" بسم الله الرحمن الرحيم "
عونك اللهم على شكر نعمتك في ملك كملك. وبحر في قصر. وبدر في دست. وغيث يصدر عن ليث. وعالم في ثوب عالم. وسلطان بين حسن وإحسان
لولا عجائب صنع الله ما نبتت
تلك الفضائل في لحم ولا عصب
هذه صفة تغني عن التسيمة. ولا تحوج الى التكنية. اذ هي مختصة بمولانا الأمير السيد الملك المؤيد ولي النعم أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه مولى أمير المؤمنين أدام الله سلطانه. وحرس عزه ومكانه. وخالصة له دون الورى. وجامعة لديه محاسن الدنيا. اللهم فكما فضلته على عبادك بالفضائل التي لا تحصى. والفواضل التي لا تنسى. ففضله بطول العمر. ودوام الملك. وايصال الصنع. ورغد العيش. وسكون الجاش. وعلو اليد. وسعادة الجد. وكفاية المهم. وازالة الملم. وانظر للمكارم والمعالي بالدفاع عن مهجته. وحراسة دولته. وتثبيت وطأته. برحمتك ياأرحم الراحمين وأكرم الاكرمين آمين. وصلواتك على النبي محمد وآله أجمعين. " ثم ان هذا " الكتاب خفيف الحجم. ثقيل الوزن. صغير الجرم. كبير الغنم. في الكنايات عما يستهجن ذكره. ويستقبح نشره. أو يستحيا من تسميته. أو يتطير منه. أو يترفع ويصان عنه. بألفاظ مقبولة تؤدي المعنى. وتفصح عن المغزى. وتحسن القبيح. وتلطف الكثيف. وتكسوه المعرض الانيق. في مخاطبة الملوك ومكاتبة المحتشمين. ومذاكرة أهل الفضل. ومحاورة ذوي المروءة والظرف. فيحصل المراد. ويلوح النجاح. مع العدول عما ينبو عنه السمع. ولا يأنس به الطبع. الى ما يقوم مقامه. وينوب منابه. من كلام تأذن له الاذن. ولا يحجبه القلب. وما ذلك الا من البيان في النفوس. وخصائص البلاغة. ونتائج البراعة. ولطائف الصناعة. وأراني لم أسبق الي تأليف مثله. وترصيف شبه. وترصيع عقده. من كتاب الله واخبار النبي صلى الله عليه وسلم. وكلام السلف. ومن قلائد الشعراء. ونصوص البلغاء. وملح الظرفاء. في انواع النثر والنظم. وفنون الجد والهزل. وقد كنت ألفته بنيسابور في سنة أربعمائة فأجرى ذكره على اللسان العالي أدام الله علاه وخرج الامر الممتثل ادام الله رفعته بانفاذ نسخة منه الى الخزانة المعمورة أدام الله شرفها أنشأتها نشأة أخرى وسبكته ثانية بعد أولى ووردت في تبويبه وترتيبه وتأنقت في تهذيبه وتذهيبه وترجمته " بكتاب الكناية والتعريض " وشرفته بالاسم العالي ثبته الله ما دامت الايام والليالي وأخرجته في سبعة ابواب يشتمل كل باب منها على عدة فصول مترجمة بمودوعاتها
" فالباب الاول " في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن وأحوالهن وفصوله خمسة
" والباب الثاني " في ذكر الغلمان ومن يقول بهم والكناية عن أوصافهم وأحوالهم وفصوله خمسة "
والباب الثالث " في الكناية عن بعض فصول الطعام وعن المكان المهيأ له وفصوله أربعة "
والباب الرابع " في الكناية عن المقابح والعاهات وفصوله اثنا عشر "
والباب الخامس " في الكنايات عن المرض الشيب والكبر والموت وفصوله ثمانية "
والباب السادس " فيما يوجبه الوقت والحال من الكناية عن الطعام والشراب وما يتصل بها في فصلين
" والباب السابع " في فنون شتى من الكناية والتعريض مختلفة الترتيب وفصوله سبعة وها انا أفتتح سياقها وأوفيها حقوقها وشرائطها بعون الله تعالى ودولة مولانا الملك السيد ولي النعم خوارزم شاه ثبتها الله وادامها
" بسم الله الرحمن الرحيم "
" الباب الأول في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن واحوالهن "
" فصل في الكناية عن المرأة "
Bogga 57
العرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة والقلوص والسرحة والحرث والفراش والعتبة والقارورة والقوصرة والنعل والغل والقيد والظلة والجارة وبكلها جاءت الاخبار ونطقت الاشعار " فاما " الكناية بالنعجة فقد أوضح القرآن في قصة داود عليه السلام " ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة " أي إمرأة " وأما " الكناية بالشاة فكما قال عنترة العبسي
يا شاة ما قنص لمن حلت له
حرمت على وليها لم تحرم
فكنى عن امرأة وقال اي صيد أنت لمن يحل له ان يصيدك فأما أنا فان حرمة الجوار قد حرمتك على " وأما " الكناية بالقلوص فكما كتب رجل من مغزي كان فيه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصيه بنسائه
الا أبلغ أبا حفص رسولا
فدالك من أخي ثقة ازاري
قلائصنا هداك الله إنا
شغلنا عنكم زمن الحصار
" وأما " الكناية بالسرحة وهي شجرة فكما قال حميد بن ثور
أبى الله الا أن سرحة مالك
علي كل أفنان العضاه تروق
وانما كنى عن امرأة مالك بسرحة مالك أحسن كناية وعبر عن اتقانها في الحسن على سائر الغواني أحسن عبارة وقد سلك طريقته في هذه الكناية من قال
ومالي من ذنب اليهم علمته
سوى انني قد قلت يا سرحة اسلمي
نعم فاسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمى
ثلاث تحيات وان لم تكلمي
وانما تقع مثل هذه الكناية عمن لا يجسرون على تسميتها أو يتذممون من التصريح بها كما قال الشاعر
واني لا كنى عن قذور بغيرها
وأعرب أحيانا بها فأصرح
" وأما الحرث " فمنه قول الشاعر والقاه على طريق الألغاز
إذا أكل الجراد حروث قوم
فحرني همه أكل الجراد
يعني - بحرثه - امرأة وفي القرآن " نساؤكم حرث لكم " " وأما الفراش " فقد قال الله تعالى في وصف الجنة " وفرش مرفوعة " يعني النساء الا تراه يقول على أثرها " إنا أنشأناهن انشاء فجعلناهن أبكارا " " وروي " عن بعضهم انه قال لرجل أراد أن يتزوج استؤثر فراشك أي تخير السمينة من النساء " وأما " العتبة ففي قصة ابراهيم عليه السلام زار ابنه اسماعيل عليه السلام فوافق حضوره غيبته عن المنزل فقدمت عليه امراته وأخبرته بحاله ولن تعرض عليه القرى فقال لها قولي لابني ان اباك يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تغير عتبتك فلما رجع اسماعيل عليه السلام وقصت عليه المرأة القصة وأدت اليه الرسالة طلقها في الساعة امتثالا لأمر أبيه لان قوله غير عتبتك كناية عن طلاقها والاستبدال بها " وأما " الكناية بالقارورة فمن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائق الابل التي عليها نساؤه رفقا بالقوارير " واما الكناية " بالقوصرة فمنها قول الراجز
أفلح من كانت له قوصرة
يأكل منها كل يوم مره
" وأما النعل " فمنها قول عمر رضي الله تعالى عنه المرأة نعل يلبسها الرجل إذا شاء لا إذا شاءت هي " وأما الغل " فمنه قول بعض الحكماء من العرب وهو يذكر النسا ومنهن الودود والولود القعود ومنهن غل يضعه الله في عنق من يشاء ويفكه عمن يشاء " وأما القيد " فمنه قول أبي الحسن الجوهري الجرجاني من قصيدة في الصاحب يذكر استعداده للسير إلى حضرته ويكنى عن طلاق امرأته
جوادي قدامي وذيلي مشمر
وقلبي من شوق يجيئ ويذهب
وقد كنت معقولا بأهلي مقيدا
وها أنا من ذاك العقال مسيب
وعلى ذكر الطلاق فاني استحسن واستطرف جدا ما كتبه ابن العميد في الكناية عن حلف بعض الملوك بالطلاق وهو قوله في فصل من كتاب حلف يمينا سمي فيها حرائره " وأما الظلة " فهي عند بعض الكوفيين أصيلة وعند بعضهم مكنية وكذلك الحليلة وينشد
واني محتاج إلى موت ظلتي
ولكن متاع السوء باق معمر
" وأما الجارة " ففيها يقول الاعشى أجارتنا بيني فانك طالق " ومن احسان " المتني المشهور قوله لسيف الدولة وقد أوقع ببني كلاب وسبى نساءهم ثم ردهن عليهم
ولو أن الامير سبى كلابا
عداه عن شموسهم الضباب
Bogga 58
وانما كني عن النساء بالشموس وعن المحاماة دونهن بالضباب والعرب قد تكنى أيضا عن النساء بالجآذر والظباء والمها والبقر " وأتى النعمان " بن المنذر بهذه الكناية وكان فيها دمه وذلك انه كان وتر زيد بن عدي اذ قتل أباه عدي بن زيد وزيد ترجمان الملك ابرويز وكان يتربص بالنعمان الدوائر ويبغي له الغوائل ولما علم ميل الملك إلى النساء وصف له بنات النعمان واشار عليه بخطبتهن وهو يعرف امتناعه من تزويج العجم لما في نفسه من النخوة فارسل اليه رسولا في الخطبة فقال النعمان أما للملك غنية ببقر العراق عن هؤلاء الاعرابيات السود وترجم زيد هذه اللفظة بالفارسية وقبح المعنى وأساء المحضر وقال انه يعير الملك بنيك البقر فأمر ابرويز باشخاص النعمان والقائه إلى الفيلة حتى خبطته بارجلها وأتت على بقيته.. ومما لا نهاية لحسنه كناية النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة الحسناء في المنبت السوء اياكم وخضراء الدمن
" فصل في الكنايات عن الحرم "
" لما نقل " ابو الحسن خمارويه بن طولون والى مصر ابنته المسماة قطر الندى إلى المعتضد كتب اليه يذكره حرمة سلفها بسلفه ويصف ما يرد عليها من ابهة الخلافة وروعة السلطان ووحشة الغربة ويساله ايناسها وبسطها وتقريبها فأراد الوزير عبيد الله بن سليمان ان يجيب عن الكتاب بخطه فسأله جعفر بن محمد بن ثوابة أن يعتمد عليه في الجواب ففعل فكتب جعفر بن محمد كتابا قال في فصل منه..وأما الوديعة أعزك الله فهي بمنزلة ما انتقل من شمالك الي يمينك ضنامنا بها وحيطه لها ورعاية لمودتك غفيها قلما عرضه على الوزير عبيد الله ارتضاه جدا وقال له كنايتك عنها بالوديعة نصف البلاغة ووقع له بالزيادة في جراياته واقطاعاته " ولما كانت " أيام عز الدولة بن معز الدولة ونقل ابنته إلى عمدة الدولة أبى ثعلب الحمداني كتب غنه أبو اسحاق الصابي إلى أبي ثعلب كتابا استحسنه أهل الصناعة وتحفظوا منه هذا الفصل لاشتماله على عدة كنايات لطيفة ونسخته.. وقد توجه ابو النجم بدر الحرمى وهو الامين على ما يلحظه الوفي بما يحفظه نحوك يا سيدي ومولاي أدام الله عزك بالوديعة وانما ثقلت من وطن إلى سكن ومن مغرس إلى معرس ومن مأوئ مري والعطاف إلى مثوى كرامة والطاف وهي بضعة مني حصلت لديك وثمرة من جنى قلبي انفصلت اليك وما بان عني من وصلت حبله بحبلك وتخيرت له بارع فضلك ويوأته المنزل الرحب من جميل خلائقك وأسكنته الكنف الفسيح من كريم شيمك وطرائفك ولا ضياع على ما تضمنه أمانتك وتشتمل عليه صيانتك.. قال مؤلف الكتاب وكثيرا ما يكنى ابن العميد والصاحب والصابي وعبد العزيز بن يوسف وهم بلغاء العصر وافراد الدهر عن البنت بالكريمة وعن الصغيرة بالريحانة وعن الام بالحرة والبرة وعن الاخت بالشقيقة وعن الزوجة بكبيرة البيت وعن الحرم بمن وراء الستر وعن الزفاف بتأليف الشمل واتصال الحبل ولو كتبت الفصول المتضمنة لهذه الكنايات لا متد نفس الباب وفيما أوردته من هذه النكت كفاية " وحدثني " أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي قال لما توفيت والدة الأمير الرضي أبي القاسم نوح ابن منصور احتاج خالي أبو النصر العتبي إلى مكاتبة الحضرة في التعزية عنها فلم يرتض لفظة الام والوالدة في ذكرها فكتب كتابا قال في فصل منه وقد قرع الاسماع نفوذ قضاء الله فيمن كان البيت المعمور ببقائها مصعد الدعوات المقبولة ومهبط البركات المأمولة فارتضاه كتاب الحضرة وتحفظوه
