في المقابل تعرض صور زوجات الحكام على جدران المعابد المصرية دليلا مصورا يوضح تزايد السلطة الدينية والسياسية لملكات البطالمة. تقدم كذلك بيانا بالولاءات، لكنها تظهر الحكام كما كانوا يريدون أن يراهم الآخرون وليس على حقيقتهم. ينطبق هذا على الوجه الخصوص على بطليموس الثامن، الذي يظهر دوما مع زوجتيه رغم قضائه هو وزوجته كليوباترا الثالثة بعض الوقت في المنفى. إن هذا الثلاثي المتحد الذي يظهر على عدد كبير من الجدران لم يكن يعبر عن الواقع بقدر كبير. تظل نقوش المعابد البارزة مصدرا غير مستغل، ومع ذلك فإن لها أهمية كبرى فيما يتعلق بعرض سلطة نساء أسرة البطالمة الحاكمة. (3) كليوباترا: ابنة الملك
ما تزال هوية جدة كليوباترا لأبيها مجهولة؛ فقد تزوج جدها بطليموس التاسع اثنتين من أخواته؛ كليوباترا السادسة وكليوباترا سيليني، لكن والدة بطليموس الثاني عشر كانت إحدى المحظيات.
تظهر شجرة العائلة التقليدية ثلاثة أطفال من هذا الفرع: بطليموس الثاني عشر وبطليموس القبرصي وكليوباترا الخامسة (ترايفينا). وفقا لشجرة عائلة البطالمة التقليدية تزوج بطليموس الثاني عشر أخته وأنجبا كليوباترا برنيكي الرابعة وكليوباترا السادسة (ترايفينا) وكليوباترا السابعة وأرسينوي وبطليموس الثالث عشر وبطليموس الرابع عشر (واكر وهيجز 2001 ووايتهورن 1994: 174-187).
شكل 3-1: عائلة البطالمة من بطليموس الخامس وكليوباترا الأولى.
ومع ذلك، استنبط هولبل عام 2001 شجرة بديلة تشير إلى حصول كليوباترا سيليني، زوجة بطليموس التاسع، على لقب كليوباترا الخامسة، وأن كليوباترا ترايفينا أخت بطليموس الثاني عشر قد أصبحت كليوباترا السادسة ترايفينا. وفقا لهذه الشجرة كان الطفل الوحيد الذي نتج عن زواج بطليموس الثاني عشر وكليوباترا السادسة ترايفينا هو كليوباترا برنيكي الرابعة (2001: 223). أما الأطفال الآخرون، الذين كانت من بينهم كليوباترا السابعة، فإن والدتهم غير معروفة، وهذا لا يجعل بطليموس الثاني عشر فقط ابنا غير شرعي، وإنما أربعة أيضا من أطفاله. يقال إن والدة كليوباترا السابعة وأرسينوي وأخويها الآخرين كانت مصرية، وربما كانت تنتمي إلى أسرة من الكهنة في ممفيس (هس 1990). خرجت كليوباترا ترايفينا من التأريخ عام 69 قبل الميلاد؛ مما يدعم فكرة أنها ليست أم أطفال بطليموس الثاني عشر (هولبل 2001: 223).
