريخ التماثيل التي سنذكرها فيما يلي على أساس سماتها الأسلوبية وأحيانا على أساس وجود رءوس الأفعى الثلاثة.
شكل 4-6: تمثال من البازلت لكليوباترا السابعة. متحف الإرميتاج الحكومي، سانت بطرسبرج.
شكل 4-7: عملة من سبيكة نحاسية تظهر عليها كليوباترا السابعة وبطليموس قيصر وهو طفل. متحف فيتزويليام في جامعة كامبريدج قسم العملات والأوسمة.
يوجد حاليا تمثال على النمط المصري التقليدي به سمة إغريقية واحدة مستعارة في متحف الإرميتاج في سانت بطرسبرج (أشتون 2001أ: 48، 114-115، رقم 63؛ ستانويك 2002: 76، د10). كان هذا التمثال (شكل
4-6 ) مفيدا في تحديد أن التماثيل التي تحمل رءوس الأفعى الثلاثة هي لكليوباترا السابعة (ووكر وهيجز 2001: 160-161، رقم 160). يمسك هذا التمثال، المنحوت من البازلت، بقرن الوفرة الإغريقي في يده اليسرى، وهو قرن مختلف عن قرن الوفرة الواحد المعتاد؛ فهو قرن مزدوج. وكما أشرنا من قبل، كان قرن الوفرة المزدوج مرتبطا بأرسينوي الثانية بوصفه نظيرا مباشرا لرأسي الأفعى. على العكس من هذا، يزين جبهة تمثال متحف الإرميتاج ثلاث أفاع. ويبدو من غير المحتمل أن يستخدم الفنانون كلا من رأسي الأفعى ورءوس الأفعى الثلاثة لتصوير كليوباترا السابعة؛ نظرا للإجراءات الحريصة على ضمان الثبات المشار إليها في المراسيم والنماذج التي كانت تستخدم في الورش (أشتون 2001أ: 26؛ ستانويك 2002: 90-93). ورغم ذلك، قيل في الأصل إن هذا تمثال لأرسينوي الثانية بناء على قرن الوفرة الثنائي، ولا يزال بعض الدارسين يعتقدون أنه ربما يعبر عن هذه الملكة. استخدمت كليوباترا السابعة قرن الوفرة الثنائي أيضا على ظهر العملات التي ضربت من أجل الاحتفال بمولد ابنها بطليموس الخامس عشر (شكل
4-7 ). وبالإضافة إلى ذلك، يمكن إرجاع هذا التمثال على أساس الخصائص الأسلوبية إلى أواخر عهد البطالمة؛ فالفم المقوس قليلا للأسفل والذقن المدبب كلاهما من الملامح التي توجد أيضا في تماثيل بطليموس الثاني عشر، كما ظهر في تمثال ربما يرتبط بكليوباترا السابعة من مدينة فوه في دلتا مصر. ترتدي الملكة التي توجد في متحف الإرميتاج شعرا مستعارا منسقا ومنسدلا على كتفيها وعلى ظهرها، والعمود الخلفي للتمثال مرتفع على غير المعتاد إلى نقطة موازية لقمة الرأس تقريبا، وهي سمة يشترك فيها مع تماثيل أخرى من المجموعة التي تحمل رءوس الأفعى الثلاثة (أشتون 2001أ: 114-117). يبلغ طول هذا التمثال أكثر من متر واحد بقليل ونحت بإتقان بالغ. يوجد في يد الملكة اليمنى رمز مفتاح الحياة (العنخ)، وهو رمز يعبر عن منح الحياة ويمكن رؤيته في كثير من الصور في النقوش البارزة في المعابد. كما يشير البطن المنتفخ والفخذان المستديران بلا شك إلى دور الملكة المتسم بالعطاء. ولا يظهر الفستان الضيق الذي يرتديه التمثال فعليا إلا عند الرقبة وحول المعصم وفوق الكاحل بقليل، وكالمعتاد تظهر الملكة حافية القدمين.
شكل 4-8: تمثال من البازلت لكليوباترا السابعة. متحف روزيكروشن، سان خوسيه، كاليفورنيا.
ثمة تمثال آخر، هذه المرة مصري بالكامل من حيث سماته التصويرية، يوجد حاليا في متحف روزيكروشن في سان خوسيه في كاليفورنيا (شكل
4-8 )، (أشتون 2001أ: 41، 102-103، رقم 39؛ ستانويك 2002: 76، 118، د9). صنع هذا التمثال بنفس المعايير وتقريبا يصل إلى نفس طول تمثال متحف الإرميتاج. يطبق التمثال يديه على قضيبين غير واضحي المعالم (وهذا أسلوب لشغل المساحة ساد استخدامه في التماثيل المصرية). ترتدي صاحبة التمثال شعرا مستعارا منسقا منسدلا على كتفيها وظهرها، وتوجد ثلاثة رءوس أفعى على جبهتها. تشبه ملامح وجه التمثال الملامح الموجودة في تمثال الإرميتاج، من الفم المقوس قليلا للأسفل والذقن الناتئ، لكن الوجه يبدو أكثر نضجا قليلا في مظهره. ويظهر الفستان حول العنق والكاحلين (وقد رممت القدمان) وعند المرفقين. تعرف الحلقات الموجودة حول العنق بحلقات فينوس وتشير إلى الجمال والرفاهية؛ أي تعبر ببساطة عن أن صاحب التمثال كان ممتلئ الجسم ويستطيع إنفاق المال على التغذية الجيدة. مثل تمثال الإرميتاج نجد بطن هذا التمثال منتفخا وبه شكل مستدير واضح فارغ من المنتصف، وهو ما يطلق عليه مؤرخو الفن الجزء العلوي البدين من البطن.
Bog aan la aqoon