" فصل في الكناية عن عورة المرأة "
أنشدني أبو القاسم الرسوري لبعض العرب
وإذا الكريم أضاع مطلب أنفه
أو عرسه لكريهة لم يغضب
" والعرب " تقول ان الجنين إذا تمت أيامه في الرحم وأراد الخروج منه طلب بانفه الموضع الذي يخرج منه فقال لي الاستاذ ابو بكر الطبري انظر كيف لطف هذا الشاعر بحذفه للكناية عن فرج الام بقوله مطلب انفه " ومعنى " البيت ان الرجل متى لم يحم فرج أمه أو امراته لم يغضب من شيئ يؤتي اليه بعد ذلك.. وقال الصاحب في رسالته الموسومة بالتلبيه على مساوى شعر المتنبي قد كانت الشعراء تصف المآزر وتكني بها عما وراءها تنزيها لالفاظها عما يستبشع ذكره حتى تخطي هذا الشاعر المطبوع إلى التصريح الذي لم يهتد اليه غيره فقال
اني على شغفي بما في خمرها
لأعف عما في سرا ويلاتها
Bogga 59
وكثير من العهر أحسن من هذه العفافة " ومما " يستحسن للحجاج قوله لام عبد الرحمن ابن محمد بن الاشعث عمدت إلى مال الله فوضعته تحت ذيلك لانه كره أن يقول تحت استك كما تقوله العامة خوفا من ان يكون قد جازف كما عيب به عبد الله بن الزبير لما قال لامرأة عبد الله حارم أخرجي المال الذي تحت استك فقالت ما ظننت أحدا بلى شيئا من أمور المسلمين فيتكلم بهذا فقال بعض الحاضرين أما ترون إلى الخلع الخفي الذي أشارت اليه " وقال " أبو منصور الازهري في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتيان النساء في محاشهن انها كناية عن ادبارهن وأصلها من الحش " وقال " الجاحظ في قول الله عز وجل اسمه والذين هم لفروجهم حافظون. وقوله وريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها انها كناية عن العورة ولما كثر في الكلام قال بعض المفسرين انه يحتاج إلى كناية فقال في قوله تعالى وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا انها كناية عن الفروج كأنه لم يعلم ان كلام الجلد من أعجب العجب ولو كان كذلك لقال عند ذكر الفروج والذين هم لجلودهم حافظون ولقال ومريم ابنة عمران التي أحصلت جلدها " وروي " الفقهاء ان رفاعة طلق امراته فتزوجت برجل يقال له عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي وجر الباء ثم شكته الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت ان الذي معه كهدية الثوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن تراجعي رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك فانظر الى لطافة هذا الكلام وكثرة رونقه وحسن كنايته عن العورة والنكاح بالعسيلة التي هي تصغير العسل وهو يذكر ويؤنث " وذهب " من أنكر تأنيثه الي انه تصغير عسلة يقال عسلة وعسل كما يقال تمرة وتمر " ومن نادر " الكناية وجيدها قول ابي حكيمة راشد بن اسحق الكاتب في فنه الذي شهر من قصيدة
ثم فما عندك خير يرتجى
أيها الاير القليل المنفعه
طالما جدلت فرسان الوغى
وافتتحت القلعة الممتنعه
وتقحمت مطامير الهوى
فعرفت الضيق منها والسعه
وعهدي بالاستاذ الطبري ينشد هذه الابيات ويعجب من جودتها في معناها ويقول ان من يكنى عن الاحراح والفقاح بمطامير الهوى لمن شياطين الانس الذين سخر لهم الكلام حتى قادوه بألين " زمم دمما يليق " بهذا الفصل قول البحتري في رجل تزوج قينة
تزوجها بعد احراقها
قلوب الندامى واقلاقها
فكيف انبسطت ولم تنقيض
لاجلاسها مع عشاقها
اذا كنت تمكن من حبها
فانك تمكن من ساقها
" فصل يتصل به في الكناية عن عورة الرجل "
قال النبي صلى الله عليه وسلم من تعزي بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن أبيه ولا تكنوا وقال عليه الصلاة والسلام من وقاه الله شر ما بين فكيه ورجليه دخل الجنة.. وقال الشاعر في مثل هاتين الكنايتين
وعضوين للأنسان لا عظم فيهما
هما سببا اصلاحه وفساده
إذا صلحا كان الصلاح لديهما
وان فسدا لم يحظ يوم معاده
وقد كنى عنها عبد العزيز بن محمد السوسي بالبلبلة فقال من قصيدة
وحين قامت على بلبلتي
ولم أجد خيلة تبلبلت
يكنى عن جلد عميرة وعميرة كناية وكذلك القضيب والطومار قال ابو نعامة
زرت أخاكم يا بني صالح
فلم يزل بنشر طومار
حتى اذا اخشوشن في كفه
أدخله مصيدة الفار
" وقال دعبل "
يا من يقلب طومارا وينشره
ماذا بقلبك من حب الطوامير
فيه مشابه من شيئ كلفت به
طولا بطول وتدويرا بتدوير
ومن كنايات ابن الرومي في هذا الباب قوله يهجو شخصا
ما مر من يوم عليه وليلة
الا وبعض غلامه في بعضه
" وأنشدني أبو الفتح البستي لنفسه "
وذات دل اذا لا حظت صورتها
رجعت عنها بقلب جد مفتون
تزور عني بنون الصدغ حين رأت
امام لهوي يقرا سورة النون
Bogga 60
ولقد ملح في الجمع بين النونين وطرف في الكناية عن متاعه بامام اللهو وعن عوجاجه وقلة انتصابه بقراءة سورة النون وانما شبهه بسورة النون المعروفة " وكانت " جنان المدنية تكنى عن متاع الرجل بمفتاح اللذة وفي كتاب ملح النوادر أن رجلا رواد امرأة عذراء عن عذرتها فقالت هذه ختم الله فقال واشار الي متاعه وهذا مفتاح الله " ومن الكنايات " الجيدة في هذا الباب فلان عفيف الازار وفلان طاهر الذيل اذا كان عفيف الفرج " وقلت " في كتاب المبهج من عف ازاره خفت أوزاره وانما يكنى بالازار عما وراءه كما قالت امرأة من العرب
النازلين بكل معترك
والطيبين معاقد الازر
وما احسن كنايات زيادة بن زيد عن عفة الفرج وشرف المنكح بقوله
فلما بلغنا الامهات وجدتم
بني عمكم كانوا كرام المضاجع
" فصل " في الكناية عما يجري بين الرجال والنساء من اتباع الشهوة والتماس اللذة وطلب النسل
لا أحسن ولا أجمل ولا ألطف من عناية الله تعالى عن ذلك بقوله " وقد أفضى بعضكم الى بعض " وقوله عز ذكره " فلما تغشاها " وقوله " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " وقوله " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم " وقوله " فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله " فما استمتعتم به منهن " وقوله في الكناية عن طلب ذلك حكاية عن يوسف عليه السلام " هي راودتني عن نفسي " فسبحان الله ما اجمع كلامه للمحاسن واللطائف وما أظهر أثر الاعجاز على انجازه وبسطه في معناه ولفظه " ومما " جاء في حسن الكناية عن النكاح في شعر الجاهلية قول الاعشى
وفي كل يوم أنت جاشم غزوة
تشد لاقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الحي رفعة
لما ضاع فيها من قروء نسائكا
القروء ههنا الاطهار لان الممدوح لما كان كثير الغزو ولم يغش النساء للغيبة عنهن في مغازيه أضاع اطهارهن " وقد زعم نقاد " الشعر ان هذه الكناية لطيفة دالة على حذق الشاعر بصنعته " وعندي " ان ضياع اطهار نساء الملوك ليس مما يخاطبون به وكذلك قول الاخطل في بني مروان
قوم اذا حاربوا شدوا مآزرهم
دون النساء ولو بآتت بأطهار
فانه على حسنه من فضول القول الذي لو رزق فضل السكوت عنها لحاز الفضيلة وما للشاعر ذكر حرم الملوك فضلا عما يجري لهم معهن..وأما قول الربيع بن زياد
أفبعد مقتل مالك بن زهير
ترجو النساء عواقب الاطهار
فهو أيضا كناية عن النكاح بعد الطهر يقول أيرجون أن يحملن مثله في شرفه وكرمه والعرب تزعم ان أكثر ما تكون المرأة اشتمالا على الحبل بعد مواقعة الرجل إياها بعيد طهرها من حيضها فيكون الحمل عاقبة الطهر.. ويروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع ذات ليلة وهو يطوف امرأة تغني بهذين
تطاول هذا الليل وأزور جانبه
وارقني ان لا خليل ألاعبه
فو الله لولا لا شيئ غيره
لزعزع من هذا السرير جوانبه
فسئل عنها فقيل هي مغيبة وزوجها فلان خارج في بعض البعوث فأمر برده اليها وزعزعة السرير؟ كناية عن الزج العفيف " ومما " يقاربها قول أبي عثمان الخالدي من؟؟ واذا الليل كف كل رقيب وعاذل صرت الفرش تحت قوم صرير المحامل ومن الكنايات عن النكاح الحلج وقد استعمله أبو نواس في قوله
ثم توركت على متنه
كأنني طير على برج
وكان منا عبث ساعة
واندفع الحلاج في الحلج
وللقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني من قصيدة هزل ومداعبة
تبيت تحلج طول الليل منكمشا
وباختيار ينادي ادركوا الفرقا
وقام عمرو فامنه أكف يد
لما انثنى أو تحسى منهم المرقا
اذا هو امته مثل الرمح واتسعت
كالترس وافق شن عندها طبقا
ومن ملح البحتري في هذه الكناية قوله
لم يخط باب الدهليز منصرفا
الا وخلخالها مع الشنف
وهو مسروق من قول غيره
ترفق قليلا قد اوجعتني
وألصقت قرطي بخلخاليا
وقد أخذ الاستاذ أبو بكر الطبري هذه الكناية وزاد فيها حيث قال
والشأن في ظنك الظن الجميل بها
وطال ما أوجعت كنفي رجلاها
وانظر إلى كعبها تبصر به ندبا
من طول ما خدش الكعبين قرطاها
Bogga 61
وقال أيضا
كمسترق اللحاظ إلى عروس
وعند سواه تضطرب الحجول
