الْغسْل لمن دخل مَكَّة بَين من أحرم بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة أَو يحرم الْبَتَّةَ وَقد نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم أَن من لم يحرم يغْتَسل وَاحْتج بِأَنَّهُ ﵊ عَام الْفَتْح اغْتسل لدُخُول مَكَّة وَهُوَ حَلَال يُصِيب الطّيب نعم قَالَ الْمَاوَرْدِيّ الْمُعْتَمِر إِذا خرج من مَكَّة فَأحْرم واغتسل لإحرامه ثمَّ أَرَادَ دُخُول مَكَّة نظر إِن كَانَ أحرم من مَكَان بعيد كالجعرانة وَالْحُدَيْبِيَة اسْتحبَّ الْغسْل لدُخُول مَكَّة وَإِن أحرم من التَّنْعِيم فَلَا لقُرْبه قَالَ ابْن الرّفْعَة وَيظْهر أَن يُقَال بِمثلِهِ فِي الْحَج وَالله أعلم
وَمِنْهَا الْوُقُوف بِعَرَفَة وَيسْتَحب أَن يغْتَسل لِأَن عمر ﵄ كَانَ يَفْعَله وَحكى ابْن الْخلّ ذَلِك عَن رَسُول الله ﷺ وَلِأَنَّهُ مَوضِع اجْتِمَاع فَيسنّ فِيهِ الإغتسال كَالْجُمُعَةِ وَمِنْهَا الرَّمْي أَيَّام التَّشْرِيق يغْتَسل لكل يَوْم غسلا فَتكون الأغسال ثَلَاثَة لِأَنَّهُ مَوضِع يجْتَمع فِيهِ النَّاس فَيسنّ فِيهِ الْغسْل كَالْجُمُعَةِ وَلَا يسْتَحبّ الْغسْل لرمي جَمْرَة الْعقبَة لقربة من غسل الْوُقُوف بِخِلَاف بَقِيَّة الجمرات لبعدها وَأَيْضًا فوقت الجمرات الثَّلَاث بعد الزَّوَال وَهُوَ وَقت تهجر وَلِهَذَا يكون الْغسْل لَهُنَّ بعد الزَّوَال وَالله أعلم
وَمِنْهَا يسن الْغسْل للطَّواف وَلَفظ الشَّيْخ يَشْمَل طواف الْقدوم وَطواف الْإِفَاضَة وَطواف الْوَدَاع وَقد نَص الشَّافِعِي على اسْتِحْبَاب الْغسْل لهَذِهِ الثَّلَاثَة فِي الْقَدِيم لِأَن النَّاس يَجْتَمعُونَ لَهُ فَيُسْتَحَب لَهُ الِاغْتِسَال والجديد أَنه لَا يسْتَحبّ لِأَن وقته موسع فَلَا تغلب فِيهِ الزحمة بِخِلَاف سَائِر المواطن كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَشرح الْمُهَذّب وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام الْمِنْهَاج لِأَنَّهُ لم يعد إِلَّا أَنه فِي الْمَنَاسِك قَالَ يسْتَحبّ الْغسْل للثَّلَاثَة وَيشْهد للجديد وَهُوَ عدم الِاسْتِحْبَاب مَا رَوَت عَائِشَة ﵂ أَن النَّبِي ﷺ أول شَيْء بَدَأَ بِهِ حِين قدم مَكَّة أَنه تَوَضَّأ ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ وَكَذَا التَّعْلِيل وَالله أعلم
وأهمل الشَّيْخ أغسالًا مِنْهَا الْغسْل من الْحجامَة وَالْحمام قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرُونَ لم يذكروهما قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْمُخْتَار الْجَزْم باستحبابهما وَقد نقل صَاحب جمع الْجَوَامِع فِي منصوصات الشَّافِعِي أَنه قَالَ أحب الْغسْل من الْحجامَة وَالْحمام وكل أَمر يُغير الْجَسَد وَأَشَارَ الشَّافِعِي بذلك إِلَى أَن حكمته أَن ذَلِك يُغير الْجَسَد ويضعفه وَالْغسْل يشد وينعشه وَالله أعلم وَيسن الِاغْتِسَال للاعتكاف نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَيسن الْغسْل لكل لَيْلَة من رَمَضَان نَقله الْعَبَّادِيّ عَن الْحَلِيمِيّ وَيسن الْغسْل لحلق العانه قَالَ الْخفاف فِي الصال وَيسن الْغسْل لدُخُول مَدِينَة رَسُول الله ﷺ قَالَه النَّوَوِيّ فِي الْمَنَاسِك وَأما الْغسْل لدُخُول الْكَعْبَة فقد نَقله ابْن الرّفْعَة عَن صَاحب التَّلْخِيص وَهَذَا النَّقْل غلط وَالله أعلم قَالَ
1 / 48