Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية
Tifaftire
سيف الدين الكاتب
Daabacaha
دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر
ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في اليوم المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدتنا (١١)، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك؛ إلا من جاء من سفر أو أراده. قال ابن القاسم: رأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوها أتوا القبر وسلموا. قال: وذلك دأبي(١٢).
فهذا مالك وهو أعلم أهل زمانه - أي زمن تابع التابعين بالمدينة النبوية الذين كان أهلها في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أعلم الناس بما يشرع عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم - يكرهون الوقوف للدعاء بعد السلام عليه. وبين أن المستحب هو الدعاء له ولصاحبيه، وهو المشروع من الصلاة والسلام، وأن ذلك أيضا لا يستحب لأهل المدينة كل وقت؛ بل عند القدوم من سفر أو إرادته؛ لأن ذلك تحية له، والمحيا لا يقصد بيته كل وقت لتحيته؛ بخلاف القادمين من السفر. وقال مالك في رواية أبي وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقف وجهه إلى القبر؛ لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده.
وكره مالك أن يقال: زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم. قال القاضي عياض: كراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ينهى عن إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بفعل ذلك؛ قطعا للذريعة(١٣)، وحسما للباب.
(١١) ببلدتنا: أي بالمدينة المنورة.
(١٢) الدَأْبُ: بسكون الهمزة- وقد يحرك: العادة والشأن.
(١٣) الذريعة: الوسيلة والحجة. وجمعها: ذرائع.
33