" وحكى " الصولي عن المكتفى في حديث له قال سهرت البارحة فذكرت بعض أدوية السهر فانست فنمت قال فقلنا له والله ما سمعنا بأحسن من هذه الكناية قط فقال والله ما سمعتها قبل وقتي هذا وانما ساقها اللفظ ودواء السهر كناية عن النكاح وعن السكر " وبلغني " عن ابن عمر القاضي انه كان لا يجلس للخصوم حتى ينال من الطعام والشراب ويلم بأهله احتياطا على دينه وتعففا بالحلال عما عساه تتوق نفسه اليه من الحرام إذا بدرت منه لحظة لمن عساها تتحاكم اليه من النساء الحسان " فقرأت " لابي اسحاق الصابي فصلا في هذا المعنى بعينه من كتاب عهد سلطاني لبعض القضاة تعجبت من حسن عبارته ولطف كنايته وهو وأمره أن يجلس للخصوم وقد نال من المطعم والمشرب طرفا يقف به عند أول الكفاية ولا يبلغ به إلى آخر النهاية وان يعرض نفسه على أسباب الحاجة كلها وعوارض البشرية بأسرها لئلا يلم به ملم أو يطيف به طائف فيحيلان عن رشده ويحولان بينه وبين سدده.. وهذه نسخة رقعة للصاحب في المداعبة تشتمل على كنايات حسنة من هذا الباب خبر سيدي أدام الله عزه وان كتمه مني واستأثر به دوني مصون عندي وقد عرفت ذلك في شربه وانسه وغناء الضيف الطارق وعرسه وكان ما كان مما لست أذكره وجري فأجرى مما لست أنشره وأقول ان سيدي امتطي الاشهب فكيف وجد ظهره وركب الطيار فكيف شاهد حربه وهل سلم على حزونة الطريق وكيف تصرف أفي سعة أم ضيق وهل أفرد بالحج وقال في الجملة بالكره ليتفضل بتعريفي الخبر فما ينفعه الانكار ولا يغني عنه الا الاقرار وأرجو أن يساعدنا الشيخ أبو مرة كما ساعده مرة فنصلى للقبلة التي صلى ونتمكن من الدرجة التي خطب عليها هذا وله فضل السبق إلى ذلك الميدان الكثير الفرسان " ومما يليق " بهذا الفصل فصل ذكره الازهري في كتب تهذيب اللغة فقال إذا أتى الرجل المرأة في غير مأتاها قيل حمض تحميضا تحول من مكان إلى مكان - والخلة - ما كان حلوا - والحمض - فاكهتها يقال أحمض القوم احماضا إذا أفاضوا فيما يؤنسهم من الحديث والفكاهة " ويروى " عن سعيد بن سيار انه قال لابن عمر ما تقول في التحميض قال وما التحميض قال أن يأتي الرجل المرأة في دبرها قال أو يفعل ذلك مسلم " وقال " غير الازهري من الكناية عن الجارية المشهية لذلك قولهم هي مالكية لما روى عن مالك بن أنس من إباحة ذلك " ومما " يستظرف لابي اسحق الصابي قوله
باتت وكل مصون
لي من حماها مباح
في ليلة لم يعبها
والله الا الصباح
" فصل في افتضاض العذرة "
من طريف الكناية عن أخذ العذرة ما قرأته في أخبار بشار بن برد حين قال يزيد بن منصور في دار المهدي يا شيخ ما صناعتك قال ثقب اللؤلؤ وأرى الصاحب أخذ من قوله لابي العلاء الاسدي وقد دخل بأهله من أبيات
وقد مضي يومان من شهرنا
فقل لنا هل ثقب الدر
وله يقول أيضا
قلبي على الجمرة يا با العلا
فهل فتحت الموضع المقفلا
وهل فككت الكيس عن ختمه
وهل كحلت الناظر الاحولا
ولابن العميد في هذا المعنى إلى ابي الحسن بن هندو
انعم أبا حسن صباحا
وازدد بزوجتك ارتياحا
قد رضت طرفك خاليا
فهل استلفت له جماحا
وطرقت منغلقا فهل
سني الاله له انفتاحا
وأنشدني أبو الفضل الميكالي لنفسه في مداعبة كانت له بين أهله
أبا جعفر هل فضضت الصدف
وهل اذ رميت أصبت الهدف
وهل جبت ليلا بلا حشمة
لهول السرى سدفا في سدف
وأظن السابق إلي وصف الافضاض حماد عجرد حيث قال وأحسن
قد فتحنا الحصن بعد امتناع
بمبيح فاتح للقلاع
ظفرت كفى بتفريق شمل
جاءنا تفريقه باجتماع
فاذا شعبي وشعب حبيبي
انما يلتام بعد انصداع
وليس بالبارد قول اليعقوبي
وهمتي مذ كنت في حل التكك
ولم يزل يعجبني ثقب الفلك
وقول أبي عبد الله بن الحجاج
جميع ملكي صدقه
لاكسرن الفستقه
لابد ان اطعن بال
رمح صميم الدرقه
Bogga 62
وان أمد الميل في
جوف سواد الحدقه
لابد من أن يقع الزر
فين وسط الحلقه
ومن مشهور ما يقع في هذا الفصل ما يروى أن ابن القرية قال للحجاج وقد بنى ببعض نسائه الأبكار باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة.. ومن ملح الكناية عن البكر قول بعضهم
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم
أشهي المطي إلى ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة
لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب
وقد ناقضه من قال
ان المطية لا يلذ ركوبها
حتى تذلل بالزمام وتركبا
والدر ليس بنافع أصحابه
حتى يعالج بالسموط ويثقبا
ومن حسن الكناية عنها قولهم فلانة بخاتم ربها " ويروي " أن شيخا من العرب تزوج بكرا فعجز عن افتضاضها فلما أصبحت سئلت عن حالها فأنشدت بيتا ما شئ أدل منه على العجز عن أخذ العذرة
تبيت المطايا حائرات عن الهدى
إذا ما المطايا لم تجد من يقيمها
ومن عويص هذا الباب قول الشاعر لابي المدبر
أبوك أراد أمك حين زفت
فلم يوجد لامك بنت سعد
يعني لم يوجد لها عذرة وبنت سعد عذرة بنت كعب
" فصل في الكناية عن الحيض "
قال بعض المفسرين في قول الله تعالى " فضحكت " انه كناية عن الحيض وقال النبي صلى اللله عليه وسلم فيما ذم من النساء انهن ناقصات عقل ودين ثم قال تدع الصلاة أحداهن شطر عمرها يكني عن الحيض " وحدثني " سهل بن المرزبان قال كنت أحضر أحيانا ببغداد مجلس عنان المسمعة وكان الافاضل كثيرا ما ينتابونها للسماع الفائق وكانت تبتدئ بالقرآن استفتاحا ببركته فتجيد جدا ثم تأخذ في شأنها فبينما أنا ذات يوم عندها إذا ابتدأت بالشعر فارتفعت اصوات الحاضرين باستعادة عادتها في الابتداء بالقرآن وهي ساكتة فلما عاودوها مرات قال لهم صاحب الستارة ليس يجوز لها أن تقرأ القرآن فلم يفطن لهذه الكناية أكثرهم حتى تبههم انه كنى عن حيضها " ويحكى " أن بوران بنت الحسن بن سهل لما زفت إلى المأمون حاضت من هيبة الخلافة في غير وقت الحيض فلما خلا بها المأمون ومد يده إلى تكتها قرأت أتي أمر الله فلا تستعجلوه ففطن لحاله وتعجب من كنايتها وازداد اعجابا بها " وما أشبه " وقوفه على كنايتها الا بحال ابي فراس الحمداني حيث قال
وكنى الرسول عن الجواب تطرفا
ولئن كني فلقد علمنا ما عنى
وكنت أقرأ في شعر بن الحجاج والامير مفتصد في بيت لا مجال فيه لمعني فصد الامير ولا أفطن له إلى ان اذكر لي بعض السادة انه كناية عن الحيض بلسان المجان من اهل بغداد فخرج لي معنى البيت لولا فرط قذعه لا وردته ثم أنشدت ما يحقق معناه لبعض العصريين
مشيت علىدمي وركبت هولا
على خطر وجد به المسير
إلى من بين ثوبيها الاماني
وفي ازرارها القمر المنير
فلما ان خطبت الوصل منها
حجبت وقيل قد فصد الامير
فيالك ثم يالك من فصاد
تعوق لي به حج كبير
" فصل في الحبل "
مجاهد في قول الله تعالى " فمرت به " قال انه كناية عن الحبل وكثيرا ما تجري هذه الكناية في الفارسية.. وما احسن ما كنى به الفرزدق عن جارية له حبلي توفيت بقوله
وجفن سلاح قد رزئت فلم أنح
عليه ولم أبعث عليه البواكيا
وفي جوفه من صارم ذي حفيظة
لو ان المنايا انسأته لياليا
" وسمعت " أبا الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي في المذاكرة يقول تقول العرب في الاستخبار عن الحبلى والكناية عن ولادتها أحلبت ناقتك أم أجلبت أي أتت بأنني فتحلب أم بذكر فتحلب للبيع " وقرأت " في كتاب جراب الدولة أن قحبة قالت لسحاقة ما أطيب الموز تكنى عن الاير قالت نعم ولكن ينفخ البطن تكنى عن الحبل
" فصل في نوادر وملح في كنايات هذا الباب "
ههنا أبيات مشهورة متنازعة منسوبة إلى جماعة من الجواري والغلمان فمنهم قينة رآها صديق لها ولما بها استخشن العرض وتأذي بالشعرة فنبا عنها وهجرها ثم انها أصلحت من شأنها وكتبت اليه تقول
فديتك سهلت الطريق الذي اشتكى
جوادك فيه للحفى من خشونته
فأصبح بعد الحزن ميدان لذة
يجول كميت اللهوفيه للذته
Bogga 63
فان كنت ذا عزم على ان تزورنا
فبادر وعجل فالهلال ابن ليلته
ومن كناية مجان بغداد عن تلك الحال في فم القنينة ليف قال ابن الحجاج
أحن اذ رأيت الكس ليلا
بجنبي وهو منتوف نظيف
ولست أعافه ان جاء يوما
وفي فمه وأعلا الراس ليف
إذا سمط الخروف أكلت منه
ولست أعافه وعليه صوف
" ويحكى " ان الوليد بن يزيد أراد امرأة من قريش على ما يفعل بالاماء فقالت
صاعد أمير المؤمنين صاعد
لست كما اعتدت من الولائد
" ويحكى " أن بعض الاكاسرة خرج متصيدا فتفرد عن أصحابه فاذا بشيخ كبير يعمل في أرض له فقال له ياشيخ هلا أدلجت فيكون لك من يكفيك فقال أدلجت ولكن ضللت الطريق فقال له زه فلما تلاحق بالملك أصحابه أعطي الشيخ أربعة آلاف درهم " أراد " هلا نكحت وأنت شاب فيكون لك اليوم من يكفيك من أولادك وقوله أضللت الطريق يحتمل معنيين احدهما انه لم يتزوج شابة ولودة والآخر انه لم يتبع ما كتبه الله له " وحكى " المازني قال جلس نساء ظراف إلى بشار بن برد فتحدث وتحدثن ثم قلنا له لوددنا انك ابونا فقال على اني على دين كسري " وسمعت " ابا نصر سهل بن المزرباني يقول في المذاكرة شئل بعض النساء التي كان عمر بن عبد الله بن ابي ربيعة يشبب بهن عن حالها معه فقالت لعن الله ذلك الفاسق جمعني واياه مكان كذا عن خلوة كذا فحللت منه بواد غير ذي زرع تكنى عن عجزه في النكاح " ولما قال " ابو الصمت وهو اعرف بالشعر لعلي بن الجهم
لعمرك ما جهم بن بدر بشاعر
وهذا علي بعده يدعي الشعرا
ولكن ابي قد كان جارا لامه
فلما ادعي الاشعار أوهمني امرا
استظرف الناس هذه الكناية وسار البيتان كل مسير فقال علي والله ما هو بابي عذرة هذا المعنى وانما نسج منوال ما دار بين الفرزدق وكثير فسئل عن ذلك فقال بلغني ان كثيرا أنشد لنفسه قصيدة استحسنها السامعون وفيهم الفرزدق فقال كثير يا ابا ضحوك هل كانت امك ترد البصرة فقال لا يا ابا فراس ولكن كان ابي كثيرا ما يردها " ومن " خبيث الهجاء المشتمل على التصريح قول ابي الحسن بن طبا طبا العلوي لابي علي بن رستم وكانت حرمته تتهم بآذريون غلامه
يا رستمى لقد لهوت ببركة
أصبحت تحمي حسنها وتصون
والعرس لاهية ببركتها التي
يجري اليها الماء آذريون
" سئل " رجل عن امرأة فقال فيهل خصلتان من خصال الجنة يكنى عن البرد والسعة " وحديثي " ابو سعد نصر بن يعقوب فقال طلب رجل غريب ببغداد امرأة حسناء يتزوجها فقالت له دلالة عندي هنا امرأة كانها باقة نرجس فخطبها وتزوجها فلما دخل بها اذ هي عجوز دميمة فدعي بالدلالة وقرعها على كذبها فقلت ما كذبتك حين قلت كأنها باقة نرجس وانما كنيت عن صفرة وجهها وبياض شعرها وخضرة ساقها " ومن نوادر " ما كنى به عن المرأة الخائنة لفراش زوجها قول ابن الرومي ويقال لابي علي البصير
أنت يا شيخ نائم فتنبه
وانتصحني فلست من غشاشك
لك أنثي تزيف في كل وكر
وتر بي الفراخ في أعشاشك
والعامة تكنى عن استئناف العاشقة ومعاودة المواصلة بعد وقوع الفترة وحدوث السلوة بتسخين الازار كما كتب بعضهم لعشيقه له.