اعتلى بطليموس الثاني عشر العرش بعد مقتل بطليموس الحادي عشر، بناء على اختيار أهالي الإسكندرية (هولبل 2001: 222)، وأصبح أخوه الآخر بطليموس ملك قبرص. اتباعا للتقليد البطلمي المعتاد تزوج بطليموس الثاني عشر أخته كليوباترا ترايفينا وأطلقا على طفلتهما الأولى كليوباترا برنيكي الرابعة. أطلق بطليموس الثاني عشر على نفسه ألقاب الإله المحب لأبيه (ثيوس فيلوباتور) والمحب لأخته (فيلاديلفوس)، فكان اللقب الأول تأكيدا على حقه في الحكم بصفته ابنا شرعيا لبطليموس التاسع، والثاني ربما كان وسيلة لاسترجاع العصر الذهبي للأسرة (هولبل 2001: 223)، وهي استراتيجية ستقلدها كليوباترا السابعة (أشتون 2003أ: 93-95). حصل بطليموس الثاني عشر أيضا على اللقب الديني ديونيسوس الجديد (نيوس ديونيسوس)، ومنح كنية أوليتس بسبب اتقانه العزف على المزمار (سترابو 17. 1. 11، أثينودوروس 5. 206د). يظهر تمثال من الرخام على الطراز الإغريقي بطليموس الثاني عشر (واكر وهيجز 2001: 157، رقم 155) وهو يرتدي ميترا (عصابة للرأس تمتد على طول الجبهة) خاصة بديونيسوس؛ مما يشير إلى العلاقة بين المنحوتات والألقاب التي يلقب بها الملك. يبدو أن هذا التمثال قد أعيد نحته بعدما كان يصور حاكما سابقا يتمتع بوجه أكثر امتلاء، على الأرجح أحد الفسكونيين؛ بطليموس الثامن أو بطليموس التاسع ابنه ووالد بطليموس الثاني عشر.
شكل 3-2: أسرة البطالمة من بطليموس الخامس حتى نهاية تاريخها.
كان بطليموس الثاني عشر شديد الاعتماد على الرومان، ومع تزايد العبء الذي وضعته «صداقتهم» على الاقتصاد المصري، أصبح حكمه يخضع لمراقبة متزايدة من النخبة المصرية. في عام 58 قبل الميلاد تقريبا، وبعد 18 عاما من توليه الحكم، نفي بطليموس الثاني عشر وأصبحت كليوباترا ترايفينا الحاكم الرسمي لمصر. يعتقد بعض الباحثين أن كليوباترا هذه كانت في الواقع امرأة أخرى غير أخت بطليموس الثاني عشر وزوجته، وأن اسمها أزيل من صيغ التأريخ قبل عشر سنوات بسبب وفاتها، وليس بسبب استبعادها (وايتهورن 1994: 178، 182-183). يبدو معقولا أن تصير إحدى الزوجات غير ذات حظوة ثم تعود وتسيطر على مصر بعد بضع سنوات؛ ففي النهاية يوجد عدد من الحوادث المشابهة في السنوات التي سبقت حكم بطليموس الثاني عشر مباشرة، ربما أشهرها ما فعلته جدته كليوباترا الثالثة. تشير الوثائق بوضوح أكبر إلى أن كليوباترا ترايفينا حكمت مع ابنتها كليوباترا برنيكي الرابعة، لكنها توفيت قرب نهاية عام 57 قبل الميلاد، بعد عام من توليها الحكم (هولبل 2001: 227). في عام 55 قبل الميلاد، بدعم من الرومان عاد بطليموس الثاني عشر إلى العرش وبدأ فترة حكمه الثانية، وحكم بالإعدام على كليوباترا برنيكي - التي نذكر أنها كانت أول طفلة له - وكل مؤيديها. وفي عام 52 قبل الميلاد، جعل بطليموس الثاني عشر ابنته البالغة من العمر 17 عاما كليوباترا السابعة شريكته في الحكم. منح كل الأطفال اللقب الديني: الآلهة الجدد المحبون لأختهم (ثيوي نيوي). عندما قبلت كليوباترا السابعة الحكم مع والدها، بدلا من التآمر ضده، أظهرت دهاءها السياسي.
شكل 3-3: معبد بتاح، الكرنك.
كان بطليموس الثاني عشر يكثر من البناء، وهي سمة - للمفارقة - تشير إلى ضعف الحاكم أو شعوره بالتهديد؛ ففي صعيد مصر وضعت بوابة على معبد بتاح في معبد الكرنك (شكل
Bog aan la aqoon