خلوت بذكركم إذ غاب عني
رقيب كنت قد ما أتقيه
وبردت المقيل فدك نفسي
وتسخين الأرز يطيب فيه
" وقال الآخر "
ولست أحب الرز أول طبخه
فكيف أحب الرز وهو مسخن
الباب الثاني في ذكر الغلمان والذكران ومنهم يقول بهم " الكناية عن أوصافهم وأحوالهم "
" فصل في الاحتلام والختان "
يكنى عن الختان بالطهر والتطهر: ومن املح ما سمعت في ذلك قول الصنوبري
اري طهر سيثمر بعد عرسا
كما قد يثمر الطرب المدامه
وما قلم بمغن عنك الا
إذا التقيت منه كالقلامه
وما ينقضي تعجبي من حسن هذه الكناية وملاحة هذا التمثيل كما لا يتناهى اعجابي بقول ابي ابراهيم اسماعيل بن احمد العامري الشاشي من قصيدة مدح بها فخر الدولة وكنى عن تطهير ولديه باحسن كناية وما اظن ان احدا خاطب ملك في معناه باحسن وابدع منه
Bogga 64
امسست شبلك في حق الهدى الما
لولا التقى لسفكنا فيه الف دم
جلوت سيفا ليرتاح الشجاع وقد
شذبت غصن لينمى قامة النسم
كما لا احب ان احدا كنى عن احتلام الغلام باحسن من قول ابراهيم بن العباس في المنتصر وهو اذ ذاك ولي عهد
هذا هلال العهد قد
اقمر بالمنتصر
ولي عهد الناس وابن
امام البشر
يا ليلة نعدها
مضت لنا من صغر
ابدت هلالا وانجلت
مع صحبها عن قمر
" ومما يكنى " به عن القلفا قول دعبل
ما زال عصياننا لله يوبقنا
حتى دفعنا الي فتح ودينار
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما
فقد طال ما سجدا للشمس والنار
" ومن ظريف " الكناية عنها ما قاله ابو سعيد بن دويست في غلام اتهم بمجوسي
عجبت من حسنك يا جوهري
ومن مخازي فعلك المنكر
تترك ما يقشر من فولنا
تبلع الفول ولم يقشر
" فصل في الكناية عن الغلام " الذي عبث به ووصف فراهيته وسائر أوصافه..
يكني عنه بالعلق والمطبوع والمعاشر والمواسى " ويقال " فلان يجيب المضطر إذا دعاه وهو من مكروه الاقتباس الذي نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن وفلان من الباب كما قال ابن طباطبا
عند صديق لنا من البابه
يهيج للمسهام اطرابه
وفلان من شرط يحيى بن أكثم كما قال الاستاذ الطبري
يدور بها ساق تدور عيوننا
على عينه من شرط يحيى بن أكثم
ويحيى بن أكثم مشهور باللواطة " وقد أحسن " القاضي علي بن عبد العزيز في الكناية عن شرط اللاطة بقوله من قصيدة كتبها إلى ابي القاسم علي بن محمد الكرخي
فان يك قد سلا وثناه عني
رضاع الكأس أو ظبي ربيب
تسلطه النفوس على هواها
وتعطيه أزمتها القلوب
باعطاف تباح لها المعاصي
وألحاظ تحل لها الذنوب
فلى كبديه حرى وقلب
على ما فيه من كمد طروب
ومن ملح ابي نواس في هذا المعنى قوله
مر بنا والعيون ترمقه
تجرح منه مواضع القبل
أفرغ في قالب الجمال فما
يصلح الا لذلك العمل
ولابي سعيد دوست في ذكر ذلك العمل
تعلقته علقا كاللحم الجمل
وهذا الربيع آوان الحمل
فرأيتك مولاي في غيره
إذا ما نشطنا لذاك العمل
وعلى ذكر ذلك العمل فان ابا الحسن بن فارس أنشد لرجل بشيراز يعرف بالهمداني وقد عاتب رجلا من كتابها على حضوره طعاما مرض منه
وقيت الردي وصروف العلل
ولا عرفت قدماك الزلل
شكا المرض المجد لما مرضت
فما نهضت سليما أبل
لك الذنب لا عتب الا عليك
لماذا اكلت طعام السفل
طعاما يسوي ببيع النبيذ
ويصلح من جذر ذاك العمل
" ومن كنايات " الصوفي في هذا الباب قولهم للغلام الصبيح شاهد ومعناهم فيه انهم لحسن صورته شهيد بقدرة الله عز اسمه على ما يشاء " ويحكي " ان اصحاب ابي علي الثقفي تحلو لفظة الشاهد بين يديه هيبة له فتواصوا فيما بينهم ان يقولوا للغلام الصبيح حجة فاتفق انهم صحبوه في بعض الطريق فترأى لهم من بعيد غلام فقال أحدهم حجة وهو يظن انا ابا علي لا يفطن لمغزاه فلما قرب الغلام منهم كان غير مليح فالتفت ابو علي اليهم وقال داحض " وسمعت " بعض الفقهاء ينسب هذا الحكاية إلى ابي اسحق المروزي ونظيرها ما يروي ان شبانا مشوا مع ابن المنكدر فكانوا إذا رأوا امرأة جميلة قالوا بينهم قد ابرقنا وهم يظنون ان ابن المنكدر لا يفطن لمغزاهم فرأوا قبة مجللة فقال أحدهم بارقة وانكشف جلال القبة عن امرأة قبيحة فقال ابن المنكدر يا اخي هذه صاعقة " ومن مليح " الكناية عن الغلام المخنث قول سعيد بن حميد
الست ترى ديمة تهطل
وهذا صياحك مستقبل
وهذا المدام وقد راعنا
بطلعته الشادن الاكحل
فبادر به وبنا سكره
تهون اسباب ما اسأل
فاني رايت له طره
تدل على انه يفعل
Bogga 65
وأنشدت للحسن المروزي الضرير في غلام نصراني
وما انس لا انس ظبي الكناس
يريد الكنيسة من داره
فيا حسن ما فوق ازراره
ويا طيب ما تحت زناره
وكتب السري الموصلي إلى صديق له سرية في يوم الشك ويصف ما عنده من الملاهي
غدات الشك ندعوك
إلى الراح تغاديها
وعندي قينة تعطيك
در القول من فيها
إذا دغاغت العود
حسبانه يناغيها
وراح كللت بالطيب
من انفاس ساقيها
وورد كخدود الغيد
تحكيه ويحكيها
وعلق يحمل الراية
لا غشا ونمويها
" وللصاحب "
ان ابن مسرور فتى كاتب
يأخذ من كل صديق قلم
مستحسن الشارة ذا شارة
من أحذق الناس بحمل العلم
ولبعض العصرين من اهل نيسابور
ارسلت في وصف صديق لنا
ماحقة كتبت بالعسجد
في الحسن طاووس ولكنه
اسجد في الخلوة من هدهد
ولم اسمع احسن وابدع من قول ابي الحسن الجوهري الجرجاني لبعض الأجلة يتوسل اليه بخدمته في صباه ويكنى عن المعنى الطف كنايه
الا ايها الملك المعلى
أنلني من عطاياك الجزيله
لعبدك حرمه والذكر فحش
فلا تحوج إلى ذكر الوسيلة
ومما يستملح للمطراني الباشي ما كتبه إلى صديق له رأي عنده غلاما
رأيت ظبيا يطوف في حرمك
أغن مستأنسا الي كرمك
أطمعني فيه انه رشأ
يرشي ليغشى وليس من خدمك
فاشغله في ساعة إذا فرغ
ت دواته ان رأيت من قلمك
ومن مليح ما كنى به عن الغلام الوسيم غير الجسيم قول الجماز
ظبيك هذا حسن وجهه
وما سوى ذاك جميعا يعاب
فافهم كلامي يا اخي جملة
لايشبه العنوان ما في الكتاب
ولغيره في معناه
أتيح لي يا سهل مستظرف
تفتني ألحاظه الساحره
ما شئت من دنيا ولكنه
منافق لست له آخره
وفي مثل ذلك قال الظرفاء نثرا ليس وراء عبادن الا الخشبات فنظمه ابو نصر بن المرزبان فقال
يا غزالا وجهه
كالبدر يجلو الظلمات
ذقت من فيه ومن
قبلته ماء الحيات
ليس لي من بعد عبا
دان الا الخشبات
وسمعت بعض العامة يقول بالفارسية في وصف غلام يأخذ من دبره وينفق على قبله فلان يذيب الالية على الشحم..ثم سمعت بعض العامة يقول في ذلك فلان ينفق من طسته على ابريقه " وبلغني " أن اصحاب البريد بنيسابور كتب إلى الحضرة ببخارى في انهاء ما شجر بين بعض المشايخ بها وبين أحد القواد الاتراك فقال في حكاية ذلك وانه قال له يا مؤاجر فلما نظر وزير الوقت في هذه اللفظة أنكرها وأكبرها وصرف صاحب البريد عن عمله فلما ورد بخارى وحصل في مجلسه قرعه على تلك السقطة ووبخه وقال له هلا صنت حضرة السلطان عن مثل تلك اللفظة القذعة فقال أيد الله الشيخ الجليل فما كنت أكتب إذا وقد أمرت بانهاء الاخبار على وجوهها فقال أعجزت ويحك أن تكنى عنها فتقول شتمه بما يشتم به الاحداث أو كلاما يؤدي معناه
" فصل في الكناية عما يتعاطى منهم "
حكي المبرد قال كان سليمان بن وهب يكتب لموسى بن بغا ويتعشق مملوكا لموسى ولا يرى به الدنيا فخرج موسى ذات يوم متصيدا ومعه أبو الخطاب الكاتب فورد عليه أمر احتاج فيه إلى سليمان فأمر أن يستدعى فقال أبو الخطاب لذلك الغلام بادر إلى سليمان فاحضره فركض اليه فلما حصل بين يديه تلطف له سليمان حتى نال ماأحب منه ونهض معه إلى متصيد موسى وامتثل أمره فلما كان من الغد كتب اليه أبو الخطاب
لا خير عندي في الخليل
ينام من سهر الخليل
قولا لا كفر من رأي
ت لكل معروف جليل
هل تشكرن لي الغداة
تلطفى لك في الرسول
اذ نحن في صيد الجبال
وأنت في صيد السهول
ومثل هذه الكناية أحسن من كناية ابن الرومي في قوله
هل مانعي حاجتي مليح
من خلقه البعض واللجاجه
Bogga 66
فانما حاجتي اليه
حاجة ديك إلى دجاجة
وقد مرت في ابيات لابن المعتز في نهاية الملاحة يشتمل البيت الاخير منها على كناية مستظرفة جدا وهي
وشادن أفسد قلبي
بعد حسن توبته
جاد بجيش الحسن في
عديده وعدته
فماتت التوبة لما
ان بدا من هيبته
وجاء ابليس يهنى
نظري بطلعته
ولم يزل يذكرني
ربي وعفو قدرته
وقال لي ما قبلة
وغيرها في رحمته
وعلى ذكر القبلة فقد أنشدت أبياتا ليونس العروضي فيها كناية لطيفة عما يتبع القبلة وهي
اني من حبك ياسيدي
في خطة هائلة صعبه
وقد أذنت اليوم في قبلة
راعيت فيها حرمة الصحبه
كأنني اذ نلتها خلة
قبلت ركن البيت ذي الحجبه
والركن قد فزت بتقبيله
فكيف لي أن أدخل الكعبه
ومن ظريف الكناية عن القبلة ما أنشدتيه أبو الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي لعبد الله بن النجم
شكي اليك ما وجد
من خأته فيك الجلد
حيران لو شئت اهتدى
ظمآن لو شئت ورد
ومن حسن الكناية عن العدول عن مباشرة النسوان إلى مفاخذة الغلمان قول بعضهم
لا أركب البحر ولكنني
أطلب رزق الله في الساحل
وأبدع ما سمعت في معنى الضيق والسعة بأحسن كناية وألطف عبارة ما أنشدنيه أبو نصر أحمد بن اكريد الزنجاني لنفسه في غلامه يوسف
مضى يوسف عنا بتسعين درهما
وعاد وثلت المال في كف يوسف
فكيف يرجي بعد هذا صلاحه
وقد ضاع ثلثا ماله في التصرف
ونظير هذه الحكاية في فحش المعنى وطهارة اللفظ ما أنشدنيه أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي قال أنشد محمد بن عيسى الدامغاني ولم يسم قائله
تذكر اذ أرسلته بيدقا
فيك فوا فاني فرزانا
ومن اعارة الشطرنجيين إذا تفرزن بيدق لهم في الرقعة ان يعلموا عليه بما يتميز معه عن سائر البيادق فقد كنى هذا الشاعر عن ذلك الشئ انه دخل وهو نظيف وخرج وهو معلم قذر " ومن " نادر الكناية عن اتيان الغلام ما أنشدنيه القاضي أبو بكر الستي للسرى الموصلي من أبيات
أنخت في حانة أترجة
وحبذا السكر بها من مناخ
يصافح الخمر بها نفسها
ونبذر النسل بها في السباخ
فانظر كيف كنى عن اللواطة بالبذر في سباخ لا ينبت " ومن " مشهور ما يليلق بهذا الفصل قول بعضهم
من كل شيئ قضت نفسي مآربها
الا من الطعن بالقثاء في التين
لا أغرس الدهر الا في مشرفة
ولا يجوز الا تحت سرقين
وأنشدني أبو الفتح البستي لنفسه
أفدى الغزال الذي في النحو كلمني
مناظرا فاجتنبت الشهد من شفته
وأورد الحجيج المقبول شاهدها
محققا ليربني فضل معرفته
ثم افترقنا على رأي رضيت به
فالرفع من صفتي والنصب من صفته
يعني انه كان فاعلا والفاعل مرفوع والغزال مفعولا به منصوب ولابي تمام فيما يقاريه
وكنت أدعوك عبد الله قبل فقد
أصبحت أدعوك زيدا غير محتشم
سمحت جودا بما قد كنت تمنعه
ما كل جود الفتى يدعو إلى الكرم
" وله "
ما كان في المخدع من أمركم
فانه في المسجد الجامع
يا طول فكري فيك من حامل
صحيفة مكسورة الطابع
وأما قول ابن المعتز
وجاءني في قميص الليل مستترا
يستعجل الخطو من خوف ومن حذر
فبت أفرش خدي في الطريق له
ذلا وأسحب أذيالي على الأثر
وكان ما كان مما لست أذكره
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر
فهو كناية عن التصريح: ومثله لعبد الصمد بن المعذل
وإذا هبت النفوس اشتياقا
وتشهى الخليل قرب الخليل
كان ما كان بيننا لا اسمي
ه ولكنه شفاء الغليل
ولبعض أهل العصر والمراد هو البيت الاخير
Bogga 67
صفحت لدهري عن جميع هناته
وغددت يوم الباغي أسنى هباته
وقابلت اشجارا هناك بقد من
تعطل غصن البان عن حركاته
ويخجل ورد الباغ عند طلوعه
ويعزله بالورد في وجناته
ويسجد نور الاقحوان لثغره
ويقصر نشر الورد عن نفحاته
ولما دجي الليل استعاد سنا الضحى
بوجه جميع الحسن بعض صفاته
فيالك من ليل رقيق ظلامه
بتأليف شمل الانس بعد شتاته
ومن ردى هذا الفصل قول بعض الفضلاء
اني إذا حان سكري
وكان وقت مقيلي
أدخلت اصبع بطني
في عين ظهر خليلي
ومن جيد الكناية عن التفخيذ قول ابي نواس
وغزال تشره النف
س إلى حل ازراره
بسطته سورة النا
س لنا بعد ازوراره
فاطفنا بحواليه
ولم نعرض لداره
" فصل في الكناية عن اللواط وأهله "
إذا كان الرجل يقول بالغلامان دون النسوان قيل فلان يؤثر في صيد البر على صيد البحر " فلان " يقول بالظباء ولا يقول بالسمك " وفلان " يحب الحملان ويبغض النعاج قال ابو نواس
اني امرء ابغض النعاج وقد
يعجنني من نتاجها الحمل
وفلان يميل إلى من لا يحيض ولا يبيض قال الشاعر
جعلت فداك ما اخترناك الا
لا نك لا تحيض ولا تبيض
ولو ملنا إلى وصل الغواني
لضاق بنسلنا البلد العريض
وفلان يكتب في الظهور وفلان يحب الميم وببغض الصاد " وقد " اساء ابن الرومي في قوله
بغضي لصاد شهير انني رجل
اصفى المودة مني للحواميم
وليس بغضي لقرآن ولا مقتى
اياه لله بل للصاد والميم
" وقال آخر "
لعجم الصاد ارضى الله قدما
وعبد الله يعجم كل ميم
ويقال فلان من العطارين والعطار كنايه عن الكناس في كثير من البلدان قال ابو اسحاق الصابي في ذم اللاطه
لحاجة المرء في الادبار إدبار
والمآلون إلى الاحراح أحرار
كما من نظيف ظريف باتت ممتطيا
ظهر الغلام فأضحى وهو عطار
فاذا كان يقول بالمرد الجرد قيل شرطه أهل الجنة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصفهم جرد مرد مكحلون: فاذا كان يقول بالصغار دون الكبار قيل فلان يؤثر السخال على الكباش " ويروي " ان حماد عجرد لما قعد لتأديب ولد العباس بن محمد قال بشار بن برد
قل للامير جزال الله صالحا
لا يجمع الدهر بين السخل والذيب
السخل غر وهم الذئب غفلته
والذئب يعلم ما بالسخل من طيب
" وقال ايضا "
يا ابا الفضل لا تنم
وقع الذئب في الغنم
ان حماد عجرد
شيخ سوء قد اغتلم
بين فخذيه حربه
في غلاف من الأدم
وهو ان نال فرصة
مسح الميم بالقلم
فلما شاعت الابيات امر العباس باخراج حماد " ونظير " هذه السعايه قول ابي اسخاق الصابي في كتاب
يا ابا الفضل استمع
قول امرئ يصفيك حبا
سرح غلمانك قد
أصبح للسرحان نهبا
وكان لابن سكرة الهاشمي غلام يستشرطه فلما كبر اخرجه من داره فقيل له في ذلك فقال
ما تركناه وفيه
لمحب من طباخ
هدر الطير ومن
عاداتنا اكل الفراخ
وإذا كان الرجل يقول بالصغار والكبار قيل فلان يصطاد ما بين الكركي إلى العندليب " فاذا كان " يقول بالزنا واللواط كلاهما قيل فلان يصيد الطيرين ويقبض الديوانين وفلان قلم برأسين وينشد
أي دواة لم يلقها قلمه
وأي سطح لم ينله سلمه
فاذا كان يأتي ويؤتي قيل فلان لحاف ومضربه وفلان يذعن للقصاص فطورا سقف وطورا أرض " فاذا كان " يقول بحسن الوجه دون الجسامة قيل هو يقول بالدنيا دون الآخرة " فاذا كان يقول بهما جميعا قيل هو يقول بالآخرة ولا ينسى نصيبه من الدنيا " فاذا جمع " الغلام هاتين الصفتين قيل هو دنيا وآخره " فاذا كان " وسيما غير جسيم قيل هو منافق وقد تقدم ذكره
Bogga 68
" فصل في الكناية عن خروج اللحية مدحا وذما "
كان ابو نواس يقول تزودوا من لذة لا توجد في الجنة يكنى عن اتيان المختطين لان اهل الجنة جرد مرد كلهم " وفي كتاب " لباب الاداب فلان قد غلفته يد الحسن وقد احرقت فضة خده وطرز ديباج وجهه " ومن " أحسن ما احاضر به في الكناية عن خط اللحية قول بعض المولدين
كتاب من الحسن توقيعه
من الله في خده قد نزل
وما أظرف ما كنى عنه الصاحب بزغب الحسن في قوله
هل زغب الحسن به ضائر
والقمر التم به يقمر
انشدني بديع الزمان لنفسه من أبيات
كن كيف شئت فانني
قد صغت قلبا من حديد
وجلست انتظر الكسوف
وليس ذلك بالبعيد
وانما كني بالكسوف عن خروج اللحية كما قال الآخر
واها لبدر قد كسف
أسفا وهل يغني الاسف
ومن بديع الكناية وخفيها في هذا الفصل قول القاضي ابي الحسن علي بن عبد العزيز
قد برح الحب بمشتاقكا
فاوله احسن اخلاقكا
لا تجفه وراع له حقه
فانه آخر عشاقكا
يكني غن قرب خروج اللحية أو خروجها وانه لا عاشق له بعدها
" الباب الثالث في الكناية عن بعض فضول الطعام وعن المكان المهيأ له "
" فصل في مقدمته "
قرأت في المستنير ان يحيى بن زياد ومطيع بن اياس وحماد عجرد اجتمعوا في مجلس يقصفون ومعهم رجل كان ينادمهم فخرجت منه ريح لها صوت فاستحيا ولم يعد اليهم فكتب اليه أحدهم
امن قلوص غدت لم يؤذها أحد
الا تذكرها بالرمل أوطانا
خان العقال لها فانبث اذ نعرت
وانما الذنب فيها للذي خانا
منحتنا منك هجرانا وتقلية
وغبت عنا ثلاثا لست تغشانا
خفض عليك فما في الناس من احد
الا واينقه يفلتن أحيانا
وعرض مثل ذلك لجارية تغني في مجلس فيه الجماز فاحبت ان تنظر ما عنده فقالت أي شئ تشتهي ان اغنيك فقال غنى
يا ربح ما تنصفين بالدمن
كم لك من محو منظر حسن
فضحكت وعلمت انه قد أخس بذلك " وعرض " مثل ذلك لرجل في مجلس الصاحب فاستحيا وانقطع منه فكتب اليه الصاحب
يا ابن الحصيري لا تذهب على خجل
لحادث كان مثل الناي والعود
فانها الريح لا تستطيع تحبسها
اذ لست أنت سليمان بن داود
" وعرض " مثل ذلك لفتى في مجلسه ليلا فقال له الصاحب يا صبي لا تنم فخجل وقال هذا صرير التخت فقال الصاحب احسب ان يكون صرير التخت " ومن " مليح ما سمعت في هذه الكناية حكاية ابي عبد الله بن الحجاج وهي انه دعا مغنية كان يتعاشق لها فلما حصلت عنده ليلا ودارت الكؤوس نعس فتفرقع ظهره وهي قاعدة فغضبت وانصرفت فكتب اليها من الغد
قد غضبت ستي وقد انكرت
فرقعة تعرض في ظهري
وليس لي ذنب ولكنني
اصر بالليل ولا ادري
فليت شعري وهي غضابة
من جحرها اضرط أم جحري
" فصل في عاقبة الاكل "
Bogga 69
قد كنى الله تعالى عنها بقوله أو جاء احد منكم من الغائط - والغائط - المكان المطمئن من الارض وكانوا يأتونه تسترا وانتباذا ثم كثر ذلك في كلامهم حتى سموا الحدث باسمه واشتقوا منه الفعل تغوط " ومن " كنايات العامة عن الحاجة إلى دخول الخلا قولهم له حاجة لا يقضيها غيره " ومن " لطائف الاطباء كنايتهم عن حشو الامعاء بالطبيعة والبراز وعن سيلان الطبيعة الخلفة وعن القيام لها الاختلاف " ومنه " قول ابي العيناء وقد سئل فقيل إلى من يختلف فقال إلى من يختلف عليه.. وقد تكني الاطباء عن البول بالماء والدليل وعن القئ بالتعالج " وقال " بعض المفسرين في قول الله تعالى " كانا يأكلان الطعام " وقوله " ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق " انما هو كناية عن الحدث لان من اكل فلا بد له من عاقبة الاكل ونفض الفضل " وقد " عابهم الجاحظ بهذا التفسير وقال كأنهم لم يعلموا ان مس الجوع وما ينال أهله من الذلة والعجز أدل دليل على انهم مخلوقون حتى يدعوا على الكلام شيأ قد أغناهم الله عنه " وعلى " ذكر التفسير فقد قال لي أبو النصر محمد بن عبد الجبار القبي سألني بعض أهل جرجان عن تفسير قوله تعالى " وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق " فقلت يعني انه ليس بملك ولا ملك وذلك ان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوقون ولا يتبذلون فعجبوا ان يكون مثلهم في الحال يمتاز من بينهم في علو المحل والجلالة والله أعلم حيث يجعل رسالته " وقرأت " في كتاب المستنير ان أبا تمام والخثعمي اجتمعا في مجلس أنس فقام أبو تمام إلى الخلا فقال له الخثعمي ندخلك فقال نعم وأخرجك فتعجب الحاضرون من هذا الابتداء البديع والجواب العجيب السريع " ومما " يشبه هذه الحكاية ما حدثنيه أبو النصر سهل بن المرزبان فقال دخل ابن مكرم الي أبي العيناء فسأله ان يقيم عنده فقال ابن مكرم اذهب واتوضأ فقال ابو العيناء إذا لا يعود الينا منك شئ أي لانه كله حدث وينشد أصحاب المعاني لابي صعترة
هم منحوك طول الليل سقيا
خبيث الريح من خمر وماء
يكنى عن انهم ضربوه وهو سكران حتى احدث..وكان بشر المريسي يقول إذا قيل له فلان قد وضع كتابا الوضع وضعان احدهما له افتخار والآخر له بخار يريد قول القائل
مررت بدارها فوضعت فيها
كجثمان القطاة له بخار
وكتب بعض الظرفاء إلى شارب دواء
ابن لي كيف أصبحت
على حال من الحال
وكم سارت بك الناقة
نحو المنزل الخالي
وكتب مؤلف الكتاب إلى المجلس العالي آنسه الله في يوم أخذ فيه دواء
يا مالكا حاز أصله الشرفا
فلم يدع منه للوري طرفا
لما أخذت الدواء والطالع الس
عد على العزم منك قد وقفا
صقلت سيف العلي وصفيت تبر
السمجد والعيش منك صفا
لا زلت تحسو السرور في مهل
وتنفض اليهم عنك والدنفا
والعرب تقول لا رأى لحاقن ولا لحاقب - والحاقن - كناية عمن به بول - والحاقب - كناية عن الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز شبه بالبعير الحاقب الذي دنا الحقب من قبله فمنعه ان يبول.. وقد ملح منصور الفقيه في الكناية عن الحدث بقوله
تنبه فجسمك من نطفة
وأنت وعاء لما تعلم
" فصل في الكناية عن المكان التي تقضي تلك الحاجة اليه "
يكنى عنه بالحش وهو البستان وبالمستراح والمبرز والمذهب والمتوضأ والميضاء.. وما أحسن ما سمعت في ذلك وأصدقه قول أبي الفتح البكتمري
أحق بيت من بيوت الورى
يصونه قدما واستاره
بيت إذا ما زاره زائر
فقد قضى أعظم أوطاره
يدخله المولى بخزكما
يدخله العبد باطماره
وهو إذا ما كان مستنظفا
مروة الانسان في داره
Bogga 70
وعلى ذكر الكنايات عن ذلك المكان فقد اعترضت حكاية كتبها إلى ابو سعد دوست باسناد له عن الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن الوليد الزبيري قال قدم رجل من بني هاشم المدينة ومعه جاريتان مغنيتان وبلغه ان بها رجلا مضحكا فبعث اليه وأحضره وسقاه نبيذا قد القى اليه سكر العش وهو يسهل البطن وتناوم الهاشمي وغمز الجاريتين فلما شرب المضحك ثلاثا حركته بطنه فقال ما أحسبهما الا مكيتين فقال جعلت فدا كما اين بيت المذهب فقالت احداهما لصاحبتها ما الذي يقول قالت يقول غن لي
ذهبت من الهجران في غير مذهب
ولم يك حقا طول هذا التجنب
فصبر على مكروه عظيم ثم قال ما احسبهما الا بصريتين فقال جعلت فداكما اين بيت الخلا فقالت أحدهما للاخرى ماذا يقول قالت يقول غني
اضحت خلاء واضحي اهلها احتملوا
اخنى عليها الذي اخني على لبد
قال فصبر على امر عظيم واظلم ما بين عينيه فقال ما احسبهما الا كوفيتين فقال فديتكما الا تسمعان اين بيت الحش فقالت احداهما للاخرى ماذا يقول قالت يقول غنى
اوحش الحنبذان فالدير منها
فقراها فالمنزل المحصور
فقال المضحك ما فهمتا عني وصبر على أشد ما يكون وانفتح بطنه وضاقت حيلته فقال هما البتة مد نيتان فقال فديتكما أين بيت الكنيف فقالت احداهما للاخرى ماذا يقول قالت يقول غني لي
تكنفني الهوي طفلا
فشيبني وما اكتهلا
فقال يا زانيتان أنا اخبركما ما هو فقام رافع ثوبه وسلح عليهما وملأ المجلس فانتبه الهاشمي وقال ويحك ما صنعت قال اقعدت معي هاتين الزانيتين ما يحسبان الكنيف الا الصراط المستقيم فهما ينفسان على بان يدلان عليه قال أفتفسد على ثيابي فقال والله ما افسدت على من بطني أشد مما أفسدت من مجلسك " وأنا " اختم هذا الفصل بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكناية عن الاحداث في الشوارع وطرق المارة وهو قوله عليه الصلاة والسلام اتقو الملاعن وأعدوا السبل
الباب الرابع الكناية عن المقابح والعاهات والمثالب
" الفصل الأول في القبح والسواد "
إذا كان الرجل قبيح الخلقة مشوه الصورة قيل في الكناية عنه له قرابات باليمن لان القرود تكثر بها " ومن مليح " الكناية عن القبح قول أبي نواس
وقائلة لها في وجد نصح
علام هجرت هذا المسهاما
فكان جوابها في حسن مس
أأجمع بين هذا والحراما
وهذا كقولهم حشفا وسوء كيله.. فاذا كان شديد الادمة مع الدمامة قيل كأن وجهه قمر الثلاثين..ويستحسن لنصيب قوله في الكناية عن سواد بناته في كلام خاطب به عمر بن عبد العزيز ياأمير المؤمنين قد بليت ببنات لي أنفقت عليهن من ضيفي فكسدن فرق له ووصله وفي نصيب قيل
أخ لي من بني حام بن نوح
كان جبينه حجر المقام
" ويحكى " في قصة طويلة لسكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهم انما أمرت باخراج الفرزدق عن دارها وقالت والله انه لا يدخل علي حتى يشيب الغراب فتلطف الفرزدق واحتال وقال لنصيب هل لك أن تدخلني عليها وتأخذ صلتها قال نعم فأستأذن الحاجب لنصيب فاذنت له ودخل الفرزدق على أثره فلما رأته سكينة قالت ياخبيث قد خنتني فقال ياسيدتي قد قلت حتى يشيب الغراب وهذا والله الغراب قد شاب أراد سواد وجهه وبياض شعره فقال نصيب قد علمت انه لا يريد بي خيرا ثم كفرت عن يمينها وأجزلت صلتهما ولم يكن أحد عن الممدوح الاسود بأحسن وأبدع من كناية المتنبي عن سواد كافور الاخشيد بقوله
فجاءت بنا انسان عين زمانه
وخلت بياضا خلفها واماقيا
فانه جمع الي حسن الكناية حسن التنبيه وجودة التفضل وابدع ما شاء
" فصل في الثقل والبرد "
حدثني أبو جعفر محمد بن موسي الموسوي قال دخلت يوما إلى الشيخ أبي نصر بن أربد ببخاري وعنده علوي مبرم تأذى بطول جلوسه وكثرة كلامه فلما نهض قال لي أبو نصر ابن عمك هذا خفيف على القلب فقلت له نعم مساعدا له على رأيه فتبسم ضاحكا من قولي وقال لي أراك لم تفطن للغرض فما ذلت أفكر حتى وقع لي انه أراد خفيفا مقلوبا وهو الثقيل وهذا المعنى أراد سعد دوست بقوله
وأثقل من قد زراني وكأنما
تقلب في أجفان عيني وفي قلبي
Bogga 71
فقلت له لما برمت بقربه
أراك على قلبي خفيفا على القلب
وكان الناصر العلوي الاطروش إذا كلمه الانسان فلم يسمعه قال له يا هذا ارفع صوتك فان بادني بعض ما بروحك يكنى عن الثقل " ونظر " بديع الزمان إلى انسان بارد طويل فقال أقبل ليل الشتاء فاته طويل بارد " ودخل " ابن ابي أيوب إلى ابن حدار يعوده وقد اقشعر فقاله ما تجد فديتك قال أجدك يكنى عن البرد
" فصل " في الكناية عن الداء الذي لا دواء له الا بمعصية الله
يقال فلان يخبأ العصا وفلان عصي موسى لانها تلقف ما يأفكون وفلان يخبأ العصى في الدهليز الاقصى " وحدثني " أبو نصر سهل بن المرزبان قال قال بغض بني هاشم لابي العيناه بلغني انك تخبأ العصى فقال له وتدعونها تظهر وانشدني الطبري لنفسه في اللجام
رأيت للجام في خلقه
للشعر تطبيقا وتجنيسا
تخوة فرعون ولكنه
جانس في حمل العصي موسى
وغش ابليس ولكنه
خالف في السجدة ابليسا
ويقال فلان ممن يخر للاذقان " وهو " اسجد من هدهد وفي ذلك يقول بعض العصرين
أرسلت في وصف صديق لنا
ماحقة الكنية بالمسجد
في الحسن طاووس ولكنه
اسجد في الخلوة من هدهد
وفلان غراب لانه يوارى سوءة أخيه قال منصور الفقيه
ان في امر أحمد بن الطحاو
ى وفي امر عرسه لعجابا
طلقت نفسها عشية زفت
واباحته خمرها والثيابا
قيل ما باله فقالت غراب
هل شرطتم على بعلا غرابا
ومن ملح الصاحب في هذه الكناية قوله ويروى لغيره
له قراح في سراويله
يزرع فيه قصب السكر
" وقوله "
قد حضر الجامع مع رقة
احدثها العالم في دينه
والله ما يحضره مسرعا
الا ارتياحا لا ساطينه
" وقوله "
شاهدته بالامس قد حمل العصى
فسألته عنها ليوضح عذرا
فاجابني اني بها متشايخ
هذا ولي فيها مآرب أخرى
" وقوله "
والله ما أتخذ الكتابة حرفة
الا لحب الدرج والافلام
وأنشدني الاستاذ الطبري لنفسه من قصيدة
وقال انا المليك فقلت حقا
بقلب اللام نونا في الهجاء
ولم أر من أداة الملك شيئا
لديك سوى احتمالك للواء
وأنشدني أيضا من أخرى
فلم تضحى على الاسلام سيفا
وأنت كما علمت من العمود
وتزهد في الصلاة وفي ذويها
ولكن لست تزهد في السجود
ويروي ابن الاحوص نظر إلى الفرزدق وهو على بغل فقال له يا أبا فراس بغلك على خمس فقال الخامسة احب اليك وكان الاحوص يرمي بالابنة " ومن " جيد التعريض بها قول عمرو بن بابة
أقول وقد مر عمرو بنا
فسلم تسليمة خافية
لئن تاه عمرو بفصل الغنى
لقد فضل الله بالعافية
" فصل في الكناية عن البرص "
كان جزيمة ابرص فكنى عنه بالوضاح والابرش ولما برص بلعا بن قيس قيل له ما هذا فقال سيف الله جلاه ويروي حلاه بالحاء وتشديد اللام " وممن " كنى عن البرص بالوضح رجل من بني نهشل حيث قال
نفرت شودة مني اذ رأت
صلع الرأس بجلدي والوضح
هو زين لي في الوجه كما
زين الطرف تحاسين الفرح
وقال ابن حسا في الكناية عنه بالبياض
لا تحسبن بياضا فيه منقصة
ان اللهاميم قي أقرانها بلق
" ولبعضهم "
أخو لخم أعارك منه ثوبا
هنيئا بالقميص لك الاجد
وأخو لخم هو جذيمة الابرش وكان رجل أبرص اليد يخضبها ليكون أخفى لمل بها فسئل غلامه عما يصنع فقال يداوي العاج بالمزاج
" فصل في الكناية " عن عدة عاهات
يكنى عن الاعمي بالمحجوب وفي ذلك يقول عثمان بن الوليد بن عتبة
لعمري لئن أمست على عماية
لقد رزىء الابصار قبلي الاكارم
وقد عاش محجوبا أمية وابنه
أبونا أبو عمرو وحرب وهاشم
Bogga 72
ولما أراد للمتوكل أبا العيناء على منادمته فال له يا أمير المؤمنين أنا محجوب والمحجوب يجور قصده ويقبل على من لا يقبل عليه وكل من في مجلسك يخدم وأتا أحتاج أن أخدم فيه " ويكنى " عن الاعور بالممتع وعن الذي في عينه نقطة بياض بالكوكبي والمكوكب وعمن بوجهه أثر بالمشطب " وما " أحسن ما كنى عوف بن محلم عن الصمم بقوله
ان الثمانين وبلغتها
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
" فصل في البخل "
يكنى عن البخيل بالمقتصد ويقال فلان نظيف المطبخ وفلان نقي القدر قل الشاعر
بيض المطابخ لا تشكو إمائهم
طبخ القدور ولا غسل المناديل
" وقال آخر
مطبخ داود في نظافته
أشبه شيء بعرش بلقيس
ثياب طباخه إذا اتسخت
أنقى بياضا الفراطيس
أبو نواس
رأيت قدور الناس سودا من الصلى
وقدر الرقاشبين بيضاء كالبدر
وقال الجماز لرجل رحم الله أباك فقد كلن نظيف منديل الخوان قال الاستاذ الطبري
فتى محتصر المأكو
ل والمشروب والعطر
نقى الخبز والقص
عة والمنديل والقدر
قليل النمل والذبان
والجرذان والهر
وفي ذكر قلة الجرذان تقول اعرابية لبعض الخلفاء أشكو قلة الجرذان فقال ما أحسن هذه الكناية لاكثرن جرذانك وأمر لها بطعام كثير ومال ومن نادر الكناية عن البخل بالطعام قول حمير وقد سئل عمن يحضر مائدة محمد بن يحيى فقال أكرم الخلق والأمهم يعنى الملائكة والذباب وليس بالبارد قول حماد عجرد
زرت أمرأ في بيته ما جدا
له حياء وله خير
يكره أن يتخم أضيافه
ان اذى التخمة محذور
ويشتهي أن يؤجروا عنده
بالصوم والصائم مأجور
ومن ذلك قول الآخر
على أبوابه أي وجه
قصدت له أخو مر بن اد
ومما يستحسن في هذا الباب قول ابن طبا طبا العلوي
وكاتب حاسب ان رمت ملتمسا
ما في يديه إذا ما رحت مجتديه
أضاف تسعين تقفوها ثلاثها
إلى ثلاثة آلاف وتسعمايه
وقوله في هذه الكناية بعينها
ان رمت ما في يديك مجتديا
أوجئت أشكو اليك ضيق يدي
عقدت لي باليسار أربعة
مقبوضة سبعة من العدد
" فصل في الكناية " عن جملة من المعائب والأخلاق المذمومة
إذا كان الرجل جاهلا قيل فلان من المستريحين لقولهم استاح من لا عقل له " فاذا كان " سليم الناحية ابله قيل فلان من أهل الجنة لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أكثر أهل الجنة البله " فاذا كان " أحمق قالوا نعته لا ينصرف وأنشدني " أبو الحسن الشهرزوري قال أنشدتي أبو الحسن اللجام لنفسه في ابن مطران الشاشي لما صرف عن بريد الترمذية
قد صرفنا وكل من
قبلنا فهو منصرف
وصرفنا بشاعر
نعته ليس ينصرف
فاذا كان فضوليا داخلا فيما لا يعنيه متكلفا مالا يلزمه قالوا هو وصي آدم وقد توضع هذه الصفة موضع المدح كما قال الشاعر
وكات آدم حين حم حمامه
وصاك وهو يجود بالحوباء
ببليه أن ترعاهم فرعيتهم
وكفيت آدم غلة الابناء
فاذا كان وقحا قالوا هناك درقة وحدقة ووجنة مطرقة " وهذه " اللفظة للصاحب من كتاب له إلى ابي العباس الضبي في ذكر ابي الحسن الجوهري الشاعر فاذا كان قليل الدماغ قالوا فلان فارغ الغرفة قال الشاعر
صاحبنا احواله عاليه
لكنما غرفته خاليه
فاذا كان كثير الطيش قالوا احضر معه وتدا " فاذا " كان كذوبا قالوا الفاختة عنده ابو ذر وهذه اللفظة عذبة من ملج الصاحب ولم اسمع في معناها احسن وابلغ منها لان الفاخته يضرب بها المثل قال الشاعر
اكذب من فاخته
تقول وسط الكرب
والطلع لم يبدلها
هذا اوان الرطب
وابو ذر الغفاري من يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما أظلت الخضراء وما اقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر " ومن " كناياتهم عن الكذب فلان يلطم عين مهران " ومهران " رجل يضرب به المثل في الكذب " فاذا " كان ملولا قيل فلان من بقية قوم موسى كما قال
Bogga 73
اراك بقية من قوم موسى
فهم لا يصبرون على طعام
فاذا كان كثير التكلف والبذخ قالوا فلان يكثر الزعفران يشبهونه بالقدر المتكلف لها فاذا كان جميل المنظر ولا طائل عنده قالوا فلان فلوذج السوق قال الحجاج
وكما صديق يروق عيني
في قالب الحسن واللباقة
ليس له في الجميل رأي
ولا يفعل الجميل طاقة
كانه في القميص يمشي
فلوذج السوق في رقاقة
" فاذا " كان الردئ الخط قالوا فلان خطه خط الملائكة لان اجود الخط ابينه وارداه على الضد وخط الملائكة غير واضح للناس " وسمعت " ابا القاسم بن الحسن الطراني الفقيه يقول سمعت ابا محمد يحيى بن محمد العلوي يقول انما قيل ذلك لان اردأ الخط الرقم وخط الملائكة رقم كما قال الله تعالى كتاب مرقوم يشهده المقربون " فاذا كان " لقيطا لا يعرف له اب قالوا هو من تربية القاضي ومن موالي النبي صلى الله عليه وسلم لان القاضي يأمر بتربية اللقطاء والانفاق عليهم من اللقط على اعمال البر والنبي صلى الله عليه وسلم يقول انا مولى من لا مولى له وهذا المعني اراد ابا نواس بقوله
وجدنا الفضل اكرم من رقاش
لان الفضل مولاه الرسول
ويحكى ان رجلا يتهم بالدعوة قال لابي عبيدة لما اتهم بكتاب المثالب أتسب العرب جميعا قال وما يضرك أنت من ذلك يعني انه ليس منهم " فاذا " ادعى النسب في هاشم وهو دعى قالوا هو ابن عم النبي من الدلدل وهي بغلته اي قرابة ما بينهما كقرابة ما بين النبي وبين البغل وفي ذلك يقول ابو سعد دوست
فديتك ما أنت من هاشم
وما أنت من احمد المرسل
فان قلت أني ابن عم النبي
فانت ابن عم من الدلدل
واملح ما سمعت في الكناية عن الدعوة وكذب النسبة قول ابي الفتح كشاجم
شيخ لنا من مشايخ الكوفة
نسبته في العراق موصوفة
اي مزورة لان المزورة موصوفة للعليل " فاذا كان " ملحدا قالوا فلان حر وهو من الاحرار يكنون عن انه خارج عن ربقة الشريعة " وربما " كنوا بالخراط اذ يقال لكلاب مكة الخراطة لان تخرط قلائدها وغدرها فكان الملحد بلا دين كما ان كلاب مكة بلا غدر " ولابي " دلف الخزرجي قصيدة في مناكاة بني ساسان ووصف طبقاتهم وفيها في ذكر ملحديهم
رجال فطنوا للنقل
والاعلال والامر
خليجيون ما حاضوا
ولا باتوا على طهر
الخليجي الذي لا يغسل استه ما حاضوا اي ما تطهروا رأوا من حكمة خرط القلادات مع الغدر واهل بغداد يقولون لمن ألحد فلان قد عبر يعنون انه قد عبر جسر الاسلام وقيل لبعضهم هل عبرت فقال ولدت في ذلك المكان يكنى عن انه لم يزل كذلك فاذا كان نذلا خسيسا قيل هو ثامن أصحاب الكهف لان الله تعالى يقول في قصتهم وثامنهم كلبهم " فاذا " كتنوا في عداد البهائم والانعام قالوا كما قال الشاعر
الست من ذكر الذي ذكره
في سورة الجمعة والنحل
يعني قول الله تعالى في سورة الجمعة كمثل الحمار يحمل اسفارا " وفي " سورة النحل والخيل والبغال والحمير لتركبوها " فاذا كل " اكولاتهما قالوا فلان ملتهب المعدة وكان في أحشاءه معاوية " فاذا كان " سيئ الادب في المؤاكلة قالوا تسافر يده على الخوان ويرعى ارض الجيران " فاذا كان " خفيف اليد في الطر والسرقة قالوا هو أخذ يد القميص ويد القميص هو الكم والسارق يقص كمه ويخففه ليكون أقدر على عمله قال الفرزدق في عمرو بن هبيرة
أوليت العراق وساكنيه
فزاريا أخذ يد القميص
وقال ايضا هو من ابيات المعاني
أظنك مفجوعا بربع منافق
تلبس أثواب الخيانة والغدر
وانما كنى عن ان يمينه تقطع فيذهب ربع اطرافه " فاذا كان " غير نظيف البدن مغفلا لتعهده قالوا فلان أظفار حمى وازرة مرعي ومستجاد لابي نواس قوله
من ينأ عنه مصاده
فمصاد زنبور ثيابه
" وللصاحب "
وحوشه ترتع في ثوبه
وظفره يركب للصيد
" ومن " كنايات العامة في هذا المعنى قولهم يعرض الجند " وقذ " أجاد سعيد بن حميدفي الكناية عن الصنان بقوله البي هفان
أمسى يخوفني العبدي صولته
وكيف آمن بأس الضيغم الهصر
Bogga 74
من ليس يحرزني من سيفه أجلى
وليس يمنعني من كيده حذري
له سهام بلا ريش ولا عقب
وقوسه أبدا عطل من الوتر
فكيف آمن من القى له عرضا
وسهمه صائب يخفى عن البصر
وسمعت بعض العجائز تكنى عن الصنان برائحة الشباب " فاذا كان " قوادا قالوا فلان يجمع شمل الاحباب وفلان يأتي الحبيب " وقد يكنى " به أيضا عن الرقيب " فاذا كان " حاذقا قالوا فلان حاذق بالقيادة يجر واحدا بشعرة ويؤلف ما بين الضب والنون " فاذا كان " اما حسن اللبة واما حسن الصورة وليس وراءه حاصل ولا لديه طائل قالوا ليس وراء عبادان قرية أنشدني الاستاذ الطبري لننفسه في أبي سعد دوست بن ملة الهروي
أبو سعد له ثوب مليح
ولكن حشو ذاك الثوب خريه
فان جاوزت كسوته اليه
فليس وراء عبادان قرية
فاذا كان لغير رشدة قالوا ابوه قصير الحائط قال الصاحب من ابيات
فمهد على نصبه عذره
فحيطان دار ابيه قصار
فاذا كان به جنة قالوا فلان مكتوب القميص لان المجنون قد يكتب على قميصه لا يباع ولا يهب وفي الكناية عن الكشحان يقول أبو سعد بن دوست
ومخالف للحق غير محالف
للصدق عبد تناظر وحجاج
ترك الحجاج إلى اللجاج فقلت يا
رجز الدجاج ومنزل الحجاج
وسمعت ابا الفضل عبد الله بن احمد الميكالي يقول قال أبو عبيدة العارضة كناية عن البذل يقال فلان شديد العارضة والاقتصاد كناية عن البخل فاذا قالوا غلامك مستعص فتلك كناية عن الجور وقال شريح الحد كناية عن الجهد والمشقة
" فصل في الكناية " عن ذم الشعراء والشعر
إذا كان الرجل متشاعرا غير شاعر قالوا فلان نبي الشعر لان الله تعالى يقول في نبيه صلى الله عليه وسلم وما علمناه الشعر وما ينبغي له قال مخلد الموصلي
يا نبي الله في الشع
ر ويا عيسى بن مريم
أنت من أشعر خل
ق الله ما لم تتكلم
يغنون قول الشاعر
الشعرا فيما علمنا اربعة
فشاعر يجري ولا يجري معه
وشاعر ينشد وسط المجمعه
وشاعر من حقه ان تسمعه
وشاعر من حقه ان تصفعه
واياه عني من قال
يا رابع الشعراء فيم هجوتني
أحسبت اني مفحم لا أنطق
ولبعض أهل العصر
قولا لشاعرنا الثقيل الأول ال
مربى بطلعته على الرقباء
يا ثاني الموت الزؤام وثالث
حسين انك رابع الشعراء
فاذا كان بارد الشعر قالوا فلان من آل الصيف قال الجماز في ابي السمط
ان ابا السمط؟؟
وشعره من آله الحر
طوبى لمن في الصيف يروى له
خمسة ابيات من الشعر
وقال ابن وريق الكوفي في شعر الصولي
داري بلا خيش ولكنني
أعقد من خيشي طاقين
دار إذا ماشتد حري بها
أنشدت للصولي بيتين
وقال احمد بن طاهر في الفتح بن خاقان وقد اعتل من حرارة
ما دواء الامير فتح بن خاقا
ن؟؟ هذا الزمان
ودواء الامير ان ينشدوه
بعض ما؟؟ أبو هفان
وقيل للعتابي قد فلج أبو مسلم الخلق فقال لعله أكل من شعره " واجتمع " قوم من الشعراء على فالوذجه حارة فقال أحدهم للأخر منهم كأنها مكانك من النار فقال يصلحه بيت من شعرك " وقيل " للاستاذ طبري شعر فلان؟؟ ولكن كماء البئر في الصيف وانما أخذه من قول ابن الرومي
أنت عندي كماء بئرك في الصيف
ثقيل؟؟ برد شديد
" وأنشدتني " أبو الحسن الحميري لنفسه في الكناية عن شعر ردى غير سائر
لنا صديق شعره داجن
لا يألف الاسفار والغربة
لكنني اسمعه راعيا
لحقه في قدم الصحب
" فصل في السؤال والكدية "
Bogga 75
أول من كنى عن السؤال خالد بن برمك وكان عبد الله بن شريك النميري صار اليه في جماعة من أهل السوتات يستمحونه وكان الزوار يسمون السؤال فقال خالد انا والله استقبح لهم هذا الاسم وفيهم الاشراف والاجواد ولكنما نسميهم الزوار فقال له عبد الله والله ما ادرى اميرتنا منك أجل أو صلتنا أم تسميتنا وقال في ذلك يزيد بن خالد الكوفي المعروف بابن حبيبات
حذا خالد في جوده حز وبرمك
فمجد له مستطرف وأثيل
وكان بنو الاعدام يعزون قبله
إلى اسم على الاعدام فيه دليل
يسمون بالسؤال في كل موطن
وان كان فيهم نابه وجليل
فسماهم الزوار سترة عليهم
وذلك من فعل الكرام نبيل
وذكر الصولي هذا الخبر لغير خالد باسناد له ان المساور بن النعمان لما ولي كور فارس أتاه الناس فقيل له قد اجتمع سؤالك فقال ما أقبح هذا من اسم هؤلاء الزوار فسموا به من ذلك اليوم وفيه يقول زياد الاعجم
ان المساور أعطي في عطيته
سؤاله أحسن الاسماء للبشر
كانوا يسمون سؤالا فصيرهم
دون البرية زوار ولم يجر
ويقال فلان من أصحاب الجراب والمحراب وفلان من قراء سورة يوسف لان قراء السؤال يستكثرون من قراءتها في الاسواق والمجامع والجوامع لانها أحسن القصص قال محمد بن وهب
لئن كنت بالاشعار والنحو حافظا
لقد كنت من قراء سورة يوسف
ويقال فلان خليفة الخضر إذا كان جوالا في الاسفار جوابا للبلاد في الكديه " وقد " يوصف بهذه الكناية من تكثر نهضاته وتتصل حراكاته وان لغير الاستماحه ورؤي بعضهم يسأل في قرية فقيل له ما تصنع فقال ما صنع موسى والخضر يعني انهما استطعما أهل قرية " وحدثني " نصر بن سهل بن المرزبان قال ولد لابي العيناء ابن فاتاه ابو علي البصير مهنئا له فقال اي وقت فارق امه فقال وقت الصبح عند ضرب الدبادب فقال ابو علي ارجو ان يعرفك الله بركته فما أخطى وقته يريد ان السؤال انما ينتشرون في ذلك الوقت للكديه " ويقال " سأل رجل بعض المتجملين فقال له المسؤل باطننا كظاهرك والبستان كله كرفس يعني انه كهوفي الخصاصة والحاجة الى السؤال " وكتب " بعض البلغاء في اقتضاء ميرة لرجل فلان مقيم على انتظار جوابه وثمرة ايجابه يكنى عن الصلة بثمرة الايجاب وأحسن جدا " وقلت " انا في الكتاب المبهج من جلب در الكلام حلب در الكرام
" فصل في الكناية عن الفقر وسوء الحال "
" يقال " فلان قد لبس شعار الصالحين اي افتقر " ويقال " فلان رقت حاشية حاله وداره تحكى فؤاد ام موسى ويقرء سورة الطارق اي ليس بري فيها سوي السماء والنجوم " ويقال " جاءنا فلان في قميص قد أكل عليه الدهر وشرب وجبة تقرأ إذا السماء انشقت " وفلان " وطاؤه الغبراء وغطاؤه الخضراء إذا كان لا يستتر من الله بشئ " ودخل " بو الحسن محمد بن عبد الله المعروف بابن سكرة حمام موسى ببغداد فسرقت نعله فقال
تكاتفت اللصوص عليه حتى
ليحفى من يسلم به ويعرا
ولم أقصد به ثوبا ولكن
دخلت محمدا وخرجت بشرا
يعنى بشرا الحافي
" فصل في الكناية عن الصفع "
كان أبو هفان يقول انا لا أمزح الا باليدين والوالدين يكنى عن الصفع والشتم ومن أبلغ ما سمعت في الكناية عن الصفع قول اسماعيل السبحي في أبي نواس
ولما تصدى لاعراضنا
ولم يك في عرضه منتقم
كتبنا الهجاء على أخدعيه
بمزدرج من اكف الخدم
ومما استظرف قول ابن لنك في أبي رياش
أصابعه من الحلواء صفر
ولكن الاخادع منه حمر
" وقوله "
لم أقبل فاه لكن
قبلت كفى قفاه
واستحسن قول منصور الفقيه
يا من يراني والبرية
كلها في العلم دونه
صن ما تزر عليه طو
قك ان بدا لك ان تصونه
واستجيد ما أنشدنيه أبو بكر الخوارزمي لبعضهم في انسان وقح صفعان
سلاحه في وجهه
وماله في هامته
فكل ما يملكه
يجمع في عمامته
وما ألطف قول السرى الموصلي في الكناية عن الصفع
قوم إذا حضر الملوك وفودهم
نفضت عمائمهم على الابواب
Bogga 76